الرئيسة \  واحة اللقاء  \  اليمن سر التحالف الإيراني الروسي الأميركي

اليمن سر التحالف الإيراني الروسي الأميركي

08.05.2016
د. مطلق سعود المطيري


الرياض
السبت 7/5/2016
انكفاء واشنطن على نفسها كان له ثمن كبير دفعه على وجه التحديد الشعب العراقي والشعب السوري، وكاد أن يلحق بهما الشعب الخليجي لولا جرس الإنذار الذي قرع في الرياض وأيقض القرار العسكري في الوقت المناسب، وسارعت دول الخليج بتشكيل قوة ردع بدأت عملياتها في عاصفة الحزم، التي ضربت اليد الإيرانية الممتدة في اليمن، وعرت صداقة الولايات المتحدة وحلفها الاستراتيجي مع الدول الخليجية.. واشنطن لم تنسحب عسكرياً من المنطقة فوجود قواعدها العسكرية في بعض دول الخليج يثبت ذلك، ولكن لا نستطيع أن نعتبر هذا الوجود أن من مهامه حماية أمن دول التعاون من خطر التعدي على استقرارها عسكرياً من بعض الدول الإقليمية الطامحة لذلك، وهذا يسلمنا إلى حقيقتين:
الاولى ان خطر قيام دولة كإيران بالهجوم عسكريا على الدول الخليج امر مستبعد، وهذا لا يعني ان تأمين خطر الجار الايراني بات مسيطراً عليه، الا ان التكتيك الفارسي لغزو الدول الخليجية يبدأ من داخلها عن طريق عملاء محليين يشغلوا الشارع الخليجي بصراعات طائفية لضرب السلم الاجتماعي والرهان على الجماعات الارهابية مثل داعش للقيام بنشر الفوضى والقتل بين سكان المنطقة.
الحقيقة الثانية ان الدول العربية المجاورة لدول الخليج كالعراق واليمن بعد ان تتآكل امنيا يصبح انتقال خطرها لأراضي جوارها أمرا محتملا، وبهذا يكون الامن الخليجي مصاباً بتشوهات في الداخل ومهتزاً على الحدود، وأصعب ما يواجه الدول هو محاصرة حدودها بمجموعة من الأخطار لمدة زمنية مفتوحة لا يعرف لها توقيت تنتهي به، فالخطر الرابض خلف الحدود ان لم يزول في وقت محدد سوف يقفز الى داخلها وبهذا تختلط المفاهيم فلا هو حرب دولة على دولة حتى يكون التعامل معه عسكرياً فعلاً ضرورياً وواضحاً، بل هو حرب خطر انهيار الدول المجاورة على الجارة المستقرة..
التحدي الذي يواجه الدول الخليجية هو كيف يكون انهيار الدول المجاورة لها ليس خطر على استقرارها ولا يعرضها الى تدخلات خارجية؟ القضية صعبة ومعقدة، وتتطلب من دول الخليج محاصرة انهيار الدول المجاورة قبل أن يحاصرها انهيار تلك الدول، الخليجيون يعملون الآن وبقوة على محاصرة خطر تفكك هذه الدول عن طريق عدم السماح للدول التي تسعى للعبث بالدخول المعلن والمختفي فيها، وانكشف ذلك في اليمن، التي مازالت تقاوم مخاطر انهيارها التام، الا ان امر انهيارها ليس مستبعدا بل محتمل وممكن، خاصة وان القوى اليمنية المتصارعة لا تقدم النوايا الحسنة لبعضها البعض، ويبرهن على ذلك المفاوضات المنعقدة في الكويت، فالانقلابيون حصلوا على مكاسب سياسية بالسلاح ولن يتنازلوا عن مكاسبهم بالتفاوض، وهذا يشجع استمرار القتال الى ان يصل الوضع الى الانهيار التام، وبعدها قد تدخل موسكو على الخط عن طريق بناء تحالف جديد مع بعض اطراف الصراع تحت ذريعة محاربة الإرهاب، وهذا امر ممكن جدا في ظل معرفة عدم التزام واشنطن بشروط تحالفاتها مع دول المنطقة، فموسكو التي أعلنت بقوتها العسكرية انهيار الدولة السورية بالكامل ربما تتكرر هذا العمل في اليمن، فطهران وواشنطن وموسكو مازالت أوراق تحالفهم لم تكشف بالكامل، كشفت في العراق وسوريا والخطر أن تكتمل في اليمن.