الرئيسة \  واحة اللقاء  \  "انتصار"؟!

"انتصار"؟!

17.09.2013
صالح القلاب


الراي الاردنية
الاثنين 16/9/2013
سيكتشف المتفائلون، جداً، بصفقة الأسلحة الكيمياوية بين روسيا والولايات المتحدة أو على وجه الدقة بين جون كيري وسيرغي لافروف أنَّ الأمور أكثر تعقيداً مما يظنون وأن كل ما جرى، كما قال وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس، هو مجرد خطوة غير مكتملة على طريق طويل وهذا يعني إنه على هؤلاء المتفائلين جداً ألاَّ يسبحوا في شبر من الماء وأن ينتظروا القادم الذي قد يكون أسوأ كثيراً من كل ما حصل!!
ما هو هذا الإنتصار الذي حققه نظام بشار الأسد بهذا الإتفاق الذي ألزمه بأن يتخلى عن كل "مكابراته" السابقة ويسارع هرولة للإنضمام إلى معاهدة تحريم الأسلحة الكيمياوية ويبدأ بخلع ملابسه قطعة بعد قطعة بعد سنوات من المماطلة والتعنت والتمسك بشروط كانت تعتبر تعجيزية...؟!
إلى ما قبل أيام قليلة من جريمة الحادي والعشرين من أغسطس (آب) الماضي كان هذا النظام، على ألسنة عدد من كبار الناطقين بإسمه، يصر على ربط تخليه عن أسلحته الكيمياوية، حيث سوريا هي الدولة السابعة في العالم التي لم تنضم إلى هيئة مكافحة هذه الأسلحة المحرمة، بتخلي إسرائيل عن أسلحتها الكيمياوية والنووية.. لكن ها هو يسارع هرولة للتخلي عن كل شيء ويعلن إنضمامه إلى هذه المعاهدة حتى قبل إستكمال الشروط المطلوبة وإستعداده لكل ما هو مطلوب منه في هذا المجال بدون لا قيد ولا شرط!!.
إذن ما هو الإنتصار الذي حققه بشار الأسد حتى يقيم مؤيدوه وأنصاره الأفراح والليالي الملاح وكل هذا مع أنَّ إقدامه على هذه الخطوة يشير إلى مدى الهلع الذي بات يعيشه بعد تلويح الأميركيين بضربتهم العسكرية التي غدت مؤجلة ويشير أيضاً إلى أنه سيبقى يخلع ثيابه قطعة بعد قطعة وإلى أنْ يصبح "ربي كما خلقتني" وهكذا ومع ذلك فإنه لن يَسْلم من محكمة الجنايات الدولية وهو سيحاسب حساباً عسيراً على إستخدام أسلحة الدمار الشامل ضد أطفال شعب من المفترض أنه شعبه وسيتحول إلى مطارد ومطلوب على كل الجرائم التي إرتكبها نظامه على مدى الثلاثين شهراً الماضية.
إنَّ قلب الحقائق إلى ضدها هي عادة متأصلة في هذا النظام فبعد هزيمة يونيو (حزيران) عام 1967 المنكرة، وكان "الراحل" حافظ الأسد يومها وزيراً للدفاع، إعتبرت تلك الهزيمة، التي لا تزال سوريا ومعها الأمة العربية كلها تدفع ثمنها وستبقى تدفع ثمنها لعقود طويلة، بمثابة إنتصار مؤزر والحجة أنَّ النظام "الثوري والتقدمي"!! الذي هو المستهدف وليس الأرض قد بقي صامداً ويا ليته لم يصمد كهذا الصمود حيث هضبة الجولان بقيت ترزح تحت الإحتلال الإسرائيلي كل هذه العقود الطويلة.
لقد نفَّذ الطيران الإسرائيلي غارات وهمية فوق القصر الرئاسي بالقرب من اللاذقية بدون أن يواجَه بأي مقاومة وعلى الإطلاق وبدون أي إعتراف رسمي بهذا "العدوان الصهيوني الآثم" وكذلك فالمعروف أنَّ الإسرائيليين كانوا دمَّروا مشروع المفاعل النووي السوري في عام 2007 وكانوا هاجموا قاعدة فلسطينية لـ"حماس" في عين الصاحب بالقرب من دمشق وكانوا، أي الإسرائيليين، قبل بضعة أسابيع قد شنوا غارات مدمرة على أهداف عسكرية إستراتيجية في جبل قاسيون وفي الحدود مع لبنان وفي الساحل السوري، على مستودعات صواريخ روسية، وكل هذا فإن كل ما قيل همساً في الدوائر الرسمية والحزبية والعسكرية أيضاً هو أنَّ الطائرات الإسرائيلية "الجبانة" قد فرَّت هاربة وولَّت الأدبار لا تلوي على شيء.
ستبقى عمليات الـ"سترب تيز" السياسي والعسكري هذه مستمرة وهذا النظام سيدفع الثمن غالياً إنْ عاجلاً وإنْ آجلاً وبالطبع وكالعادة فإنه هو وأعوانه سيبقوا يتحدثون عن إنتصارات باهرة كإنتصار سحب قوات الردع السورية في عام 2004 من لبنان خلال ساعات بعد صدور قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1559.