الرئيسة \  واحة اللقاء  \  النهاية المُحتَّمة

النهاية المُحتَّمة

10.09.2013
صالح القلاب


الرأي الاردنية
الاثنين 9/9/2013
لأن «والده» دمَّر في عام 1982 مدينة حماه «عن بكرة أبيها» وقتل فيها نحو أربعين ألفاً فإن بشار الأسد بنصائح المحيطين به مصرٌّ ويواصل الإصرار على فعل ما فعله «أبوه» لكن على مستوى سوريا كلها ظناً منه أنه «ستسلم الجرَّه هذه المرة» أيضاً وأنَّ العالم سيرضخ للأمر الواقع مجدداً وأنَّ حكمه سيصمد كما صمد الحكم الذي وصل إليه بالطريقة المعروفة وهذه تقديرات وقناعات ستثبت الأيام القليلة المقبلة خطأها وسيعرف الظالمون أي منقلب سينقلبون!!
في عام 1982 كان الواقع العربي غير هذا الواقع وكان هناك الإتحاد السوفياتي بـ»قَضِّه وقضيضه» وكانت علاقات حافظ الأسد مع الأميركيين «سمناً وعسلاً» وكانت الثورة الإيرانية في ذروة عنفوانها وكان الإسرائيليون يحضِّرون لذلك الغزو الشهير على لبنان ولا يريدون أي إشكالات مع النظام السوري، الذي يبدو أنه كان متفاهماً معهم على هذا الغزو ولكن بعمق لا يتجاوز مدينة صيدا في إتجاه الشمال، وكان عراق صدام حسين قد دخل حرب الثمانية أعوام المدمرة مع إيران الخمينية.
وأيضاً فإن إنفجار تقنيات الوسائل الإعلامية في ذلك الحين لم يكن قد وصل إلى كل هذا التفوق الذي وصل إليه ولذلك فإنه كان بإمكان أي «مجرم» إرتكاب جريمته بعيداً عن الأضواء وبعيداً عن أعين الذين يراقبون عن بُعد وعن قرب وحقيقة انَّ فضاعات جريمة حماه قد تمَّ التواطؤ مع مرتكبها لأسباب كثيرة وقد تم التغاضي عنها وبحيث أن مجلة «المجلة» التي كانت تصدر في لندن هي وسيلة الإعلام الوحيدة التي نشرت عدداً من صور الدمار الذي حلَّ في هذه المدينة المنكوبة.
ثم وفي عام 1982 فإنه لم تكن هناك هذه المعارضة السورية التي إعترفت بها، وإن بدرجات متفاوتة، معظم دول العالم وغالبية الدول العربية ولم يكن هناك الجيش الحر الذي غدا يستولي على معظم أرياف سوريا والذي تمكن حتى الآن من السيطرة على بعض المدن وعلى بعض البلدات والقرى والذي أيضاً تمكن من تحقيق إختراقات «إستراتيجية» في مدينة حلب ومدينة حمص وبالطبع الرقة ودير الزور ودرعا وفي دمشق نفسها.
ولذلك ولكل هذا ولأن الجريمة «إنحصرت» في مدينة حماه ولاحقاً في مدينة تدمر ولأن الجيش السوري كان متماسكاً وكان هناك رفعت الأسد وعلي حيدر وأيضاً عبد الحليم خدام ومصطفى طلاس وحكمت الشهابي ولأن نظام حافظ الأسد كان متماسكاً وكان «صاحبه» في قمة لياقته السياسية والصحية فقد مرَّت تلك الجريمة المرعبة بدون أيّ ردود أفعال لا عربية ولا دولية وقد أُعتبرت على أنها مجرد مواجهة مع إرهابيين وشذاذ آفاق متمردين حاولوا الإنقلاب على الحكم وإطاحة النظام القائم.
الآن غدت الأمور مختلفة تماماً عمَّا كان الوضع عليه في عام 1982 ولهذا فلقد كان على المحيطين ببشار الأسد لو أنهم مخلصون له ولنظامه أن ينصحوه ومنذ البدايات أن لا يكرر درس حماه وألاَّ يلجأ لمواجهة تظاهرات سلمية، إستمرت لستة شهور، إلى القوة الغاشمة وألاَّ يُحوِّل صراعاً سياسياً ومطالب إصلاحية محقة إلى مواجهة مذهبية وطائفية إتخذت الطابع الإقليمي بإدخال إيران على هذا الخط والإستنجاد بالحرس الثوري وفيلق القدس وبمليشيات حسن نصر الله وبالمليشيات التي إستقدمت من العراق تحت عنوان «لواء أبو الفضل العباس» وبحجة الدفاع عن مقام السيدة زينب وقبر الصحابي حِجْر بن عدي الذي لم يكن أحدٌ يعرف عنه شيئاً لا في سوريا ولا في المنطقة العربية.
لقد إرتكب بشار الأسد «غلطة» العمر القاتلة عندما تقصَّد إهمال كل هذه المتغيرات التي إستجدت خلال الفترة بين عام 1982 وعام 2011 ولذلك فإنه سيجد نفسه حتماً وذات يوم قريب في القفص إياه الذي حُشِر فيه سلوبودان ميليسوفتش وهذا إن لم تكن نهايته المرتقبة كنهاية ليس زين العابدين بن علي ولا حسني مبارك.. وأيضاً ولا صدام حسين وإنما معمر القذافي.