الرئيسة \  واحة اللقاء  \  النظام السوري اليوم: سر استمراره و’قوته’ تكمن في ضعفه

النظام السوري اليوم: سر استمراره و’قوته’ تكمن في ضعفه

04.01.2014
عبد الرحمن شمالية


القدس العربي
الجمعة 2/1/2014
بعد احتلال دولة العراق اتفق نظاما سوريا وإيران على تحويله إلى ساحة جحيم للأمريكان واستخدام كل الوسائل الممكنة لتلقينهم درساً في عدم احتلال أي بلد آخر وبالاخص عدم التفكير في الاقتراب من هذين البلدين بذاتهما. ولذلك قاما بدعم الجماعات المسلحة الطائفية وجماعات التخريب وبعض جماعات المقاومة وبالنتيجة تدمر العراق إثر ذلك من دون أن ننسى السبب الأول وهو الاجتياح الغربي.
وفي 2010 وصف بشار الأســـــد الحكومةَ الإسرائيلية بالمهووسة بإشعال الحرائق ‘Pyromaniac’ بعد عودة بنيامين نتنياهو لرئاستها تزامناً مع تسارع الحديث عن حرب شاملة آنذاك.
يتقمص النظام السوري اليوم ادواره السابقة في العراق والنعوت التي أطلقها على الحكومة الإسرائيلية بمساعدة ومؤازرة مباشرة من إيران. فهو مهووس بإشعال الحرائق على أرضه من دون حس او انسانية او وطنية أو حتى عقل.
وقد تجلى ذلك نظريا وعملياً في مقولة ‘الأسد أو نحرق البلد’ (والتي تبدو الآن الأسد ونحرق البلد). ونرى المسألة الان حيث يحرق النظام بنفسه ارضه ويحول البلاد إلى منطقة جحيم انتقاماً من الثورة التي قامت ضده.
وقد كان عبد الحليم خدام نائب الرئيس السوري السابق قد صرح في يوم من الايام انه زار إيران بصفة رسمية قبل احتلال العراق لكي يناقش معهم وضع العراق آنذاك. وقال إنهم اتفقوا على أفضلية التسامح مع بقاء صدام حسين في الحكم لأن رحيله كان سيولد فراغاً قد تملؤه أمريكا وحلفاؤها. وبنيت نظريتهم على ان صدام قد اصبح مثل الذئب الجريح والذي فقد غالبية قدراته وامكانياته ولم يعد مصدر تهديد فعلي فبقاؤه غدا – لهذه الاسباب – مصلحة ثنائية. هذا الكلام ينطبق على رؤية أمريكا للنظام السوري في الوقت الراهن فهم لا يصفونه للخلاص منه ولا هم يعينونه ويدعمونه.
المثير للسخرية أو الأسى أن النظـــــام ساهم في إضـــــعاف نفسه حتى اصبح لا يشكل خطراً على أحد خارج حدوده. ولعله استعار المقولة اللبنانية: قوته في ضعفه. لكـــــن المفــارقة والمأساة في نفس الوقت – انه لم يُضعف نفسه إلى درجة السقوط وهو الآن يرى دوراً لنفسه في مواجهة القوى التي يسميها العالم إرهابية.
معادلة جهنمية رسمها النظام بخبث فهو مثل من يقول ‘لست قادراً على إيذائكم، لقد أخذتم أسلحتي وبلدي مدمرة، ولكني أيضاً قادر على مساعدتكم في مكافحة الإرهاب’. أو على أقل تقدير هو يقول ‘ببقائي تضمنون عدم سيطرة قوى متطرفة على سوريا قلب المنطقة الأهم استراتيجياً في العالم’. واليوم كل ما يمكن ان يطمح النظام الى تحقيقه بعد أن صار مخصياً هو قضاء أيامه القادمة تحت حماية السلطان الأمريكي!
وبما أن النظام اصبح مترنحا تجد إيران وروسيا مصلحتهما في الاستمرار في دعمه، فهنا تعلمان حاجته الماسة لهما للبقاء ولكن في المقابل ان ساعداه في الاستمرار سيصبح بامكانهما فرض شروطهما ومشاريعهما عليه مستقبلاً في كل المجالات من السياسة إلى الأمن والاقتصاد. وهذه الحالة مضحكة لتوافق مصالح داعميه مع من هم ضده في التأكيد على ضعفه ومأسسة هذا الضعف ولعل الاتفاق الكيميائي بترتيب روسي ورائحة إيرانية خير دليل.
وفي الداخل حرص النظام على اظهار صورتين له، ضعيف أمام الثوار، صامد وقوي في عيون مؤيديه كي لا تنهار معنوياتهم كلياً.
أما من جهة الثورة فكم مرة سمعنا بساعة الصفر؟ وكم مرة انتظرنا أن يسقط النظام بين ليلة وضحاها وحمل الثوار على الاعتقاد بقرب سقوط النظام في دمشق مرات عديدة خصوصاً بعدما تبلور اقتناع بضعف النظام الخارجي. ولكن بعد كل إطباق على دمشق كان النظام يستعيد بعض الزخم في الغوطة وكان يوظف هذا كانتصار تكتيكي يفضي إلى رفع معنويات أهل بيته وتراجع في معنويات الثوار. أما مصطلح ساعة الصفر فقد أمسى داعيا الى التندر في صفوف الثوار أنفسهم. نعم ربما كان النظام يجرنا – أحياناً – إلى ما يرسمه لنا.
وعلى الرغم من ذلك فاللعبة وكما هو واضح لم تسر وفق رغبات النظام وخططه وانقلب السحر على الساحر. ففي النهاية اعتراه ضعف جلي الأمر الذي استدعى تدخل حزب الله والميليشيات العراقية إضافة للقوات الإيرانية وغيرها للدفاع عن النظام ميدانيا.
فلولا هؤلاء لكان سقوط النـــــظام أمراً محسوماً. ولعلنا لا ننسى ما قاله أحد العناصر العسكرية في حزب الله لمجلة ‘تايم’ الأمريكية بأنهم إن لم يقاتلوا إلى جانب الأسد فإنه سيسقط في ساعتين.