الرئيسة \  واحة اللقاء  \  بانتظار "القمة" التي ستدق ساعة الحرب!

بانتظار "القمة" التي ستدق ساعة الحرب!

17.06.2013
حسين رواشدة

الدستور
الاثنين 17/6/2013
فجأة دخلت مصر على خط الصراع في سوريا من بوابتين: احداهما سياسية رسمية عبر عنها الرئيس مرسي في خطابه الاخير الذي اعلن فيه قطع العلاقات مع سوريا، والانحياز للثورة ضد النظام، ومطالبة حزب الله بالانصراف من جبهات القتال، اما البوابة الاخرى فهي شعبية دينية، تبناها التيار السلفي الذي نظم مؤتمرا حضره نحو (70) ممثلا عن الهيئات الاسلامية، واعلن في ختامه عن الدعوة “للجهاد” في سوريا دفاعاً عن الشعب السوري، وسرعان ما انضمت جماعة الاخوان المسلمين الى هذا التيار “السني” كما انضم اليه في اللحظة ذاتها إمام المسجد الحرام - بما يمثله في السعودية من ثقل ديني - حيث افرد خطبة الجمعة الماضية للطلب من “المسلمين” التوجه للجهاد في سوريا.
التحرك المصري لم يكن معزولاً عن تحولات دولية اخرى اقليمية تجاه الملف السوري، فقد تحركت واشنطن من مربع “التردد” الى مربع “الهجوم” المحسوب، ورفعت الدبلوماسية هناك من حدة تحذيراتها للنظام، مستحضرة “قضية” الكيماوي، ومستندة الى “الخلل” الذي أصاب موازين القوى بين النظام والمعارضة، فيما يبدو ان الاستعدادات العسكرية الامريكية انطلقت في مسار مواز تمهيداً لاختيار مقاربة “للتدخل” في المستقبل وفقا لسيناريوهات لم تتضح بعد.
وعلى ايقاع “اللغة” الامريكية الجديدة جاءت مواقف بعض الدول الغربية كبريطانيا وفرنسا منسجمة مع “الخطوات” الجديدة التي استهدفت تغيير “التموضع” السياسي والعسكري الدولي تجاه النظام السوري، فيما لم تكن السعودية خارج هذا السياق، فقد قطع العاهل السعودي زيارته الخاصة بعد ان التقى وزراء سعوديين بمسؤولين في دول معنية بما يحدث في سوريا، ويرجح ان السبب وراء ذلك يتعلق “بمستجدات” خطيرة حول “سوريا” وبموجبها انتقلت المملكة هناك - وفقا للتحولات التي جرت - من موقف الانتظار الى “المبادرة” حيث حسمت انحيازها ضد النظام بشكل معلن لأنها “لا تقبل لإيران ان تنتصر في هذه الحرب” كما ذكر مطلعون مقربون من دوائر صنع القرار هناك.
حين ندقق في المشهد الجديد سنكتشف بأن الطرف العربي الذي تحمس في بداية الصراع داخل سوريا “لمواجهة” النظام ثم انسحب فيما بعد، قرر _ وبشكل مفاجىء - استعادة “الملف” السوري، وربما التدخل بقوة اكبر ضد الاسد وحلفائه، سواء من خلال ممارسة ضغوط سياسية عادة او السماح بتزويد المعارضة بالاسلحة او “المجاهدين” بالمرور، او من خلال “المشاركة” في اية حملة عسكرية دولية قادمة.
من المتوقع - بالطبع - ان يتضح السيناريو العربي في القمة المنتظرة التي دعا اليها الرئيس المصري، وربما تكون شبيهة بتلك التي عقدت في القاهرة قبل “الحرب على العراق” اذ انها شكلت “الرابعة” السياسية التي فتحت لامريكا - عربيا، مدخل اعلان الحرب واسقاط النظام العراقي آنذاك.
لكي نفهم “أسرار” هذا التحول المفاجىء في المواقف تجاه النظام في سوريا لا يكفي الاشارة فقط الى “انحياز” حزب الله للنظام وانتصاراته في “القصير” ولا - ايضا - موقف ايران الداعم أساسا لبشار الاسد، وانما ثمة حسابات اخرى “دولية” واقليمية فرضتها مصالح وهواجس متعددة بعد ان تحول الصراع من مداراته الاهلية الى مدارات “طائفية”، ومن موازين متعادلة بين الطرفين الى موازين جديدة لصالح النظام، وبعد ان اصبح قرار “الانتصار” بيد ايران وحليفه حزب الله، بما يشكله ذلك من تغير في خرائط القوى والنفوذ في المنطقة، وخاصة اذا ما كانت “اسرائيل” هي المتضرر الاكبر من هذه المآلات.
باختصار عنوان المرحلة القادمة هو “التحشيد”، والفاعلون فيها سيجدون انفسهم امام “اضطرارات” لتوظيف الدين والمذهب والسياسة كل حسب مصالحه، واغلب الظن أننا مقبلون على “حرب” لا أحد يعرف نتائجها، لكن من المؤكد ان الجميع في المنطقة سيتورط فيها، وسيدفع تكاليفها تبعاً لمشاركته أو قدرته على امتصاص تداعياتها.