الرئيسة \  واحة اللقاء  \  النظام السوري وتنظيم داعش وجهان لعملة واحدة

النظام السوري وتنظيم داعش وجهان لعملة واحدة

26.10.2014
اليوم السعودية



السبت 25-10-2014
يتضح كما يؤكد خبراء الشؤون السياسية والعسكرية في الشرق والغرب، أن استمرارية الضربات الجوية من قبل الولايات المتحدة وحلفائها ضد مواقع الارهاب في العراق وسوريا قد لا تُؤتي أكلها على الأمدين القريب والبعيد ان ظلت مفتوحة لفترات غير محدودة، وان لم تحقق تغييرا مشهودا على الأرض لا سيما أن تنظيم - داعش - الارهابي ما زال يتشدق بأنه ماض لدعم قيام دولته المزعومة، من خلال ادخال الوهم لقوات الحلفاء بأن – معركته الفاصلة الكبرى – في بغداد أضحت وشيكة من جانب، وأنه ماض في ذات الوقت لاجتياح الشمال السوري في طريقه للدخول الى دمشق من جانب آخر، رغم تأكيدات العراق والحلفاء أن الاجراءات الحاسمة كفيلة باحتواء تحركات داعش وافشالها، وهذا التشدق قد لا يهدد النظام السوري لأنه – أي النظام – مهدد في واقع الأمر لدخول تنظيم – داعش – الى الأراضي السورية، وبالتالي فان اسقاط النظام من قبل التنظيم لا يمثل الا ورقة خاسرة لن تنطلي ألاعيبها على الحلفاء، كما أن النظام من جانب آخر نسف أي حل سلمي قد يؤدي الى تسوية مع الجيش الحر من خلال تعاونه الضمني مع طهران وحزب الله ومجموعة من الميليشيات العراقية الارهابية.
وعودة الولايات المتحدة وحلفائها الى العراق مجددا لاحتواء الارهاب لا تزال محصورة في الضربات الجوية وتجنب الانخراط في القتال على الأرض، ويبدو أن هذه العودة المتمثلة في القصف الجوي وحده ضد – داعش – قد يمثل – واجبا – إن صح الوصف بمعيار القيم الغربية، وقد لا يكون كذلك ان دخل في مرحلة – القتل الجماعي – ليتحول الى قتل لمجرد القتل، أي الى عقلية تتمحور مفرداتها داخل – الابادة – وهذا ما يمارس علنا من قبل تنظيم – داعش – ضد المسنين والنساء والأطفال الذين يرفضون مبايعة – الخليفة –، كما هو الحال في عين العرب والأنبار، وقد يقود هذا الوضع الى التساؤل بجدية وحسم عن الأهداف المحورية لشن الغارات الجوية على التنظيم؟. وهل يمكن الركون الى صحة ما يقال بأن القضاء على التنظيم قد يؤدي الى استئصال الارهاب من جذوره؟. وهل هناك ضمان حقيقي لعدم ظهور رؤوس جديدة للعنف والتطرف ان تم القضاء على داعش؟ ويبدو أن هذه الأسئلة المتلاحقة قد لا تحمل أجوبة شافية، إلا إذا بدأت الأطراف الداعمة للارهاب بالتوقف عن أداء أدوارها؛ لزرع بذور التطرف ورعاية نموه في المنطقة، وهي بداية مشكوك في الأخذ بها.
