الرئيسة \  واحة اللقاء  \  الواقع في سوريا : بين الحقائق والأوهام !

الواقع في سوريا : بين الحقائق والأوهام !

10.10.2015
صالح القلاب



الرأي الاردنية
الخميس 8/10/2015
هناك مثل يقول كـ «القرعا التي تتباهى بشعر ابنة خالتها» وهذا هو حال رموز وأعوان بشار الأسد الذين بعد التدخل العسكري الروسي في سوريا بدأوا يتحدثون وكأن السماء انطبقت على الأرض وكأن الأمور ستعود خلال أيام أو ساعات إلى ما قبل أحداث درعا في مارس(آذار) عام 2011 التي لوْ لمْ يتصرف «أصحاب» هذا النظام بعقلية ما قبل وما بعد مجازر حماه الشهيرة في عام 1982 ولو أنهم لم يتعاملوا مع شعب من المفترض أنه شعبهم وفوراً ومنذ اللحظة بنصيحة «الآباء» الدمويين القائلة: «إن هذا الشعب يخاف ولا يختشي» فلكان بالإمكان التوصل إلى تسوية معقولة وعلى أساس: «أنْ لا يجوع الذئب و لا تفنى الغنم» .
 بعد هذا التدخل العسكري الروسي المبْنيٍّ على حسابات هي غير حسابات «أصحاب» هذا النظام وأعوانهم وأتباعهم بادر المُبخِّرون والمروجون إلى نسج «سيناريوهات» خيالية يتحدثون فيها عن أن غمامة نحو خمسة أعوام ماضية باتت بحكم الزائلة وأنَّ «ابن أبيه» سيرث الأرض ومن عليها وأن «عصابات الإرهاب», التي هي الشعب السوري بلاجئيه ومهاجريه ومهجريه وبمعارضته المعتدلة وجيشه الحر وبشهدائه وبمعتقليه ومفقوديه, سيتم القضاء عليها برمشة عين وأنَّ الأسد باقٍ للأبد !!
     لقد «فلتت براغي هؤلاء» الذين عندما بدأت القوات الروسية الغازية بالوصول تباعاً إلى القواعد, التي أُعدَّت لها شواطئ البحر الأبيض المتوسط, كانوا في آخر رمق بعدما استهلكوا الإمكانيات الإيرانية واستهلكوا «مراجل حسن نصر الله وحزبه» وزعْرنات الشراذم الطائفية والمذهبية التي تم استيرادها من كل حدب وصوب.. واستهلكوا قبل ذلك جيشهم وميليشياتهم وباتوا يتعلقون بحبال الهواء وذلك إلى حدِّ أنهم أصدروا بياناً عسكرياً رسمياً أمْس الأول قالوا فيه أن الطائرات الروسية قصفت أهدافاً «داعشية» في تدمر ومناطق أخرى لكن ما لبث الروس أن نفوا ذلك وقالوا أنه لا صحة لما قيل لا من قريب ولا من بعيد .
 على هؤلاء أن يتذكروا أنه عندما انطلقت شرارة هذه الثورة في ربيع عام 2011 من درعا كان الجيش السوري في كامل لياقته «القتالية»!! وكان رئيس هذا النظام يقف على رؤوس أصابع قدميه وكانت الأجهزة الأمنية التي تخرَّج منتسبوها من «أكاديمية» مذابح حماه عام 1982 بانتظار أن تلقِّن الشعب السوري درساً يحفظه لخمسين عاماً مُقبلاً لكن وعندما وقعت الواقعة ثبت أن الطغاة مجرد نمور من ورق فهذا الجيش الذي من المفترض أنه أعد لتحرير الجولان وصل إلى الحالة البائسة التي وصفها الرئيس بشار الأسد في آخر خطاب له بصراحة يشكر عليها وحقيقة أن هذه هي حالة الأجهزة الأمنية التي غدت مستنزفة ومستهلكة مثلها مثل كل طوابير العون الخارجي وأهمه العون الإيراني بالمقاتلين والأسلحة والخبراء والأموال وبكل شيء .
     إنَّ هذا هو واقع الحال ولذلك وإذا كانت الخمسة أعوام الماضية قد استهلكت النظام وجيشه ومخبريه ومخابراته وكل عونٍ خارجي جاء إليه فماذا من الممكن أن يفعل الروس يا ترى.. وبخاصة وأن هناك درس أفغانستان الكارثي.. وأن هناك من كانوا بانتظار انزلاق قدم فلاديمير بوتين في هذا «المستنقع» المليء بالتماسيح والغيلان المتضورة جوعاً ليلقنوه الدرس نفسه الذي جرى تلقينه لـ «الرفيق» ليونيد برجنيف فذهب وذهب بعده الاتحاد السوفياتي العظيم !!
     ربما أنه بالإمكان تجاوز أمور كثيرة بالنسبة للأوضاع السورية التي تزداد مع كل طالع شمس خطورة ومأساوية لكن ما يعتبر كارثة بالفعل هو أنْ يبني المسؤولون في هذا البلد العزيز مواقفهم ليس على الحقائق التي بإمكان حتى أعمى البصر والبصيرة رؤيتها ولكن على الأماني والتصورات الموهومة وعلى ما تجود به قرائح الذين يغرقون في أمواج أحلام وردية لا صحة لها ولا هي حقيقية.