الرئيسة \  واحة اللقاء  \  الهدنة السورية "مرشحة" للاستمرار حتى تمرير الانتخابات الأميركية

الهدنة السورية "مرشحة" للاستمرار حتى تمرير الانتخابات الأميركية

14.03.2016
ثريا شاهين


المستقبل
الاحد 13-3-2016
تكشف مصادر ديبلوماسية، أن مفاوضات جنيف بين السوريين التي ستبدأ جولتها الثانية غداً الإثنين، ستعمل على تثبيت الهدنة الأمنية القائمة أي بما يعرف بوقف الأعمال العدائية، لمدة طويلة إلى حين انتهاء مرحلة الانتخابات الرئاسية الأميركية.
وسيتخلل ذلك تمرير مرحلة الانتخابات النيابية في روسيا في أيلول المقبل، حيث يهمّ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الاستقرار في سوريا لكي لا يستغل أي طرف روسي هذا الموضوع في الانتخابات، ما يعني أن ما سينتج عن التفاوض هو التأكيد على الاتفاق الأميركي الروسي في ما خص السعي لاستقرار الوضع السوري في هذه المرحلة، كما سيسعى الطرفان الأميركي والروسي إلى أن يضعا الحل على السكة، هذا الأمر ليس سهلاً ويلزمه وقت، إنما المسعى مستمر في هذا الشأن.
وتفيد مصادر ديبلوماسية أخرى، أن وقف النار يبدو صامداً حتى الآن على الرغم من الخروقات. إنما الأنظار تتجه إلى مواقف موسكو، وإلى أي مدى تريد فعلاً التوصل إلى حل. السؤال "هل هناك استكمال لحصار حلب، وهل تتم التحضيرات لمعارك أخرى؟".
لا تشير التوقعات إلى أن الهدنة ستصمد كثيراً، إلا في حالة واحدة، هي تمسّك موسكو بها إذا كانت تريد فعلاً إنهاء الأزمة السورية، وإذا باتت الكلفة عليها عالية نتيجة انخراطها بالأزمة. هذا هو العامل الوحيد الذي إذا توافر يجعل الالتزام بالتفاوض واضحاً للتوصل إلى حل لأن المهم من خلال الجولة الثانية للتفاوض استكشاف مدى رغبة الروس بثبات الهدنة، أم أنهم يريدونها لاستجماع جديد للقوى.
مطالب الروس لا تزال هي ذاتها، يريدون وفداً معارضاً يضم المعارضة القريبة من النظام يفاوض مثله مثل وفد المعارضة الفعلية للنظام. وهم أيضاً مصرّون على لوائح الإرهاب بشكل أن تضم الفصائل المقربة من الخليج وتركيا، ما يعني بالنسبة إلى الروس أن ثلاثة أرباع الفصائل المعارضة هذه هي إرهابية. إذاً مواقفهم لا تزال متصلّبة، وهذه الشروط تتوازى مع الرؤية الإيرانية التي تتألف من نقاط أربع، من بينها حكومة وحدة وطنية، ويبقى الرئيس السوري بشار الأسد رئيساً، وإجراء انتخابات. المعارضة الفعلية لن تقبل بكل هذه الطروحات، لأنها لا تتضمن انتهاء ولاية الرئيس، ولا هيئة حكم انتقالية، وهي تدرك أنه إذا تضمّن وفدها وفد معارضة النظام، فإن الهدف يعني إضعاف الموقف.
من المؤكد أن الدول الداعمة للمعارضة الحقيقية، بدأت تعزز الدعم بالسلاح لها، وأي تدخل إضافي ينتظر التطورات على الأرض، لا سيما وأنه في ضوء تدريبات "رعد الشمال" ستصبح كل الجيوش الخليجية قادرة على العمل معاً وفق تنسيق محدد. في الحد الأدنى قد يحصل تدخّل في مناطق تنظيم "داعش" لمحاربته، ما يوفر عودة هذه المناطق إلى المعارضة لدى هزيمة الإرهاب، بحيث لا تقع تحت سلطة النظام.
حتى الآن وقف النار يعتبر جيداً. إنما الأنظار تتجه إلى ما إذا كانت ستتطور الخروقات أم ستبقى مضبوطة تحت سقف معين. لكن المصادر تشير إلى أنه من الصعب أن يصمد طويلاً إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق سياسي، وهو بدوره يبقى صعباً. روسيا لا تريد أن تغرق في سوريا لكن في الوقت نفسه يجب معرفة تحت أي شروط. الأمور لا تزال في مرحلة الترقّب لمصير الهدنة. وصمود الهدنة مرتبط بشكل مباشر بالحل السياسي.
والهدنة، وفقاً للمصادر، كانت مطلوبة لأن كل طرف يحتاج إلى وقت كاف لإعادة حساباته، لا سيما الروس والإيرانيون، و"حزب الله" للعديد من الاعتبارات، ويأتي وقف النار جزءاً منها. الاعتبارات الأخرى، متصلة بأن المدنيين يحتاجونه لضمان وصول المساعدات ووقف تعرض المستشفيات والقوافل الإنسانية للاعتداءات. ثم أن وقف النار يشكل مقدمة أساسية لوقف الأعمال العدائية ولتشكيل حكم انتقالي يفترض البحث ببدء تنفيذ ذلك لتحقيق الحل السياسي من أجل بدء تنفيذ القرار 2254.
هناك تخوّف من أن تخرق الهدنة، لا سيما وأن هناك أطرافاً مطلوب منها أن تلتزم وقف النار وليست مستعدة لذلك، منها "داعش" و"النصرة"، وأي رد عليهما سيؤدي إلى عدم التزام الطرف الآخر الذي سيرد عليهما.
كذلك، وقف النار تحتاج اليه كل الأطراف لتنفيس الاحتقان. لكن هل يستمر وقف النار؟ هناك شكوك حول ذلك، والأطراف كافة تدرك صعوبة استمراريته.
الدول الداعمة للمعارضة الحقيقية، لن تقبل بهزيمة المعارضة، وهي تدرك أهمية ذلك على طاولة التفاوض. وهي أيضاً تفضل دعم المعارضة بصواريخ أرض جو، فهل تكمل هذا الدعم بالمساعدة مع التدخّل المباشر، أم من دونه؟ التطورات هي التي تفرض القرار المناسب. هناك أوساط ديبلوماسية تقول إن التدخّل الخليجي المباشر كان أسهل قبل وقف النار، إنما بعده وفي حال ثبت، يصعب الأمر، لكن مصادر أخرى تقول إن التدخّل المباشر يبقى رهن التطورات. والخليج الآن يختلف عن الخليج قبل زمن، ومثلما أن إيران تقوم بتدخلاتها في الدول العربية، وعرض طاقاتها، فإن الدول الخليجية لن تتوانى عن إرسال الرسائل اللازمة في مواجهة الأمر. ومن المؤكد أن المناورات الخليجية كانت مهمة، لا سيما في مواجهة الضغط الشيعي من العراق، والضغط الحوثي من اليمن أي من الجنوب، فضلاً عن الضغوط التي خلقتها للأقليات الشيعية في الدول العربية.