الرئيسة \  واحة اللقاء  \  اوباما و"داعش"… و"سرطان الفشل"؟

اوباما و"داعش"… و"سرطان الفشل"؟

24.08.2014
رأي القدس
رأي القدس



القدس العربي
السبت 23/8/2014
يبدو ان الصحافي الامريكي جيمس فولي كان يجب ان يفقد حياته ذبحا في ذلك المشهد البشع امام العالم، حتى يدرك الرئيس باراك اوباما ان تنظيم داعش يشبه "السرطان"، (ورد هذا التشبيه لخطورة داعش في مقال نشر في هذا المكان قبل اسابيع)، وكأنه لم يكن يرى صور المذابح الجماعية التي لم ينج منها اتباع مذهب، سواء في العراق او سوريا.
واكتفى اوباما بالقول انه "سيفعل ماهو ضروري لتحقيق العدالة"، فيما تتضارب الآراء بشأن ان كان يملك حقا استراتيجية واضحة للتعامل مع ذلك "السرطان"، وهو الأمر الذي لن يكون سهلا بعد ان دخل في مرحلة متأخرة.
ويقول مسؤولون أمريكيون إن من المستبعد أن يعمد أوباما لتوسيع الدور العسكري الأمريكي في العراق أو سوريا، وإنه قد يستمر في توجيه الضربات الجوية، وذلك رغم الضجة التي أثارها ذبح الصحافي الأمريكي في الداخل والخارج، وإنه لا توجد خطط لتغيير كبير في الحملة الأمريكية على مقاتلي داعش.
الا ان الجنرال ديمبسي رئيس هيئة الاركان الامريكية يعترف بأن الغارات الجوية على العراق فقط لا يمكن ان تحقق اهدافها مع التغاضي عن الملاذ الآمن الذي يحظى به داعش في سوريا.
وقال ديمبسي للصحافيين، أمس الجمعة، "هل يمكن هزيمتهم بدون معالجة ذلك الجزء من التنظيم الذي يقيم في سوريا؟ الاجابة لا. ذلك سيتعين معالجته على جانبي حدود غير موجودة بشكل اساسي في هذه المرحلة."
هذه شهادة امريكية نادرة بفشل سياسة اوباما الحالية، والسؤال هنا ان كان الرئيس الامريكي مستعدا حقا لتوسيع التدخل العسكري على جانبي الحدود السورية العراقية غير القائمة، وهو ما واظب على رفضه لسنوات؟ ام انه سيكتفي بتلك الغارات كنوع من ذر الرماد في العيون؟
وبالطبع فإن الاتهام الجاهز الذي ينتظر اوباما،ان فعل، هو انه ترك سوريا تتحول الى نهر من الدماء (اكثر من مائة وتسعين ألف قتيل حسب تقرير للامم المتحدة أمس)، ثم قرر ان يتدخل لمكافأة القاتل عمليا، اذ ان القضاء على داعش سوف يحسم حرب الميليشيات التي تشهدها البلاد لمصلحة النظام.
ويبدو ان اوباما سيفتقد هذه المرة دعم شريكه الرئيسي في هكذا خطوة، وهو ما اكده وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند، الجمعة، باستبعاده اقامة اي نوع من التعاون مع نظام الرئيس السوري بشار الاسد من اجل التصدي لتنظيم الدولة الاسلامية.
وفي المقابل اعتبر قائد الجيش البريطاني السابق لورد دانات الجمعة، انه سيكون من الحكمة اعادة فتح قناة اتصال مع النظام السوري لمكافحة مقاتلي الدولة الاسلامية.
وقال لورد دانات ان "المثل القديم القائل… عدو عدوي هو صديقي… بدأ يكون له تأثير في علاقتنا مع ايران. واعتقد ان الأمر سيكون كذلك في علاقتنا مع الاسد".
وبالفعل اشارت تقارير صحافية الى احتمال وجود صفقة امريكية ـ ايرانية للتعاون ضد داعش عسكريا، مقابل تنازلات تحصل عليها طهران في الاتفاق النهائي بشأن برنامجها النووي.
المؤكد هو ان اوباما يتخبط سياسيا في العراق، تماما كما يفعل في باقي الشرق الاوسط، بل وداخل بلاده ايضا. وهو ما زال وفيا لما يمكن ان نسميه "السرطان من الفشل الشخصي" الذي وصلت بسببه الولايات المتحدة الى مستوى تاريخي من الافتقار الى الرؤية والنفوذ، بل وفقدان الهيبة والاحترام في هذا الجزء من العالم.
اما الواقع فهو ان الولايات المتحدة تتحمل مسؤولية تاريخية خاصة عن ظهور هذا "السرطان الداعشي" مع غزوها الاجرامي للعراق في العام 2003، ويجب عليها ان تتحمل عواقبه الكارثية.
واذا كان اوباما يعدّ الايام لتنتهي فترة ولايته دون التورط في حرب كبيرة، فإن الانباء غير السارة له هي ان داعش قد اعلن الحرب من جانبه فعلا. وحسب مقال رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون قبل ايام فإن ذلك التنظيم الارهابي ربما يكون موجودا فعلا في شوارع عواصم الغرب ومدنه الكبرى، وليس أدل على ذلك من ان الذي قام بذبح الصحافي فولي هو"داعشي بريطاني اسمه جون".
وبالطبع فإن الحديث هنا ليس عن إعادة للتاريخ الدموي الامريكي في العراق، بل عن قيام المجتمع الدولي بما فيه الولايات المتحدة بعمل محدد ومسؤول تجاه هذ الخطر الإرهابي الداهم.