الرئيسة \  واحة اللقاء  \  انعدام الثقة بين الفاعلين في سوريا

انعدام الثقة بين الفاعلين في سوريا

27.02.2018
عمار عوض


الخليج
الاثنين 26/2/2018
أكد محلل بريطاني أن كل اللاعبين على الساحة السورية الآن لا يثقون في بعضهم بعضاً، ورأى أن كل التحالفات القائمة حالياً ما هي إلا تحالفات قصيرة الأمد لن تستمر طويلاً.
قال المحلل مارتن شولوف المتخصص في شؤون الشرق الأوسط للإصدار الأسبوعي "الأوبزرفر"، إنه بالنظر لكثافة القصف على الغوطة الشرقية وتواصله، كان من المفترض أن يكون عناصر الفصائل قد استسلموا، مضيفاً كلما ازداد تشبث الفصائل بموقفها، ازدادت ضخامة القنابل التي يقصف بها النظام المنطقة، وازدادت حدة الغارات الجوية.
ويؤكد شولوف أنه بالنسبة لنحو 400 ألف شخص يعيشون في الغوطة الشرقية، فإن الغارات الجوية هي الكابوس الذي يتخطى أي مخاوف أخرى، لأن القصف لا يميز وقد يحل في أي مكان فيقتل من يقتل ويصيب من يصيب.
ويعتبر شولوف أن السيطرة على الغوطة هي حجر الزاوية بالنسبة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظام الأسد، للسيطرة على العاصمة دمشق، وبالتالي الفوز بالحرب في سوريا، لكن خارج المعترك السوري، فإن أعداء وأصدقاء الرجلين على حد سواء يعتقدون أنهما أخطآ في الحسابات.
ويسترجع شولوف المشهد قبل نحو عام ونصف العام عندما بدأ التدخل الروسي بعدما استنجد الأسد ببوتين في وقت كان مسلحو المعارضة على أبواب معقل الأسد في الساحل، ويقصفون تخوم اللاذقية وطرطوس، موضحاً أنه في ذلك الوقت لم يكن واضحاً إلى أي حد ستتورط روسيا في المستنقع السوري، وكيف ستستثمر الموقف في واحد من أخطر الصراعات في العالم.
ويضيف شولوف، أما الآن وبينما نظام الأسد لم يعد في خطر ولا يواجه شبح الانهيار، فإن البلاد لم تعد أبداً نفس البلاد التي اعتاد أن يحكمها، فالسلطة المركزية التي تتحكم في دولة بوليسية لم تعد بنفس القوة والسيطرة لعدة أسباب، أولها المعارضة المسلحة، وثانيها اللاعبون الإقليميون الذين أصبح لهم نفوذ كبير داخل البلاد ويسعون لاستثمار الفرصة والدفاع عن مصالحهم في حقبة ما بعد الحرب.
ويوضح شولوف أن المصالح الإيرانية ومصالح الدول المجاورة لسوريا لا تتسق مع المصالح الروسية إلا قليلاً، لذلك يرى شولوف أن الجانبين يغرقان في مستنقع ولا يمكنهما رؤية ذلك حتى الآن.
ويشير شولوف إلى أن بوتين على وجه الخصوص يعلم أكثر من غيره أن سوريا غير قابلة للسيطرة عليها بالشكل الحالي، فبعد خطاب النصر الذي ألقاه في قاعدة جوية روسية قرب إدلب قبل نحو شهرين تبعه عدة أحداث متتالية ورّطت روسيا أكثر في المستنقع السوري، كما عرّت نظام الأسد واعتماده كلياً على حلفاء يخوضون الحرب نيابة عنه.
ويقارن شولوف تصريح بوتين بالانتصار في الحرب السورية من قاعدة إدلب بخطاب جورج بوش الذي أعلن فيه الانتصار في الحرب على الإرهاب من على متن حاملة الطائرات الأمريكية أبراهام لنكولن، ويعتبر شولوف أن كلا التصريحين كان متسرعاً، ويسعى لترسيخ فكرة القوة العالمية الكبرى وقدرة سلاحها على حسم المعارك سريعاً، لكن بوتين بدلاً من الوصول لهدفه أكد للجميع قصور قدرات بلاده الدبلوماسية.
ويؤكد شولوف أن جيران سوريا حالياً وقادة المنطقة لا يمكن توقّع خطواتهم التالية، ويضرب مثلاً بالتدخل التركي في شمالي سوريا ضد الأكراد، وهو الأمر الذي كانت تركيا تسعى لتجنبه طوال عدة سنوات، لكن في النهاية دخل الأتراك شمالي سوريا بالتنسيق مع الروس، وهم أيضاً وفي الوقت نفسه أكبر حلفاء وداعمي نظام الأسد الذي يسعى بدوره لإخراج تركيا من البلاد بأسرع وقت.
يخلص شولوف إلى أن الإيرانيين يحظون بالسيطرة الكبرى على نظام الأسد، وأنهم جاؤوا إلى سوريا ليبقوا فيها، علاوة على أنهم تركوا الروس يتقدمون ويشنون الغارات على المعارضة، بينما الإيرانيون يدعمون قواتهم في سوريا، موضحاً أن كل اللاعبين على الساحة السورية لا يثقون في بعضهم بعضاً، وأن كل التحالفات القائمة حالياً ما هي إلا تحالفات قصيرة الأمد لن تستمر طويلاً.