الرئيسة \  واحة اللقاء  \  اوروبا ستشتري النفط السوري.. محاولة للهروب من الاستحقاق المطلوب

اوروبا ستشتري النفط السوري.. محاولة للهروب من الاستحقاق المطلوب

02.05.2013
كرم يوسف

القدس العربي
الخميس 2/5/2013
من المجحف القول ان الاتحاد الاوروبي في حاجة لشراء النفط السوري، وأنه لأجل هذه الحاجة عقد أكثر من اجتماع على مستوى وزراء خارجيتها، وجعل هذا الموضوع مدار نقاش على طاولة جلساته وأنه بهذا سيحاول دعم المعارضة السورية في طريقها الى إسقاط نظام الأسد، الموضوع في رمته لا يتعدى محاولة هرب الاتحاد الاوروبي من الاستحقاق المطلوب، وهو دعم الجيش الحر وبالمقابل محاولة إثارة فتنة بين صفوف الجماعات المسلحة، إذا أنه من غير المعقول أن يخشى الاتحاد الاوروبي دعم المعارضة المسلحة بسبب خوفه من وصول هذا الدعم إلى الجماعات المتطرفة وخوفه من ازدياد وتيرة العنف، وفي مقابل ذلك السعي إلى الاعتراف بهذه المعارضة من خلال شراء النفط منها، وكأنه لم تعد هناك منابع للنفط في العالم باستثناء سورية.
يعي الاتحاد الاوروبي كما تعي أمريكا أنه حين تأسيس لواء الضباط الأحرار في النصف الثاني من 2011 وبعده تأسيس الجيش الحر لم يكن هناك ما يسمى بجبهة النصرة، التي بسببها تتخوف الاثنتان من دعم المعارضة المسلحة في سورية، وكان في وسعهما حينها إمداد الجيش السوري الحر بالأسلحة النوعية أي قبل وجود جبهة النصرة والجماعات الإسلامية المتشددة الأخرى على الأرض مادامت روسيا وإيران تجاهران بتسليح هذا النظام، لا بل أن روسيا تقول وعلى لسان أحد قادتها العسكريين انه لا يوجد ما يمنع من تزويد النظام السوري بالأسلحة، وأن الأمر شرعي.
يمكن القول أيضاً ان أحد أسباب تأخر الدعم العسكري الاوروبي والأمريكي وإيصاله عبر التنقيط هو فقط لئلا تموت الثورة، بل تستمر الثورة ليصير هذا البلد سورية – جحيماً نتيجة صراع غير متكافئ بين نظام يملك أسلحة بإمكانه من خلالها خوض حروب مع دول ويستخدمها ضد ثائرين في وجهه من شعبه.
وما دامت اوروبا وامريكا تخشى وصول المساعدات العسكرية إلى الجماعات المتطرفة – وهي لم تقدمها قبل ظهور هذه الجماعات- فإن تأخر دعمهما للجيش الحر ساهم في وجود كل الأطر العسكرية المسلحة المتشددة ضمن مخطط مدروس، وفي مقابل كل هذا يعي الاتحاد الاوروبي وأمريكا أنه ليس كل من يحارب على الأرض مرتبط بجبهة النصرة التي لا يزيد عناصرها حسب كثير من الاستطلاعات عن 6 آلاف مقاتل.
على اوروبا وامريكا أن تدركا أن ما وضعتاه من خطط لإدارة الحرب في سورية لا شك سوف تنقلب عليهما سلباً، فهي في الوقت الذي تدعي أنه بسبب هذه الجماعات المتشددة لن تدعم الجيش السوري الحر فإن تحول سورية إلى موطئ قدم جديد لهذه الجماعات سيغدو مع الزمن استحالة القضاء عليها، لا بل أن بلدانهما بحد ذاتها سوف تتأثر بها وليس فقط سورية.
الاتحاد الاوروبي الذي طرح على طاولة اجتماعات قادته مسألة شراء النفط من المعارضة السورية يدرك جيداً أن قسماً كبيراً من آبار النفط هذه تقع في إيدي هذه الجماعات المتشددة مما يقتضي التفاوض معها مستقبلاً في ما لو وصلت لقرار نهائي بشراء النفط منها، فلماذا تحاول التفكير في الشراء منها وفي ذات الوقت تدمر شعباً كاملاً بسبب هذه الجماعات ولا ترفع الحظر عن المعارضة المسلحة في سورية؟
المطلوب اليوم من اوروبا وأمريكا الالتفات إلى معاناة هذا الشعب قبل الالتفات إلى مصلحة إسرائيل في سورية مدمرة وقبل الالتفات إلى مصالحهما في سورية، فالحرب في كل حال ستنتهي وإن دامت عشر سنين أخرى ومن سينتصر فيها لا شك لن يكون الأسد لأن الأسد يخوض هذه الحرب ليس فقط ضد السنة في سورية فهو جلب الموت للآلاف من أبناء طائفته أيضاً، والتاريخ عودنا على أن المنتصر في الحروب بين الشعوب وحكامها ستكون الشعوب.
المطلوب من اوروبا وأمريكا اليوم وقبل أي وقت آخر المسارعة في إنهاء أتون هذه الحرب التي غيرت تاريخ وجغرافية سورية، ووزعت الموت بين كل عوائل هذه البلد أو شردتهم أو جعلتهم وراء قضبان السجون فمصالحها تتحقق عبر إنهاء حكم طاغية دمشق لا عبر حماية مصالح إسرائيل قبل أي شيء في سورية مدمرة لا تصحو بعد مئة عام، لأن سورية كانت بلداً وستبقى وستصحو مهما طال أتون هذه الحرب، وذاكرة شعبها لن تنسى من وقفوا إلى جوارهم.
المطلوب أمريكياً واوروبيا ليس الاكتراث بمصير نفط سورية، بل بمصير أصحاب هذا النفط بعد أن باعوا هذا الشعب لأجل طاغية دمشق ولأجل إسرائيل.