الرئيسة \  واحة اللقاء  \  انتصار الثورة المضادة

انتصار الثورة المضادة

12.07.2016
مازن كم الماز


الحوار المتمدن
الاثنين 11/7/2016
الحقيقة أنه لولا الطائفية لما نجح الإسلاميون في اغتصاب الثورة من أيدي السوريين , اذا كانت العسكرة مبررة جدا فإنها لوحدها لم تكن كافية أبدا لإخضاع الثورة و السوريين للإسلاميين , وحده تطييف الصراع في سوريا هو الذي حسم القضية لصالح الإسلاميين على حساب الثورة و الجماهير .. بعد 2012 تحديدا تحولت الثورة السورية إلى ما يشبه “ثورة” 23 يوليو الناصرية , من ثورة جماهير تريد الحرية إلى ثورة “يقودها” أشخاص يلبسون الزي العسكري و يفرضون أفكارهم و سياستهم بقوة السلاح الذي يحملونه , “دفاعا عن الوطن أو الأمة أو الشعب” , أو الطائفة هنا .. شيء مثل هذا حدث أيضا في مصر لكن بطريقة مختلفة ..
ثورة 30 يونيو كانت بطريقة أو بأخرى تكرارا لثورة يوليو الناصرية .. نفس الأشخاص , على اختلاف إيديولوجياتهم أو شعاراتهم و مبرراتهم , انقضوا على السلطة , هنا و هناك , باسم الثورة و الشعب و تحريره من خلال إخضاعه لهم , استخدموا نفس الأدوات القمعية و نفس الخطاب السياسي لنفس الغرض أي قمع الناس و استمرار تهميشها , حتى أنهم ارتدوا بزات عسكرية متشابهة , باستثناء شروال الجولاني و زي البعض الأفغاني و أن السيسي وحده كان يضع رتبة الماريشالية .. لم تكن “ثورة” يوليو , ثورة عبد الناصر , ثورة بالمعنى الحقيقي , كثورتي يناير في مصر و آذار في سوريا , كانت ثورة يوليو ثورة مضادة لثورة لم تقع في الواقع .. تماما كما وصف البعض الفاشية بأنها كانت ثورة مضادة لثورة لم تقع , و كيلا تقع .. و نعرف تماما كيف انتهى الوضع مع ثورة يوليو و شبيهاتها في سوريا و العراق و ليبيا و اليمن الخ الخ , و أيضا مع الفاشية ..
لكن ليست المشكلة فقط في الطائفية و لا في النخبة المعارضة السورية التي أقسمت أغلظ الأيمان على أن الصراع في سوريا هو صراع طائفي , أكثر مما فعل الإسلاميون ربما , و لا في همجية السيسي و خصومه أيضا , بل في أن الظروف تغيرت كثيرا منذ 23 يوليو 1952 .. إذا كان عبد الناصر قادرا على أن يقوم بفعل كبير على مستوى تأميم قناة السويس ثم ينجو من حرب السويس بفضل روسيا و أمريكا و يحقق تراكما رأسماليا جزئيا و بعض التطور باتجاه التصنيع , فإن الوضع اليوم مختلف .. لا يمكن للضباط “الأحرار” , جدا , الجدد أن يفعلوا شيئا كهذا اليوم ..
الوضع في سوريا في مأزق عميق , و الحسم بعيد جدا عن الجميع , و أي حل سياسي سيعني نهاية عصر الضباط الأحرار الجدد الذين أصبحوا يرتبطون مباشرة باستمرار الحرب و اقتصادها و خطاباتها التعبوية , الشيء الوحيد الذي يمكن أن يخفي و يؤجل أزمتهم .. أما السيسي فإنه غارق في مآزق متراكمة على صعيد البنى التحتية و الفوقية و الظروف التي يحاول فيها بناء ديكتاتورية طبقته و ديكتاتوريته الخاصة أصعب بكثير من الظروف التي كانت عندما انقض عبد الناصر على السلطة .. ليس صحيحا أن المصريين يفترض أن يكونوا سعداء بخلاصهم من حكم مرسي , و أنهم يكفيهم أن يتأملوا ما يجري في دار الإسلام في سوريا كي يدركوا كيف كان سيكون حالهم لو بقي مرسي في السلطة , على العكس , إن ما يجري في دار الإسلام في سوريا هو بالتحديد ما ينتظرهم , بأشكال مختلفة , على يد السيسي .. لقد اشترى هؤلاء بعض الوقت على عروشهم , الكبيرة و الصغيرة , لكنهم في مأزق كبير لا يدركونه ربما , قد ينتظر السوريون و المصريون طويلا , بل و أطول مما قد يعتقد هؤلاء , لكن لهذا الانتظار نهاية بلا شك , هكذا يخبرنا يناير و آذار على الأقل