الرئيسة \  واحة اللقاء  \  الهجمة الروسية المتوحشة على الشرق

الهجمة الروسية المتوحشة على الشرق

21.08.2016
داود البصري


الشرق القطرية
السبت 20/8/2016
منذ عصر القياصرة، ثم البلاشفة، ثم في عز مرحلة الحرب الباردة والتي شهدت صراعا كونيا استراتيجيا بين المعسكر الغربي (ناتو) والمعسكر الشرقي (وارسو)، لم يتغلغل الروس بشكل عدواني في المنطقة مثل الصورة السائدة حاليا، والتي أنتجت همجية روسية مفرطة، وعدوانية فظة متوحشة في الساحة السورية تحديدا وحيث يفعل الروس آلة حربهم العدوانية الإرهابية يوميا لحصد أرواح السوريين، ولاستعراض بائس لقوتهم الخائرة المعتمدة على نظام ودولة تسير في طريق الإفلاس والتلاشي والأكل من اللحم الحي!، النظام الروسي في زمن بوتين شكل صورة همجية حقيقية لأطماع ومرامي الدب الروسي في الوصول للمياه الدافئة، وعبر عن طغيان سلطوي من نوع جديد كانت تحاول القيادة السوفيتية الشيوعية السابقة تغليفه بعبارات التضامن الأممي، ومساعدة شعوب العالم الثالث، والوقوف خلف الأنظمة السائرة في طريق التحول الاشتراكي حسب أدبيات تلك الأيام السياسية والفكرية، وحيث دخل السوفيات للمنطقة من خلال نظام جمال عبدالناصر الذي اعتمد عليهم كثيرا في إدارة حرب الاستنزاف بين 1968 و1970 لدرجة أن الطيران الروسي كان يحمي العمق المصري بعد انهيار الدفاعات الجوية المصرية بعد الخامس من يونيو 1967، اليوم اختلف الوضع كثيرا بعد اختلاف الدور الروسي وتبدل العقيدة الاستراتيجية رغم استمرار الهدف الاستراتيجي! ، وكان واضحا منذ أن دخل الروس معمعة الدفاع عن وجود نظام بشار أسد من أنهم بصدد إحداث نقلة نوعية في مجرى الصراع الإقليمي من خلال التهديدات في المرحلة الأولى، ثم الدخول التدريجي لساحة الصراع من خلال التسليح والخطط وصولا لمرحلة تجديد وتوسيع القواعد العسكرية في اللاذقية وطرطوس تحديدا وإرسال الطيران الروسي لمهام محددة سرعان ما تطورت لعمليات قصف جوي وحشي وخارج عن كل سياقات القانون الدولي وشرعة الأمم المتحدة والتدخل في قمع خيارات شعوب أخرى لا علاقة لهم بروسيا ولا بأهدافها وخططها، ثم تطور الأمر بعد سلسلة الهزائم المرة للنظام السوري وحلفائه الإقليميين (إيران والعراق)، لتوسيع مساحات الصراع وتوجيه ضربات استراتيجية مدمرة للشعب السوري من خلال القواعد الجوية الإيرانية (قاعدة همدان) وهو تطور خطير جدا، فلأول مرة يتخلى النظام الإيراني الذي نزف كثيرا من جنرالاته في الشام عن شعار (لا شرقية ولا غربية..) وينخرط في فتح قواعده الجوية لقوى أجنبية وهي روسيا، وهو الأمر الذي أكده رئيس جهاز الأمن القومي الإيراني (علي شمخاني)! مع أن علي لاريجاني رئيس البرلمان أكد عدم وجود نية بفتح قواعد روسية في إيران، ولكن تطور العمليات وتصاعد التنسيق سيجعل من القواعد الإيرانية محطات تمركز طبيعية للقاذفات الاستراتيجية الروسية، خصوصا وأن هزيمة الحرس الثوري والجهد العسكري الروسي في سوريا هو أمر كارثي بالنسبة للنظامين الإيراني والروسي وهو ما حتم التنسيق ولو على جثث السوريين وعلى شكل عمليات انتقامية واضحة المبنى والمعنى ضد المدنيين والأهداف الصحية والإنسانية وبهدف كسر إرادة الثوار، جرائم حقيقية تجري في سوريا تطوي تحت إبطها كل مبادىء القانون الدولي وتحوله لمهزلة حقيقية ولمجرد شعارات يستهلكها الإعلام العالمي، فها هي منظمة العفو الدولية تعلن رسميا عن مصرع 300 شخص شهريا في سجون النظام السوري وحيث قتل تحت التعذيب أكثر من 17 ألف إنسان سوري لم يلق لهم ضمير الدول الكواسر بالا، ولم تشن حروب لإنقاذ الإنسانية ونصرة المظلوم، بل كان التواطؤ بأبشع أشكاله، وكان الصمت وكان النفاق والحديث عن إدانة دون تحرك دولي فعلي وحقيقي للجم المعتدي؟، كل النظام الدولي تحول للأسف لأكذوبة ولظاهرة صوتية فقط لا غير، فالجهود الدولية للأسف منصبة على إبادة السوريين، ومحاولة تركيع إرادة الأحرار، وزرع الرعب والخوف والدمار في نفس الشعب السوري! ولا من منقذ، خصوصا وإن الآلة العسكرية الروسية المتوحشة قد وضعت الشعب السوري في قائمة أهدافها وتعاون معها في ذلك النظام الإيراني الذي فتح قواعده، وأرسل عناصره وميليشياته الإقليمية لإبادة السوريين، عذرا دمشق، ومعذرة للشعب السوري المجاهد الصابر، إنه اليوم في سوق النخاسة الدولية، ولكن الله لن يخذل الأحرار وسينصر الذين آمنوا، ولن يخلف وعده، وسينهار حلف الأشرار لا محالة، فتلك حتمية التاريخ.. ولن تجدوا لسنته تبديلا..