الرئيسة \  واحة اللقاء  \  الهاوية المفتوحة من لبنان الى إيران

الهاوية المفتوحة من لبنان الى إيران

07.08.2014
رأي القدس
رأي القدس



القدس العربي
الاربعاء 6/8/2014
في مقابلة له مع فضائية عربية مؤخراً حذر الأمين العام الأسبق لحزب الله، صبحي الطفيلي، بشدة من نتائج تدخّل الحزب اللبناني في سوريا، ساخراً ومفنداً تبريرات الحزب المتعددة لذهاب عناصره الى سوريا بحماية المراقد الشيعية ومقاتلة التكفيريين، معتبراً أن "التكفيريين" موجودون في كل الطوائف، وأن "داعش" و"جبهة النصرة" ما كان لهما وجود يذكر في سوريا حين ذهب الحزب الى هناك متدخلاً، في الحقيقة، لحماية النظام من الثورة الشعبية القائمة ضده.
وكشف الشيخ اللبناني أن الكثيرين داخل الحزب ما كانوا موافقين على دخوله مستنقع الدفاع عن النظام السوري لكن "الأوامر الإيرانية غير قابلة للنقاش"، بحسب الطفيلي، الذي ربط بين التفاهم الإيراني السوري على وقف الحزب مقاومته ضد إسرائيل بتوجهه بعد ذلك الى لكسر شوكة المكوّنات اللبنانية الأخرى ومن ثم للمشاركة الطائفية في الحرب السورية متوقعاً أن هذا القرار الخطير "سيدمر حزب الله من الداخل".
الأمين العام الحالي لحزب الله الشيخ حسن نصر الله وفي تصريحات سابقة كان قد طلب من الرافضين لتدخله العسكري السوري من فرقائه اللبنانيين أن يذهبوا لقتاله في سوريا، متجاهلاً أن قراره لا يؤثر فقط في التوازنات اللبنانية بل في المعادلة السورية أيضاً وأن اجتياز الحدود من لبنان الى سوريا سيستتبعه بالضرورة اجتياز معاكس للحدود من سوريا الى لبنان، لأن لا أحد يستطيع أن يقرر سياسة أعدائه ويفرض عليهم الجغرافيا التي يختارونها للرد عليه، ولا أحد يستطيع أن يفرض معادلة الموت والتهجير مانعاً ارتداداتها الأخرى التي بدأت بأعمال إرهابية ضد مناطق الشيعة اللبنانيين ثم الرد عليها بإرهاب مقابل في مناطق السنّة في طرابلس وغيرها.
وضع الطفيلي، وهو المرجع السياسي الشيعي المهم، إصبعه على الجرح الغائر في الجسدين اللبناني والسوري (وصولاً الى الجسد العراقي)، محمّلاً سياسات النظام السوري وحزب الله مسؤولية استفحال التطرّف المضادّ على شكل تنظيمي "داعش" و"جبهة النصرة"، وذكّر بمسؤولية النظام المذكور في توظيف العناصر السلفيّة الجهادية المتطرفة أولاً في التأثير على الوضع العراقي، ولاحقاً في توظيفها ضد المعارضة السورية التي تعرّضت على يد "الدولة الإسلامية في العراق والشام"، بحسب قوله، إلى ضربات مروعة.
عملياً، خلق حزب الله معادلة في أذهان العرب والمسلمين تساوي بين انسحابه من المعركة مع العدو الإسرائيلي وانخراطه في الدفاع عن النظام السوري ضد شعبه، وهي معادلة خاطئة بشكل استراتيجي لأنها تحوّل الصراع مع عدو أجنبي استيطاني مجرم الى صراع مع شعب يحاول التخلص من الدكتاتورية.
هذه المعادلة الفظيعة سرّعت بشدة تطييف الصراع في سوريا وتحويله الى حرب ظاهرها معركة بين السنّة والشيعة لا تفضي إلا إلى تثبيت أركان الطغيان بكافة أشكاله: الاستبداد السياسي لنظام بشار الأسد وطغمته الحاكمة، والاستبداد الديني لمجموعات ترفع كلّها رايات الإسلام ويكفّر بعضها البعض الآخر.
وكما نظر النظام السوري الى جيشه اللجب ومئات طائراته ودباباته ومدافعه واستهزأ بأطفال وشيوخ ونساء سوريا، كذلك يفعل حزب الله اليوم في لبنان حيث يستند الى غلبته العسكرية الواضحة مفترضاً أنه قادر على النجاة بقراراته السياسية الكارثية، وهو أمر لا يدلّ على بعد نظر وحكمة كانا سندين أساسيين في إيمان الجماهير العربية والإسلامية به.
لبنان وسوريا يدفعان ثمن قرار الأسد تشبثه بالكرسيّ وتدمير بلده، وثمن انخراط حزب الله بالحرب السورية، وفوق كل ذلك، ثمن تأخر الصفقة الإيرانية مع الغرب.