الرئيسة \  مشاركات  \  الناشطون بين الأدوات القذرة والخيّرة

الناشطون بين الأدوات القذرة والخيّرة

16.02.2015
وليد فارس



 يناقش فيلم (Training day) يوم التدريب للمخرج انطوان فوكوا, فكرة أن ينجر الإنسان في استخدام أدوات قذرة من أجل الحصول على هدف سامي, إلى أي حد يمكن ذلك, وماهي الأدوات التي يمكن استخدامها؟, الأهم هل فعلاً يستطيع الإنسان أن يحقق هدفه السامي من خلال هذه الأدوات؟.
لقد تعامل الأسد مع الناشطين بمختلف الأدوات القذرة, اعتقال أخوات الثائرين والاعتداء على أعراضهن, حرق منازلهم, التعذيب عارياً في السجن,... وأخيراً وليس أخراً إطلاق حملات للنيل منهم تستخدم أدق تفاصيل حياتهم, ويشارك فيها بعض الحانقين من المحسوبين على الثورة ممن قصرت ثقافتهم عن استيعاب مايتم تداوله, وساهم في تعزيز هذه الحملات كثرة خيبات الأمل, وتحلّق العقل البشري حول أسباب مادية قريبة لتلك الخيبات.
لازلت أذكر كيف أن كثيراً من الفاعلين غادروا البلاد بعد أن نجحوا بتخليص أفراد من أسرهم من قبضة النظام, ومنهم من ابتعد نحو الصفوف الخلفية –مكتفياً بأعمال فرعية- نتيجة حملات تشويه طالته, ومنهم من قدم استقالته من عمل مفيد كان يمارسه, وغيرها من الأثار التي قام بها الثائرون نتيجة لتلك الممارسات القذرة التي استهدفتهم.
كانت حجج (دنزل واشنطن) -بطل الفيلم المذكور أعلاه-باستخدام أدوات قذرة, أنه يريد أن يحارب الشر, ويوصل المجرمين للعدالة, وكانت تبريراته مقنعة للكثيرين, ورغم أنه حقق بعض العدالة إلا أنه قتل بهذه الأدوات السيئة بعد أن اتسخ فيها حتى النخاع, فلم تعد تفرق بينه وبين المجرمين الحقيقين رغم هدفه السامي.
يستطيع كثير من الثائرون أن يقوموا بحملات عاصفة ضد هؤلاء الذين يقومون بالمشاركة بالتشويش على أعمالهم, ويستطيع كثير من الثائرين اعتقال بعض من شارك في هذه الحملات ويقع في نطاق سيطرتهم, كما أنه يمكن تحريك الكثير من الأدوات من أجل القيام بالوصول إلى توضيح الصورة, أو تحقيق الهدف, واستمرار العمل السامي الذي يقوم به الثائر, لكن في النهاية سيكون الثائر فقد جوهر ثوريته, وهي الانقلاب على القيم الفاسدة, أدواتاً كانت أو أهدافاً, أو أشخاص, ولن أذكر هنا قصص مارتن لوثر كينغ وغاندي, وإن كنت أُذكر بها.
إن في قصص شخصيات مثل نورا الجيزاوي, سهير أتاسي, الشيخ عبد العليم هلال, الشيخ أبو راتب, أبو عزام الأنصاري, أبو سليم, خالد أبو صلاح, العقيد فاتح حسون, عبد الإله فهد, هيثم رحمة, أبو هلال الدروش, أبو ثابت حاكمي, عبد القادر جمعة... وأخرون كثر لا يتسع المكان لذكرهم, في قصص هؤلاء تتجسد أجمل معاني التشبث بالأدوات الخيّرة, وطريق الصواب في الرد على النظام, ومن أراد النيل منهم.
إن الرد الأقصى على اعتقال, تشريد, تشهير, محاربة, هؤلاء الثائرين...أتى من خلال استمرارهم في أعمالهم, والمضي قدماً دون الالتفات لإعدائهم الذين ماتوا حسرة ولا يزالون, أمام هممهم العالية, وروحهم الطيبة, وأدواتهم التي لابد أن تنتصر.
من قلب عاصمة الثورة السورية, ومن شارع في أخره قناص قذر, تحية... لكل الناشطين, والثائرين الماضين قدماً حتى اسقاط النظام