ولا يمكن لتلك الأطراف أن تشرع في عمليات وقف الارهاب لأنها ترى في سريان موجات العنف والتطرف ورقة، تظن أنها رابحة لاستخدامها في صراعاتها السياسية مع الولايات المتحدة وحلفائها، غير أن الأمر يستدعي رغم ذلك الاستمرار في تقليم أظافر الارهابيين ضمن المواجهة العسكرية الحالية من الجو ومساعدة القوى الرافضة للارهاب بالأسلحة والتدريب لمواجهة التنظيمات الارهابية على الأرض، أما ما يقال عن امكانية – التحدث – الى الارهابيين مباشرة كوسيلة لانهاء العنف في العراق وسوريا، كما يذهب الى ذلك بعض السياسيين، فهذا الاتجاه لا يمثل خطوة بديلة عن الخيار العسكري، ولن يحقق النتائج المرجوة منه، فالتفاوض مع تنظيم – داعش – لا يمكن أن يتشابه بكل جزئياته وتفاصيله مع تفاوضات يظن أولئك الساسة أنها مجدية، كما هو الحال مع تفاوضات تبادل الأسرى التي حدثت في نيجيريا مع – بوكو حرام – كمثال، فالوضع مختلف تماما، فالتفاوض مع – داعش – هو مجرد عبث لا طائل منه لأنه لن يؤدي بأي حال من الأحوال الى اتفاق يتطلب الرضوخ لتنازلات متبادلة، فالتنظيم الداعشي مرفوض ليس من قبل المجتمع الدولي فحسب بل من قبل كافة أفراد الشعبين العراقي والسوري؛ لأنه يقوم في الأساس على التطرف وسفك الدماء ومصادرة الحريات.
ان التنظيم الداعشي يسعى لاقامة دولة الخلافة المزعومة على أراض عراقية وسورية، وهو مسلك غير قابل للتفاوض فليس لدى المجتمع الدولي بأسره ما يتنازل له عنه لاقامة هذا الحلم الذي يكاد يقترب من مرحلة – الجنون – أو - الطيش -. ولعل من الغرابة بمكان أن تنبري بعض الأصوات السياسية الغربية لعزف منغومة مهترئة، تقول بامكانية التعامل مع النظام الأسدي رغم علمها يقينا أن – النظام والتنظيم الداعشي – يمثلان وجهين لعملة واحدة، فالمجتمع الدولي لا يزال يركن الى أن النظام السوري هو صورة من صور الارهاب لبطشه بأبناء شعبه، واستخدام الأسلحة المحرمة دوليا لابادتهم، وتلك المعزوفة الملفوظة دوليا وعربيا واسلاميا تحاول التفريق بين – الديكتاتورية والارهاب – أي بين النظام الأسدي وداعش، وكأنها بهذا التفريق اللا عقلاني تبرر حماية النظام من قبل روسيا التي ما زالت تزوده بالأسلحة من جانب، ومن قبل ايران التي تقاتل معه – مباشرة – على الأرض من جانب، ومن قبل اسرائيل من جانب ثالث باستخدامها سياسة – الدبلوماسية الصامتة – ان صح التشبيه لرفضها فكرة تسليح الجيش الحر وتدريبه.
ومهما يكن من أمر فان الحلفاء عازمون على ادارة الأزمة القائمة التي لا يرونها – عالقة – حيال شنهم الحرب على الارهاب، وهم متفقون بالاجماع على أن النظام الأسدي هو الذي مهد لجذب تنظيم داعش للمنطقة، وعليه أن يتحمل مردودات سياساته الموغلة في الأخطاء، ولا يبدو أن التنظيم الداعشي يراهن من خلال محاولاته الفاشلة لإقامة دولته المزعومة على دفع اسرائيل والنظام السوري وايران لتغيير خريطة الشرق الأوسط كما يتكهن بعض الساسة في الغرب، فالملف الكردي بكل تداعياته يحول عمليا دون تحقيق هذ التكهن أو مجرد التفكير في تفاصيله، وما يبدو ظاهرا للعيان بخلاف هذه المسألة – التكهنية – الشائكة هو أن التنظيم الداعشي يحاول تخريب كافة – التعايشات الوطنية – في دمشق وبغداد كطريقة يائسة لاقامة مشروع دولته المزعومة بعيدا عن الهيمنة الايرانية المكشوفة في سوريا أو العراق.