الرئيسة \  واحة اللقاء  \  بالنسبة للأردن سوريا ليست العراق أو مصر

بالنسبة للأردن سوريا ليست العراق أو مصر

07.04.2013
طاهر العدوان

الرأي الاردنية
الاحد 7/4/2013
يردد كثيرون القول بان ( مأساة ) الربيع العربي في سوريا شكلت عامل خوف من عملية الإصلاح السياسي ، هذا من جانب ، واطفأت من جانب آخر حماسة الشعوب عندما شاع اليأس والخوف من تكلفة المواجهة مع الحكومات . لقد توحدت صفوف خصوم الإسلام السياسي في مصر وبلاد عربية اخرى وهم يرون الرئاسة الاخوانية ( المعتدلة) تختار التفرد في صياغة الدستور باسم شرعية صناديق الاقتراع .
 في الأردن يشاطر خصوم الإسلام السياسي أعداء الإصلاح بوجهة النظر القائلة بان أي انجراف غير محسوب في تيار الربيع العربي يعني وصول التيارات الإسلامية إلى السلطة مع قلق من التأثر بالتيارات المتشددة بين صفوف الثورة السورية ، مثل جبهة النصرة والقاعدة ، وصولا الى الاستنتاج بان الإصلاح وربيعه يحمل معه الى الاردن مخاطر وصول الجماعات المعادية لفكرة الحرية والتي محصل شعاراتها استبدال ديكتاتورية باخرى.
 أشاطرهؤلاء مخاوفهم من ما سترسو عليه سوريا المقبلة من اوضاع ، سواء انتصرت الثورة أو استمرت الحرب سنوات طويلة ، لأنه في الحالتين سيكون الأردن أمام وضع غير عادي في جارته الشمالية ، التي ستدخل مخاضا طويلا قبل ان تستقر الأمور فيها على توافق ثوري وشعبي حول شكل نظام الحكم وطبيعة الحكومة الوطنية .
لكنني لا أشاطر هؤلاء استنتاجاتهم بان على الأردن ان يتوقف عن الإصلاح السياسي وبان عدم الاستجابة إلى مطالب المعارضة والقوى الشعبية هو أفضل الطرق لمواجهة اي انعكاسات سلبية على البلد من الأوضاع الراهنة والمقبلة في سوريا وعلى الحدود. وعلى العكس من هذه الاستنتاجات ، تشكل عملية الاستمرار في الإصلاح ضمانة كبرى لحماية البلد من الآثار المتوقعة ( لحالة ثورية ) في سوريا تقوم على انهار من الدماء و تضم عدد كبير من الفصائل المسلحة التي لا يجمعها شيء غير هدف اسقاط النظام .
سوريا ليست العراق التي تفصلها عن عمان صحراء شاسعة ولا هي مصر وليبيا الموجودتان في قارة أخرى ، جنوب سوريا وشمال الأردن يشكلان حوران بكل تاريخها وتداخلاتها العشائرية والاجتماعية ، ودمشق اقرب الى عمان في المسافة من بعض المدن الأردنية . لهذا فان الاعتقاد بان ما يتغير في سوريا لا يؤثر في الأردن هو إنكار لحقائق التاريخ والديموغرافيا . ومن غير الحكمة ان يضع احد أقدامه بالمياه الباردة ، فموقع الأردن على مسرح الحدث السوري ليس في صالة المشاهدة إنما في موقع واستخلاص العبر وتتبع الحكمة القائلة بان الوقاية خير من قنطار علاج والعلاج في هذه الحالة هو الإصلاح والإصلاح .
ما يجري في سوريا لا يفرض علينا فقط أعباء تدفق مئات الآلاف من اللاجئين ، إنما أيضاً وأيضاً إطلاق عملية تطوير ديموقراطي تقي البلد وشعبه من امتدادات التطرف والعنف ومناخاته ، لا بد من البحث عما يعيد روح الحوار والتوافق الوطني بين الجميع ، ولا بد من رؤية برامج وخطط حكومية ونيابية تقنع الاردنيين بان خارطة الطريق الملكية للاصلاح جدية وانها للعمل والتنفيذ وليس للنقاش من اجل النقاش ، بعبارة موجزة تفرض أحداث سوريا إعادة تحريك عجلة الإصلاح وبقوة وليس الركون الى ما انجز ، وكما يقول المثل (لا تنام بين القبور ولا تحلم أحلام مزعجة ).