الرئيسة \  تقارير  \  فايننشال تايمز ألمانيا تمتلك مفتاح ردع التحركات الروسية ضد أوكرانيا

فايننشال تايمز ألمانيا تمتلك مفتاح ردع التحركات الروسية ضد أوكرانيا

25.12.2021
الجزيرة


الجزيرة
الخميس 23/12/2021
بعد 30 عاما من اندلاع الحرب اليوغوسلافية تواجه أوروبا مرة أخرى احتمال نشوب صراع مسلح كبير داخلها، إذ يقدر المراقبون عدد القوات التي نشرتها روسيا على حدودها مع أوكرانيا بحوالي 100 ألف ويشعرون بقلق من أن ذلك ربما يعني الاستعداد لغزو هذا البلد قريبا.
هذا ما استهل به الكاتب فريتز ستيرن رئيس معهد "بروكينغز" (Brookings) مقالا له بصحيفة "فايننشال تايمز" (Financial Times)، حيث ذهب إلى أن هناك إحساسا لدى البعض بوجود ابتزاز من الطرف الروسي، خصوصا أن ما يحدث اليوم شبيه بما وقع في مرات سابقة، لكن الوضع اليوم أسوأ بكثير مما كان عليه قبل 30 عاما في نواحي عدة، وفقا لهذا الخبير الإستراتيجي.
وتحت عنوان "ألمانيا تمتلك مفتاح ردع التحركات الروسية ضد أوكرانيا"، استعاد ستيرن ذكريات ما حدث في التسعينيات عندما كانت الولايات المتحدة مترددة في المشاركة في إنهاء إراقة الدماء بشبه جزيرة البلقان، مبرزا في هذا الصدد أن ألمانيا عندما قررت التدخل فعلت ذلك مؤازرة للحلف الأوروبي ولم تتدخل روسيا المنهكة آنذاك، بل إنها ضغطت على الدكتاتور الصربي سلوبودان ميلوسيفيتش لسحب قواته من كوسوفو فتوقفت طائرات الناتو عن قصف بلغراد، لتنتهي بذلك تلك الحرب التي شاركت فيها ألمانيا ميدانيا ولكن بعد نقاش مؤلم حول ما إذا كان تاريخها يسمح لها بذلك.
واليوم -يقول الكاتب- تؤكد إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن أنها ملتزمة بشدة بأمن السيادة الأوروبية والأوكرانية، ومع ذلك، فهي مشلولة نتيجة للاستقطاب السياسي وهي تدرك تماما محدودية تأثيرها على الناخبين الذين ملوا الحرب ولم يعودوا يثقون في السياسة.
ولفت ستيرن هنا إلى أن "الصقور" القلائل المتبقون في واشنطن ينصب تركيزهم الآن حصريا على الصين، كما أن سياسة ضبط النفس وعدم الانجرار للعمليات القتالية تجد المزيد والمزيد من التأييد داخل الحزبين.
وفي الوقت نفسه، يقول الكاتب إن روسيا تآمرت مع بيلاروسيا في استخدامها الهجرة إلى الاتحاد الأوروبي كسلاح وأقدمت على تفجير أحد الأقمار الصناعية بصاروخ، مما أدى إلى إنشاء حقل حطام في مدار أرضي منخفض، وهو ما يهدد البنية التحتية الفضائية للعالم.
وفي المقابل -يقول الكاتب- حرصت شركة "غازبروم" التابعة للدولة الروسية -على الرغم من نقص العرض وارتفاع الأسعار- على ملء مرافق تخزين الغاز في ألمانيا.
قائمة الرغبات
وذكَّر الكاتب بأن روسيا تشن حربا بالوكالة في منطقة دونباس الشرقية بأوكرانيا منذ 2014، أدت حتى الآن إلى مقتل أكثر من 13 ألف شخص.
لكنه لفت إلى أن روسيا تقدمت بقائمة رغبات إلى الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي الأسبوع الماضي شملت مسألة توسع الحلف وإزالة جميع الأسلحة النووية الأميركية في أوروبا، بما في ذلك القنبلة الألمانية "بي-61 (B-61).
وأوضح الكاتب أن مثل هذه الرغبات تتجاوز مسألة أوكرانيا، إذ تطالب موسكو في الواقع بمنطقة نفوذ تبدأ عند الحدود الشرقية لألمانيا وتكون خالية من السلاح النووي، وهو اقتراح غير مقبول في الغرب.
وعلق الخبير على ذلك بالقول إن هذه المطالب -حتى وإن كان الهدف منها هو الضغط لإجراء مفاوضات دبلوماسية وإحداث انقلاب في كييف- خطيرة للغاية.
واعتبر ستيرن أن تهديد واشنطن وبروكسل لموسكو بـ"عواقب وخيمة وتكاليف جسيمة" -إذا اتخذت إجراء عسكريا ضد أوكرانيا- يكتنفه الغموض، مشيرا إلى أن هذا الغموض ربما كان مقصودا حتى لا يكون ثمة مبرر للتصعيد، كما أنه ربما كان محاولة لإخفاء انقسام أوروبا على نفسها في هذه المسألة.
أما بالنسبة لألمانيا، فإن ستيرن يرى أنه لم يعد بإمكانها التذرع بالتاريخ للبقاء جانبا، إذ تعتبر هي وكبريات الاقتصادات الأوروبية الأخرى الركيزة الضرورية للجهود الغربية لردع بوتين، مبرزا أن جميع الإجراءات المحتملة -كالعقوبات على الكيانات الروسية أو نظام الدفع الإلكتروني السريع أو خط أنابيب "نورد ستريم 2"- كلها ستكون مكلفة ماليا وسياسيا للحكومة الجديدة و(للمستشار الألماني) أولاف شولتز.
ولكن ما البدائل؟ يتساءل الكاتب، ليعلق قائلا إن الحرب في يوغوسلافيا استمرت 10 سنوات ويقدر عدد القتلى فيها بـ40 ألفا ولا تزال شبه جزيرة البلقان منطقة معضلة، وعلى بوتين -يقول ستيرن- أن يضع في اعتباره أن اثنتين من جمهوريات يوغوسلافيا الشيوعية الست السابقة موجودة حاليا ضمن الاتحاد الأوروبي، وأن 4 منها أعضاء في حلف الناتو.
المصدر : فايننشال تايمز