الرئيسة \  واحة اللقاء  \  اليوتيوب الكيماوي

اليوتيوب الكيماوي

28.08.2017
د. أحمد موفق زيدان


العرب
الاحد 27/8/2017
حتى أنت يا "يوتيوب" ... جاء حذف موقع يوتيوب لستة آلاف رابط من روابط الثورة السورية، وتحديداً فيما يخص جرائم النظام السوري وعمليات توثيق استخدامه الكيماوي ضد الشعب السوري، ليؤكد على أن مواقع التواصل الاجتماعي فقدت الهدف والأساس الذي قامت على أساسه، من كونها حرة وناقلة وواسطة للتغيير الكبير الذي تنشده الشعوب في المنطقة التي ابتليت باستبداد واحتلال وبطش ربما لم تعهده البشرية من قبل.
"النيويورك تايمز" كتبت تقريراً مفصلاً عن مخاطر العملية التي أقدم عليها "اليوتيوب"، وقد شن ناشطون ومدافعون عن حقوق الإنسان في سوريا وغيرها، هجوماً عنيفاً على موقع يوتيوب واتهموه بمحاباة النظام السوري، ولم يستبعد البعض أن يكون قد وقع تحت فساد مالي ضخم أجبره على شطب هذه الوثائق التاريخية والممتدة لأربع سنوات من تاريخ الثورة السورية.
الأكثر مهزلة في تبرير "اليوتيوب" لقصفه الكيماوي اليوتيوبي قوله إنه حذف هذه المقاطع حتى لا يكون الموقع منصة للتطرف والتشدد، وكأنه اعتراف ضمني وربما صريح بتورطه في كونه منصة لذلك في السابق، بينما يتجاهل أنه يحذف مقاطع التطرف والإبادة الجماعية التي ارتكبها النظام السوري وحلفاؤه.
الناشطون السوريون، ومنذ بداية الثورة، اعتمدوا على مواقع التواصل الاجتماعي، وتحديداً "اليوتيوب" في نشر وتوزيع وتوثيق جرائم النظام السوري، إلى أن أطلق البعض على الربيع العربي ربيع "يوتيوب" و "فيس بوك" و "تويتر"، ولم يقتصر الأمر على اعتماد الناشطين لوسائط التواصل الاجتماعي، فإن مؤسسات حقوقية دولية وجنائية دولية تعتمد اليوم على بناء قضاياها ضد النظام السوري في المحاكم الدولية، على مواقع اليوتيوب وغيرها من مواقع التواصل الاجتماعي.
وقد سبق لـ "فيس بوك" أن حذف صفحات تخص فلسطين، وكذلك هدد باستبدادية منقطعة النظير صفحات ناشطين وإعلاميين، بل وحذفها، فبعد أن وصل حسابي على "فيس بوك" لأكثر من ربع مليون متابع تم حذف الصفحة دون أي سبب، سوى العبارة الاستبدادية الشهيرة خالفت القوانين، ولا نعرف عن أي قوانين يتحدثون؟؟!! وهي العبارة التي تذكرنا بعبارات الأنظمة الديكتاتورية من الحكم على معارضيهم بتهمة توهين الروح الوطنية.
لقد فقدت مواقع التواصل الاجتماعي جاذبيتها بعد رضوخها للاستبداد، وطلاقها مع الحرية وأشواق الشعوب، ومواصلة اعتماد الأخيرة عليها لا يعني أن جاذبيتها لا تزال نفسها، وإنما تعكس حاجة هذه الشعوب إلى التعبير عن ذاتها، في ظل انسداد كل الآفاق أمامها، مع وجود أنظمة استبدادية شمولية ديكتاتورية مدعومة اليوم من ظلم عالمي غير مسبوق، ومعه وسائط تواصل اجتماعي انحازت إلى الديكتاتور والاستبداد ضد الضحية.;