الرئيسة \  واحة اللقاء  \  انتخابات سورية "سريالية"!

انتخابات سورية "سريالية"!

01.06.2014
د. علي الطراح



الاتحاد
السبت 31/5/2014
هنالك انتخابات رئاسية تجرى في ظل حرب دامية في سوريا، وبالطبع الكل يستغرب كيف تجرى انتخابات والدولة السورية تعيش مرحلة تفتت وقتال لا نعرف إلى أين سينتهي؟ يبدو أنها صدى حرب الانتقام التي تدور رحاها في أوكرانيا، فروسيا ربما أعطت الضوء الأخضر للمضي في الانتخابات السورية، رداً على موقف المعاضدة لأوكرانيا من قبل أميركا والغرب، وبهذه الطريقة تتحول المنطقة إلى ضحية لما يحدث. وقد شعرت بنوع من التشويش في الدعوة للانتخابات السورية التي أعرف نتائجها قبل إعلانها، وحاولت أن أبحث في كيفية تفسير ما يحدث، وكيف لرئيس أن يدعو لانتخابات وبلده يعيش حالة غير طبيعية، ورجعت بي الذاكرة وتذكرت القذافي وكيف كان يرفض ما يحدث حوله، أو بالأحرى كان عقله لا يستوعب الموقف، فهو كان يعيش حالة خاصة ربما يمكن وصفها بأنها نوع من المرض النفسي أو العرض "السيكوباتي"، أو حتى جنون العظمة. والشخص "السيكوباتي" مضطرب عقلياً ويتسم بميل كبير نحو العنف والإجرام، ويشعر براحة نفسية كبيرة عندما يرى معاناة الآخرين، فهو لا يعرف للشعور بالذنب معنى ويصاب بحالة تبلد كبيرة، وتجده لا يعي العالم الخارجي، ولا يرى الأشياء على حقيقتها، ولا يرى سوى نفسه في هذا العالم. والمصاب بهذا الاضطراب يُحجر عليه لأنه يحمل العداء لنفسه وللآخرين، إلا أننا لا نملك سلطة القبض على أولئك الذين يدمرون شعوبهم. والتاريخ مليء بمثل هذه الشواهد، فقد كان هتلر وموسوليني وستالين وصدام ومعمر وغيرهم ممن لديهم مثل هذا الاضطراب، وانتهوا نهايات مختلفة، إلا أنهم جميعاً كانت لهم قصص مؤلمة يتذكرها العالم. هم رحلوا ولكن ورّثوا ذكريات تاريخ مليء بسلوك المرضى المتوحشين الذين كانت متعتهم في الدماء.
كيف تجرى انتخابات وهنالك أكثر من مليون جريح و7 ملايين مشرد و150 ألف قتيل؟ ألا تعني هذه الأرقام شيئاً في عقول هؤلاء؟ أليست أرقاماً بشرية تدل على أن جريمة ارتكبت في حق البشرية؟ إنه المرض "السيكوباتي" الذي يجعل صاحبه غير واعٍ بما يقوم به! إلا أنه يقبض على السلطة ويستثمر في جماعات العنف، مثل ما يسمى "داعش" أو غيرها من عصابات الأمراض النفسية التي ابتليت بها المنطقة.
يقولون إن ما يحدث في سوريا هو أكبر كارثة إنسانية بعد الحرب العالمية الثانية، وتقابل ذلك لقاءات غير فعالة يجتمع فيها بعض من يعارض، إلا أن معارضتهم لا قيمة لها لدى من يصنع قرار القتل والدمار في سوريا. وهناك من يجلس على الأريكة ويبتسم لما يحدث لسوريا، ولا يعي أن عالم الجنون لا استثناء فيه، وأن قصص وحكايات نهاية هؤلاء المراهنين على العنف لا تهز لهم شعرة، فهم على ثقة بأنهم دائماً على حق! ويقابل ذلك تصاعد في التوحش البشري الذي يكاد يصيب كل البشر، وهنا قد تحدث الكارثة غير المتوقعة، فالعالم يعيش حالة ارتباك كبيرة وليس هناك من يعتقد أنه يمكن أن ينجو من هذه الكارثة لو كتب لها أن تسير في مجراها إلى ما لا نهاية. طبعاً الجامعة العربية لا حول لها ولا قوة، وهو أمر ليس بالجديد عليها، إلا أن الجديد الذي يطل علينا هو تنامي مشاعر الكراهية والانجراف نحو الهاوية، حيث هنالك شباب يفقد صوابه ويقترب من حالة الضياع، وهو يفقد كل شيء وليس لديه ما يخسره إذا ما قرر الانتقام! أما المعارضة السورية، فنقول لها: عليكم أن تدركوا أن الدهاليز الدولية لا يعوّل عليها، وعليكم التفكير بخيارات جديدة ليتذكركم التاريخ.