الرئيسة \  واحة اللقاء  \  بانياس تُقتل بصمت

بانياس تُقتل بصمت

09.05.2016
محمد جهاد نيعو


 كلنا شركاء
الاحد 8/5/2016
بانياس، هذه المدينة التي ذبحت على مرأى ومسمع هذا العالم المتواطئ،عبر سكوته عن الجرائم التي ارتكبها النظام القاتل بحق الشعب السوري، عاد الرعب اليوم ليجتاحها من جديد. فبعد مضي ثلاثة أعوام على المجازر الطائفية والتصفية العرقية التي نفذها جيش النظام والمليشيات الطائفية التابعة له بحق المدنيين فيها، عادوا لاستكمال ما بدؤوه، ولكن هذه المرة بطريقة الخطف والاعتقال. إذ وبصمت شديد، يجري اعتقال ما بقي من عائلات في هذه المدينة. ولا تستثني هذه الاعتقالات الأطفال ولا الشيوخ، وحتى النساء لم تسلمن من هذه الاعتقالات، حيث يُقتاد الجميع إلى سجون مدينة طرطوس وبدون أي تهمة مسبقة.
ما يقوم به النظام من انتهاكات بحق أهالي بانياس، ما هو إلا تشفٍ وعقاب لأهلها الذين خرجوا منذ بداية الثورة السورية ليشاركوا ثورة أهلهم في باقي المحافظات الثائرة في وجه النظام القاتل. أولى المجازر المروعة التي وقعت في سورية، كانت المجزرة التي اقترفها ما يسمى بـ”قوات الدفاع الوطني” بحق أهالي بانياس، والتي ذهب ضحيتها ١٥٠٠ شهيد خلال يومين، معظمهم من النساء والأطفال. والكل يذكر “علي كيالي”، الذي كان آنذاك قائد تلك الحملة ونشر شريط فيديو يثبت فعلته، بل ويحرض على تطهير بانياس عرقياً. ففي صباح الثاني من شهر إيار سنة 2013، استيقظت قرية “البيضا”، الواقعة في ريف بانياس، على أعنف هجوم طائفي شنته “قوات الدفاع الوطني”، مدعومة بمدنيين من القرى الموالية للنظام، حيث قاموا بذبح النساء والأطفال والشيوخ وحرقهم والتنكيل بجثثهم، واستمرت العملية حتى صباح اليوم التالي، وحتى الحيوانات الأليفة في القرية، لم تسلم يومها من بطشهم. ثم عادت هذه القوات وارتكبت مجزرة ثانية أيضاً في حي “رأس النبع” التابع لمدينة بانياس، قتلت فيها كذلك الأطفال والنساء والشيوخ وذبحت منهم ما ذبحت، مكررة ما فعلته في قرية “البيضا”، وسط صمت دولي كان بمثابة ضوء أخضر للنظام ليعود ويكرر ما فعله في مناطق أخرى، ولم يكن آخرها استخدام الغازات السامة في مناطق عديدة من سورية الجريحة.
بقيت مدينة بانياس تعيش في ظل حالة خوف من تكرار ما حصل فيها من مجازر، خاصة بعد أن أصبحت مدينة خالية تماماً من الشباب، إثراعتقال الكثير منهم وقتلهم وتهجير جزء منهم. واضطر، الحال هذه، بعض من أبنائها لحمل السلاح لمواجهة النظام في مناطق ومدن أخرى من سورية. لكن ومنذ أيام، وفي صباح يوم 2 من أيار الجاري، وفي الذكرى الثالثة لمجازر بانياس، شنت قوات النظام حملة اعتقالات واسعة في المدينة، وصفت بالمرعبة. واللافت في هذه الاعتقالات أعداد المعتقلين الكبيرة ومعظمهم من الأطفال والنساء، ورجال تزيد أعمارهم عن الخمسين عاماً. وفاق عدد المعتقلين الـ ٢٥٠ معتقلاً، والعدد في ازدياد مع استمرار هذه الحملة التي لم تتوقف حتى تاريخ كتابة هذه السطور. وشوهدت في صباح يوم 5 من أيار الجاري، أعداداً كبيرة من سيارات رباعية الدفع، مجهزة بالدوشكا تدخل أحياء مدينة بانياس،والخوف اليوم من ارتكاب مجازر جديدة بحق ما بقي من أهالي هذه المدينة المنكوبة.
الآن وقبل فوات الأوان، يتوجب على من نصبوا أنفسهم متحدثين باسم هذه المدينة، سواء كانوا أعضاء في الإئتلاف الوطني أو في الهيئات الأخرى، وكذلك على القوى المعنية بأمور الثورة، التحرك السريع لإنقاذ ما بقي من أهالي مدينة بانياس وتسليط الضوء على الانتهاكات المتواصلة التي يقترفها هذا النظام المجرم بحق أهالي المدينة، ولفت نظر المنظمات الإنسانية إلى ما آلت إليه أوضاعها في ظل غياب تام لوسائل الإعلام.