الرئيسة \  واحة اللقاء  \  النظام السوري ليس المجرم الوحيد بحق شعبه!

النظام السوري ليس المجرم الوحيد بحق شعبه!

13.02.2014
علي الرشيد


الشرق القطرية
الاربعاء 12/2/2014
عرقلت روسيا جهودا للدفع بمشروع قرار في مجلس الأمن الدولي يهدد بفرض عقوبات على سوريا، ما لم تلتزم بتوفير مدخل غير مقيد لتقديم الإغاثة الإنسانية، وتمثلت هذه العرقلة في عدم حضور جلسة لمناقشته، والتلويح باستخدام حق النقض "الفيتو"، في حال عرضه للتصويت.
تتم هذه العرقلة رغم أن المشروع الذي يفترض أنه سيناقش يوم أمس على مستوى الخبراء في مجلس الأمن لا يتضمن عقوبات زجرية، كما أنه غير ملزم للأطراف المعنية بتنفيذه، غير أنه يترك المجال لمجلس الأمن لاتخاذ قرار بإمكانية التصويت لاحقا على عقوبات فردية ومحددة الهدف بحق من يهددون المساعدات الإنسانية أو يرتكبون أعمال عنف بحق المدنيين. وجلّ ما يطالب به مشروع القرار هو الرفع الفوري للحصار المفروض على عدة مدن سورية محاصرة، ويتحدث عن حمص القديمة ونبل والزهراء في منطقة حلب، إلى جانب مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين في دمشق والعديد من قرى الغوطة في ريف دمشق.
كما يدعو القرار السلطات السورية إلى "الوقف الفوري لأي قصف جوي لمناطق مأهولة"، ووقف استخدام صواريخ سكود والبراميل المتفجرة، معتبرا أن هذه الأساليب تتسبب "بإصابات ومعاناة لا جدوى منها".
من هذه العرقلة الروسية لهذا القرار، وممارسات دولية أخرى يتضح أن النظام السوري ليس هو من يقتل شعبه فقط، أو من يتسبب بمعاناته الإنسانية التي تزداد تفاقما يوما بعد يوم منذ بدء الأزمة في الشام منذ قرابة ثلاثة أعوام، وإنما يشترك في هذه الجرائم أطراف أخرى على المستوى الإقليمي والدولي.
وواضح أنه لم يكن لمعاناة الشعب السوري أن تصل إلى ما وصلت إليه على مستوى التقتيل وإزهاق أرواح المدنيين والتعذيب والتشريد والتدمير وإهانة الكرامة الإنسانية، لو الدعم العلني والمستتر، بكافة الوسائل، لهذا النظام، أو تشجيعه على ما يقوم به أو غضّ الطرف عنه على أقل تقدير، وعدم اتخاذ قرارات واضحة بمعاقبته أو الأخذ على يده.
بعد ثلاث سنوات صارت أرقام المعاناة المتصاعدة مخيفة ولا يقتصر خطرها على الشعب السوري، بل تعدتها إلى دول الجوار والمنطقة، ومن هذه الإحصاءات الحديثة التي صدرت عن منظمات أممية ودولية وغيرها.. على سبيل المثال لا الحصر:
 نحو 9.3 مليون سوري، أو قرابة نصف سكان البلاد يحتاجون للمساعدة، وفق تصريح مسؤولة المساعدات بالأمم المتحدة فاليري آموس.
 أكثر من 136 ألف شخص قتلوا منذ بداية ثورة الشعب السوري في مارس 2011، وفق تقديرات المرصد السوري لحقوق الإنسان.
 عدد اللاجئين السوريين المسجلين ارتفع خلال عام 2013 من 500 ألف إلى أكثر من 2.3 مليون شخص، منهم ما يقرب من 1.2 مليون طفل لاجئ، وبحلول نهاية عام 2014، تقدر المفوضية حاجة 4.1 مليون لاجئ سوري إلى المساعدات، ويشمل ذلك مليوني طفل.
إذاً من حقّ الشعب السوري الذي يقاسي ويعاني منذ ثلاث سنوات ألا يقتصر في توجيه أصابع الاتهام إلى نظام الأسد فقط، أو يطالب بمحاكمته وحده، على الجرائم التي اقترفتها يداه، بل يفترض منطقيا أن يتعدى ذلك إلى كل أعوانه وشركائه، وكل من تغاضى على جرائمه وهو قادر على لجمها أو الحد منها.
وإذا بات في حكم المعروف أن النظام الإيراني والفصائل والميليشيات التي تدور في فلكه أو تأتمر بأمره في العراق ولبنان شركاء في ذبح وإيذاء ومعاناة الشعب السوري بصورة واضحة ومباشرة، وبكافة الوسائل الأمنية والعسكرية والاقتصادية والدبلوماسية، وقريب منها سلوك النظام الروسي، فإن المطلوب فضح الأداء الأمريكي والغربي وأداء بعض الدول الأخرى، التي تسببت بصورة غير مباشرة فيما لحق ويلحق الشعب السوري حتى الآن من آلام وإصابات كبيرة.
هذا الأداء هو سبب استمرار الأسد في قصف المدنيين بالبراميل المتفجرة حتى إبان مفاوضات جنيف  2، واستمرار محاصرة المدن والمخيمات وتجويع شعبه منذ 300 يوم، وحتى الآن، وتواصل عمليات النزوح واللجوء، ومسلسل الدم جراء ذلك، وقبل ذلك استخدام الأسلحة الكيمائية وغازات الأعصاب، واعتقال وتعذيب عشرات الآلاف من السوريين وكثير منهم ناشطون سلميون.
وللتدليل على ذلك لا يبدو أن الرعاة الدوليين قادرون أو لا يرغبون، كما تشير الدلائل على إجبار النظام على الالتزام ببنود مفاوضات جنيف، والتي تقضي بتشكيل سلطة حكم انتقالية كاملة الصلاحيات، بل لم يستطيعوا حتى إجباره على إطلاق سراح المعتقلات السياسيات أو الأطفال، رغم فضيحة التعذيب التي كشفت عنها أفلام وشهادات موثّقة على أعلى المستويات، فيما تسير عمليات إدخال الطعام إلى بعض المناطق المحاصرة، وإخراج الحالات الإنسانية منها بصورة مخجلة كمشية السلحفاة، دون أدنى نيّة للنظام بفك حصاره الخانق عنها.
التاريخ يسجل، والشعب السوري لن ينسى، وبكل تأكيد فإنه سيحاسب في الأمدين العاجل أو الآجل كل من تسبب في المعاناة التي لا يزال يئن تحت وطأتها حتى الآن.