الرئيسة \  برق الشرق  \  انحراف بوصلة الصراع السوري

انحراف بوصلة الصراع السوري

16.06.2015
المركز الصحفي السوري



عاصم الإدلبي
يبدو أن المعارك التي تدور رحاها الآن في ريف حلب الشمالي بين تنظيم الدولة الإسلامية وكتائب الجيش الحر تمثل انحرافاً عن الهدف الأهم لقوات المعارضة السورية وهي الوصول لمناطق الساحل والضغط على الحاضنة الشعبية الأكبر للنظام السوري في تلك المنطقة.
ظن الكثير من المحللين والمتابعين للشأن السوري أن قوات المعارضة السورية ستركز جهودها في الفترة القريبة المقبلة على معركة الساحل، وذلك لاستغلال حالة التخبط الشديد والانهيار الكبير في صفوف قوات النظام السوري والميليشيات الأجنبية التي تسانده لتحقيق اختراق سريع وحاسم قد يقلب المعدلة بشكل نهائي لصالح الثورة، إلا أن هناك جهات خارجية عربية كانت أو دولية لا تريد أن يمتد ريح التغيير الميداني الكبير الذي أحرزه تشكيل جيش الفتح إلى الساحل بحجة “حماية الأقليات”
وهنا نتساءل لماذا لم يتحرك ضمير العالم الذي يدعي “الحضارة والإنسانية” تجارة مئات آلاف السوريين السنة الذين أبادتهم آلة الإجرام التابعة لنظام الأسد، ويتحركون مباشرة لمجرد الإشارة فقط لضرب مناطق الساحل ذو الأغلبية العلوية التي تقاتل إلى جانب النظام منذ أكثر من أربعة أعوام.
كما سرت منذ أيام معلومات عن إيعاز دولة عربية خليجية لبعض فصائل الجيش الحر بالتوجه إلى حلب لقتال تنظيم الدولة الإسلامية الذي بدأ يتقدم في قرى ريف حلب الشمالي واقترب من معقل المعارضة في مارع في  ريف حلب الشمالي، وذلك لصرف أنظار جيش الفتح تحديداً عن معركة الساحل وجعله يقدم دعماً عسكرياً لقوات الجيش الحر الذي يواجه تنظيم الدولة، كون وجود اختلاف بين فصائل جيش الفتح وتنظيم الدولة.
ومن جهة أخرى فإن استمرار المعارك في ريف حلب الشمالي سيكون له تداعيات كارثية على الوضع المعيشي في مناطق الشمال السوري المحرر، وقد بدأت نذر الكارثة بالظهور مؤخراً في مناطق إدلب وحلب وذلك بانقطاع المحروقات عن هذه المناطق وغلاء سعرها، حيث وصل سعر ليتر المازوت (الفيول) في مناطق المعارضة إلى 250 ليرة سورية  بزيادة تصل إلى 170 ليرة سورية حيث كان يباع في هذه المناطق بسعر لا يتجاوز 80 ليرة سورية لليتر المازوت النظامي، وهذا الامر من شأنه أن يشتت الاطراف جميعها وحملها على التناحر بشكل دائم.
كل هذا بسبب استمرار التجاذبات بين الفصائل العسكرية من جيش حر وفصائل إسلامية مسيطرة على الأرض، فقد تحولت سوريا إلى دويلات صغيرة كل منها يحكم من قبل فصيل عسكري لا يعترف بالآخر والشعب السوري هو وحده من يتحمل وزر هذه التجاذبات والصراعات على الأرض السورية، وكأن هناك إرادة دولية لاستمرار الصراع وعدم جعله يدخل مرحلة الحسم التي طال انتظارها.