الرئيسة \  واحة اللقاء  \  اليوم التالي لضربة سورية

اليوم التالي لضربة سورية

31.08.2013
د. موسى شتيوي



الغد الاردنية
الخميس 29/8/2013
 
بات في حكم المؤكد أن الولايات المتحدة وتحالف "الراغبين" -لأنه لا يوجد قرار أممي- سوف يقومان بتوجيه ضربة عسكرية وشيكه لسورية. ولكن من غير المؤكد ماهية الأهداف السياسية لهذه الضربة المحتملة وحجمها، والتي يمكن حصرها في ثلاثة احتمالات أو سيناريوهات:
الأول: ضربة عسكرية قوية تهدف إلى إضعاف القدرة الاستراتيجية للجيش السوري، والتي تشمل سلاح الجو والمطارات، والصواريخ، ومراكز الاتصالات السورية.
ثانياً: ضربة عسكرية قوية، ولكنها محدودة جداً، تهدف إلى إرضاء الحلفاء العرب والمعارضة السورية، وامتصاص المعارضة الداخلية لاستمرار السياسة الأميركية الحالية. كما ترضي الرأي العام الذي هالته مشاهدة هذا العدد من الضحايا المدنيين نتيجة للهجوم الكيماوي بغض النظر عمن مسؤول عنه.
ثالثاً: ضربة عسكرية شاملة، يكون هدفها ليس عقاب النظام أو إضعافه، بقدر ما تهدف إلى الإطاحة بالنظام السوري، وتمهيد الطريق للمعارضة لتسلم السلطة في سورية.
إذا ما كانت الضربة المتوقعة تندرج ضمن السيناريوهين الأول أو الثاني، فسوف يكون الهدف لهذه الحملة هو إضعاف قدرة النظام السوري العسكرية، وفسح المجال أمام المعارضة المسلحة السورية لأن تحقق مكاسب فعلية وجوهرية على الأرض، ومن ثم تمكينها من خلق حالة من التوازن العسكري على الأرض، يؤهل هذه المعارضة وحلفاءها للذهاب إلى مؤتمر جنيف والحصول على تنازلات سياسية من النظام السوري.
إن الدافع الحقيقي لتوجيه ضربة لسورية ضمن هذا السيناريو ليس المجزرة البشعة التي أدت إلى مقتل مئات السوريين، لأن صور القتل متواصلة لأكثر من العامين، وكذلك صور القتل والدمار التي كانت وما تزال تملأ الشاشات الفضائية وغيرها منذ اندلاع النزاع المسلح في سورية من طرفي النزاع.
عندما حقق النظام السوري، بمساعدة حزب الله، عدداً من الانتصارات العسكرية، واستعاد السيطرة على بعض المواقع الاستراتيجية في القصير وحمص، تداعت الدول الحليفة للمعارضة السورية، وقررت تقديم المساعدة العسكرية والأسلحة النوعية للمعارضة المسلحة لإحداث توازن عسكري من أجل الذهاب إلى مؤتمر جنيف، إذ لا فائدة من الذهاب لجنيف والمعارضة مهزومة عسكرياً، فلا بد من إحداث توازن عسكري على الأرض قبل الذهاب إلى المؤتمر.
إن نتائج توجيه ضربة عسكرية لسورية تهدف إلى إضعاف النظام وتمكين المعارضة، ليست مضمونة. ومن ثم، فإن عدم وجود حل سياسي يتبعها، سيؤدي إلى استمرار العنف في سورية، وزيادة عدد ضحايا هذا العنف من المدنيين: قتلاً وجرحاً وتشريداً، إضافة إلى زيادة قوة المنظمات الجهادية.
أما السيناريو الثالث الذي يهدف إلى القضاء على النظام السوري، فلا يمكن تحقيقه بدون احتلال سورية من خلال حرب برية. هذا السيناريو مستبعد؛ لأنه يتطلب مشاركة قوات أميركية وغربية أخرى في غزو سورية، وهو الأمر الذي لا تستطيع الولايات المتحدة القيام به لأسباب عدة، منها أميركية داخلية، إضافة إلى الخوف من الآثار الإقليمية لهذه الحرب، وعدم ضمان النتائج لناحية القوى التي ستسيطر على سورية بعد ذلك.
إن توجيه ضربة لسورية بدون وضوح رؤية لليوم التالي، قد يؤدي إلى نتائج عكسية، علاوة على عدم توفر غطاء قانوني دولي. إن المجتمع الدولي يتحمل جزءاً من المسؤولية الأخلاقية والسياسية لاستمرار العنف وآثاره المدمرة في سورية. وبدلاً من اللجوء إلى استخدام العنف وإطالة الأزمة السورية، يجب التفكير في اللجوء إلى الأمم المتحدة من خلال الفصل السابع، وفرض وقف فوري للحرب الدائرة هناك، وفرض خطة انتقالية تؤدي إلى تحول سياسي يضع سورية في مسار التحول نحو الديمقراطية، والمحافظة على وحدة سورية وكيانها وأراضيها.
mousa.shtaiwy@alghad.jo