الرئيسة \  واحة اللقاء  \  الهجوم على درعا وانعكاساته على الأردن

الهجوم على درعا وانعكاساته على الأردن

21.02.2015
د. موسى شتيوي



الغد الاردنية
الخميس 19-2-2015
بعد هدوء دام لأكثر من العامين على جبهة جنوب سورية، بدأت القوات السورية، مدعومة بمقاتلين من حزب الله وتحت إشراف ودعم من الحرس الثوري الإيراني، هجوماً واسعاً على منطقة ريف درعا وجوارها، وبخاصة المناطق المحاذية لإسرائيل، والتي تعد سيطرة المعارضة عليها شبه تامة.
واللافت في الأمر هو أن الإعلان عن العمليات تضمن إشارة واضحة إلى مشاركة قوات حزب الله والحرس الثوري الإيراني. ولذلك دلالاته التي من أهمها فقدان الجيش السوري القدرة على التعامل مع حرب الاستنزاف، وتنامي الدور الإيراني ودور حزب الله في الحرب الدائرة في سورية؛ ليس فقط من الناحية العسكرية، وإنما من الناحية السياسية أيضاً. أما بالنسبة لدلالات هذا الهجوم، أو الأهداف المحتملة له، فهناك أكثر من احتمال من حيث هذه الأهداف:
أولاً: قد يكون الاحتمال الأول ضمن استراتيجية حزب الله وإيران المتمثلة في محاولة التمدد والسيطرة على المناطق المحاذية لإسرائيل، وذلك لمنع قيام حزام آمن أو فاصل بين سورية والأرض السورية المحتلة، وبما يؤثر سلباً على قدرة النظام السوري وحزب الله على الحركة في هذه الجبهة. وقد تكون هناك مصلحة لحزب الله وإيران أكثر من سورية ضمن هذا الاحتمال، لاسيما وأن قدرة حزب الله على الحركة في جنوب لبنان أصبحت محدودة جداً أو معدومة، وأي محاولة لعمل عسكري للحزب من جنوب لبنان ستكون له كلفة عسكرية سياسية عالية، ربما لا يستطيع الحزب تحملها الآن. كذلك قد يكون عاملاً مشجعاً على ذلك الإدراك بأن بنيامين نتنياهو ربما لا يكون قادراً على القيام بمغامرة عسكرية غير محسوبة مع حزب الله بسبب الانتخابات الإسرائيلية المقبلة.
ثانياً: لقد تعرضت دمشق قبل أسبوعين لهجوم شرس من المعارضة السورية، وقصف مكثف. وعليه، قد يكون هذا الهجوم يهدف الى تأمين دمشق وإبعاد المعارضة السورية المسلحة عنها، وتأمينها درءاً لحملة عسكرية على النظام من جنوب سورية، أو تأميناً لدمشق في حال تطورت الأمور باتجاه تقسيم سورية، إذ إن السيطرة على دمشق ستكون الأهم في هذا السيناريو.
ثالثاً: ليس من المستبعد أن الهجوم على درعا يقع ضمن استراتيجية سورية إيرانية استباقية لأي تطورات عسكرية مستقبلية، لاسيما أن جنوب سورية مُسيطر عليه من قبل المعارضة المعتدلة والمقبولة دولياً وعربياً. هذا من جانب. ومن جانب آخر، لإفشال الاستراتيجية الأميركية في دعم وتدريب الجيش السوري الحر، أو ما يطلق عليه المعارضة المسلحة المعتدلة. وضمن هذا الاحتمال، لن يكون الهجوم على الجبهة جنوباً محدوداً أو تكتيكياً، وإنما سيكون شاملاً بهدف السيطرة على الجبهة الجنوبية بشكل كامل.
أما انعكاسات ودلالات هذا الهجوم، فيجب أن تكون محط اهتمام السياسة الأردنية. فالاحتمالان الأول والثاني لا يشكلان تهديداً أو خطراً مُباشراً على الأردن من الناحية الاستراتيجية، لكن الاحتمال الثالث يجب التوقف عنده ملياً ودراسته بتمعن والتحضر لتداعياته.
فالهجوم الشامل على الجبهة الجنوبية ستكون له انعكاسات مهمة على الأردن، منها تدفق أعداد ضخمة من اللاجئين السوريين إلى المملكة المثقلة بما لديها الآن. ومن المتوقع في حالة كهذه نزوح نحو مليون لاجئ سوري، ما سيضع عبئاً استثنائياً على الدولة الأردنية؛ اقتصادياً واجتماعياً، ومستقبلياً. ولا يقل خطورة عن ذلك أيضاً الانعكاسات على الأمن الوطني الأردني، إذ إن الأردن سيكون بمواجهة ليس فقط مع الجيش السوري، وإنما مع حزب الله والحرس الثوري أيضاً. وإذا ما أخذنا الجهد الأردني المبذول في الحرب على "داعش"، فسيكون لذلك تداعيات كبيرة على الأردن، لاسيما أن الجيش السوري الحر لديه موقف إيجابي من الأردن.
إن التطورات على الجبهة السورية قد تكون محدوده في أهدافها ضمن الاحتمالين الأول والثاني، ولكن ضمن الاحتمال الثالث ستكون هناك تداعيات كبيرة على الأردن، يجب دراستها والتحوط لكل أبعادها. وقد استطاعت القيادة الأردنية في السابق إحباط هجوم كان وشيكاً على جنوب سورية، وهي لن تكون عاجزة عن التعامل مع هذا التهديد المحتمل.