الرئيسة \  واحة اللقاء  \  اوباما لا يشبه بوش لكن النتائج الكارثية متشابهة!

اوباما لا يشبه بوش لكن النتائج الكارثية متشابهة!

03.09.2013
رأي القدس
رأي القدس



القدس العربي
الاثنين 2/9/2013
يعكس قرار باراك اوباما احالة مسألة الموافقة على الضربة العسكرية الامريكية للنظام السوري الى مجلس النواب، بشكل مدهش، الازمة الفظيعة التي ينوء تحتها نهج اوباما السياسي.
ينسجم قرار كثيرا مع النمطية التي تأطرت فيها شخصيته السياسية التي اعتاد عليها الناس في الولايات المتحدة والعالم، وتتميز هذه الشخصية بكونها مترددة وتتراجع عند الضغط (كما حصل في موضوع النزاع الفلسطيني الاسرائيلي) ولا ترغب في تحمل مسؤولية قرارات كبيرة، لا في امريكا ولا في العالم.
باستثناء عملية اغتيال زعيم القاعدة اسامة بن لادن، واستخدام الطائرات الحربية دون طيار في افغانستان واليمن وبلدان اخرى، لم يدخل اوباما في اية مواجهة عسكرية مع اية جهة لا داخل امريكا ولا خارجها.
لا يعود الأمر الى التجربة الامريكية المرة في افغانستان والعراق فحسب، ولا حتى بالأزمة الاقتصادية الامريكية فهذه الأسباب وحدها لا يمكن ان تفسر دور اوباما في تكريس الخلل السياسي الذي خلقه امتناعه عن تحمل أية مسؤولية عن الحرب الهائلة التي يخوضها النظام السوري وحلفاؤه الاقليميون والدوليون ضد الشعب السوري.
أدى هذا الموقف الامريكي الى تغوّل غير مسبوق للنظام الذي لم يوفر طريقة لا لقمع شعبه فحسب بل لتدمير الحجر والشجر والنسيج الاجتماعي والديني والتاريخي للمنطقة، مما صعد الأزمات السياسية في لبنان والعراق والاردن وتركيا بشكل هدد جغرافيات وحدود وكيانات تلك البلدان، وحوّل شعباً معتدلاً ووسطياً مثل الشعب السوري الى حاضنة لجهات التطرف الجهادي المسلح.
تردد اوباما وامريكا في تحمّل مسؤوليات واكلاف الموضوع السوري أدى وسيؤدي، الى دفع عشرات اضعاف هذه الاكلاف لاحقاً، وهو أمر يثبت انه لا يمكن تجاهل أزمات العالم وتسويفها ومعالجتها بالخطب وحفلات العلاقات العامة والصفقات السياسية مع الدب الروسي الذي يريد جزءا اكبر من كعكة المشاركة في ادارة العالم.
بعد احالة قرار الضربة الى الكونغرس، سيجد اوباما نفسه في موقف أصعب من اتخاذ الحرب، وسواء وافق الكونغرس أم رفض، فان الرئيس الأمريكي سيمنى بهزيمة لادارته ولنهجها في تأجيل معالجة الى ان تصبح غير قابلة للعلاج، وهو أمر سيؤدي، ربما، الى اكتشاف بطل نوبل للسلام، لاحقاً، ان البحث عن السلام بإرجاء الحرب قد يؤدي الى نتائج اسوأ من نتائج الحرب نفسها!
في بداية ولايته الاولى توجه اوباما للعالم العربي بخطاب مليء بالأمال والوعود، لكنه فوجئ ان طغاة المنطقة، وعلى رأسهم اسرائيل، لم يعاملوه مثلما فعلت ادارة جائزة نوبل التي منحته الجائزة لأنه… لم يفعل شيئا.
العالم الذي راقب بفزع اندفاعات القوة الامريكية العمياء في افغانستان والعراق خلال حكم جورج بوش الابن انتبه متأخرا ان تدخلات امريكا الوحشية لا يوازيها في نشر وتثبيت النتائج الكارثية الا وحشية عدم تدخلها عندما يحتاج العالم الى توازن يوقف نظاما محميا دوليا واقليميا عن ابادة شعبه.
ينطبق هذا الأمر على سورية كما ينطبق، بأشكال مختلفة، على فلسطين والعراق وبلدان أخرى تعاني من مسؤولية الادارة الامريكية عن كوارثها.
قد يكون أوباما عكس بوش ولكن عدم الردّ على اختلال العالم يطابق المشاركة في اختلاله ويؤدي الى النتائج الكارثية نفسها!