الرئيسة \  واحة اللقاء  \  النظام أم المعارضة.. أم الجيش السوري؟

النظام أم المعارضة.. أم الجيش السوري؟

07.09.2014
منار الرشواني



الغد الاردنية
السبت 6-9-2014
مع تقديم كل من نظام بشار الأسد والمعارضة المسلحة نفسيهما باعتبار أن كل واحد منهما هو الحليف الأمثل للغرب في مواجهة تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، يثور جدل سياسي وإعلامي في الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين، أصحاب القرار النهائي هنا، بشأن من عليهم الاختيار من الطرفين الراغبين بشدة في المساعدة.
والحقيقة أن الحجج "الوجيهة" التي يسوقها كل فريق لتدعيم وجهة نظره تدفع مجتمعة، على تناقضها البدهي والطبيعي، إلى استنتاج وحيد مؤكد، وهو أن كلا الخيارين غير صائب، ولربما مدمر على المدى الأقل من متوسط، ناهيك عن المدى البعيد، للمنطقة والعالم ككل. ففيما تفتقر المعارضة المسلحة إلى قيادة موحدة، أو حتى بضع قيادات تضم أغلب الفصائل المقاتلة؛ فإن التحالف مع نظام الأسد لن يكون إلا إعادة إنتاج لحقبة نوري المالكي في العراق. وهو ما سيؤدي، ووفق أفضل السيناريوهات، إلى كسب بعض الوقت إلى حين انفجار التطرف بشكل أشد وأكثر بشاعة، غالباً بما يتجاوز حدود سورية، ولربما مباشرة إلى أوروبا وأميركا اللتين سيتم اعتبارهما مسؤولتين عن "انتصار" الأسد، والذي لا يقبل إلا أن يكون انتصاراً يقوم على استئصال كل معارضيه، كما الإبادة الجماعية للمدنيين، لحين إعادة إنتاج استبداد وفساد ما قبل العام 2011 على الأقل!
ورغم هذه الحيرة، فإن ثمة فرصة، لا يكاد أحد يتحدث عنها، تسمح وحدها بالحصول على مزايا نظام الأسد والمعارضة السورية المسلحة في وقت واحد، في مواجهة "داعش"؛ التنظيم والفكر المتطرف. وتتمثل هذه الفرصة في إعادة إحياء وترميم الجيش السوري كجيش وطني. وهذا يعني، بعبارة واضحة بسيطة، إخراج هذا الجيش من سيطرة الأسد، وبما جعله ميليشيات تدافع عن شخص الأسد، أو ضعيف التدريب والتسليح، بحيث غدا وقود معركة ليس إلا، كما تشهد على ذلك معارك الرقة مع "داعش"، حيث تعرض الجنود لأبشع صور الإذلال والقتل. وتالياً لهذا الإحياء ورد الاعتبار، يكون ممكناً، بل وشرطاً، إدماج الفصائل السورية المسلحة لقتال "داعش" ضمن الجيش السوري، بما يمنع لاحقاً فوضى السلاح، بيد المعارضة ومؤيدي النظام، وتكرار السيناريو الذي نشهده الآن في ليبيا ما بعد معمر القذافي.
وإذا كانت استعادة الجيش السوري الوطني تبدو عملية عسكرية في ظاهرها، إلا أن في القلب منها العملية السياسية التي يقر الجميع، باستثناء الأسد وحلفائه ربما، أنها الشرط الأساسي للإجهاز على "داعش" وأمثاله. ذلك أن التحول في الدور العسكري للجيش المسخر حالياً لحماية النظام أو أشخاص فيه، نحو مهمة مواجهة العدو المشترك الممثل في "داعش"، وحماية المواطنين من كل الطوائف بدل قتلهم؛ هذا التحول سيعيد حتماً اللحمة بدرجة ما بين مكونات المجتمع السوري؛ هوية ومصيراً، وبما يعبد الطريق لخطوات سياسية أعمق، لا تنهي المأساة فقط، بل وتحمي الدولة السورية من التفكك.
قد يبدو هذا الحل بحاجة إلى وقت طويل نسبياً للتنفيذ، لكنه في الواقع الطريق الأسرع ضمن بدائل الاستراتيجية التي يقر الجميع بأنها ستأخذ وقتاً طويلاً للقضاء على "داعش" عسكرياً؛ ناهيك عن كونه حلا يمكن أن يجهز على "داعش" عسكرياً وفكرياً، في سورية وخارجها أيضاً، ولربما مرة واحدة وإلى الأبد.