الرئيسة \  واحة اللقاء  \  الهجرة الطوعية واللجوء القسري

الهجرة الطوعية واللجوء القسري

04.09.2016
ماهر ابو طير


الدستور
السبت 3/9/2016
تقول احصائيات الامم المتحدة ان عدد اللاجئين الذين شردتهم الصراعات وصل تقريبا الى خمسة وستين مليون لاجئ، ونصف هذا الرقم من دول اسلامية، وتحديدا سوريا وافغانستان والصومال.
الرقم على مايبدو غير دقيق، تماما، اذ ان عدد اللاجئين يفوق هذا الرقم بكثير، لكنه رقم يعتمد على سجلات مفوضية اللاجئين، ولايأخذ في حسابه ان هناك عشرات الملايين من هذه المنطقة، تشردوا ولم يتم تسجيلهم في سجلات الامم المتحدة، اضافة لسجلات الدول التي دخلوها.
لدينا ملايين اللاجئين الذين دخلوا اولا، لاسباب اقتصادية او سياسية، او جراء صراعات، او انتهاكات فردية لحقوق الانسان، وكل هؤلاء تدفقوا الى اوروبا واميركا بتأشيرات سياحة او زيارة، ولم يعودوا الى بلادهم، ويقيمون بشكل غير شرعي في تلك الدول، من الفلسطينيين والعراقيين والسوريين واليمنيين وغيرهم من دول اخرى، وهؤلاء لاتحسبهم الامم المتحدة، برغم انهم يعدوا فعليا لاجئين، لكن بسبب ظروف اقامتهم الملتبسة، باتوا خارج التعداد اساسا، وهناك عرب ومسلمون، يعيشون في دول هربا من قمع اجهزة امنية او جراء اضطهادات، منذ عشرين عاما، ومازالوا حتى اليوم بلا اقامات رسمية، ولم يتم حصرهم اساسا.
يضاف الى ماسبق، تلك الملايين التي تم تهجيرها، داخل الدول ذاتها، وبرغم ان الحرب السورية، مثلا، كشفت عن لجوء اربعة ملايين سوري، وانتقالهم من مناطق الى مناطق اخرى في سوريا، الا اننا بشكل عام، امام افلاس في التدقيق بشأن الارقام، فلا احد يعرف حصرا، عدد اللاجئين العرب والمسلمين، داخل دولهم، الذين يتركون مدنهم او مناطقهم ويهربون الى مناطق اخرى.
في قضية اللجوء سواء داخل الدول او الى خارجها، فأن الغالبية العظمى من اللاجئين هم من العرب والمسلمين، وربما مجموع الارقام التي تم تهجيرها آخر خمسين عاما، تتجاوز رقم الامم المتحدة بكثير، والاغلب ان الامم المتحدة تستثني من ارقامها، كل من استقر او حصل على جنسية اجنبية، او من توارى بعيدا عن الرصد والاحصائيات.
ماهو مثير هنا، ان هذه الارقام في المحصلة، التي تتجاوز ارقام الامم المتحدة، تعد في مجملها وصمة عار على جبين هذه المنطقة، فهي الاكثر ثراء، وشعوبها الاكثر تشردا،وهذه مفارقة، ونحن امام مشهد في غاية الغرابة، فلا استطاعت هذه المنطقة التركيز على تنمية شعوبها، ولا قامت انظمة حكم شفافة تؤمن بالحقوق والواجبات، ولاسادت عدالة، بل ان التسلط والفساد، ولدا لاحقا، صراعات، وحروبا، تحت شعارات مختلفة،سياسية ودينية وقومية ومذهبية، ادت الى تدمير بنية المنطقة، وتحويلها الى منطقة طاردة للحياة.
للامم المتحدة معاييرها، في تحديد اللاجئ، لكننا لو اردنا ان نتحدث بمنطق آخر، فكل من هجر المنطقة العربية والاسلامية، لاسباب سياسية او امنية او اقتصادية، او جراء الحروب والصراعات، يمكن فعليا اعتباره لاجئا، بشكل او آخر، بما في ذلك اولئك الذين هاجروا طوعا، وهنا، يصير الخط الفاصل بين الهجرة الطوعية، واللجوء القسري،من عدم، لان النتيجة واحدة، فالمنطقة باتت طاردة وغير قابلة للحياة.