الرئيسة \  واحة اللقاء  \  بان كيمون.. الأمين غير الأمين!

بان كيمون.. الأمين غير الأمين!

23.06.2014
اليوم السعودية



الاحد 22/6/2014
عندما تتعدد المكاييل في السياسات الدولية، وتتشكل وفق المصالح والغايات للاعبين الكبار، فإن معايير السلم العالمي ستتعرض للاهتزاز، وستزداد فرص انبعاث القوى والتنظيمات التي تشعر بالغبن أو الظلم لتنضم إلى قافلة الإرهاب، هذه هي النتيجة الحتمية المتوقعة التي تقود إليها سياسة المكاييل المزدوجة.
     لقد وقف العالم كله مكتوف الأيدي أمام الأزمة السورية، وأتاح كل الفرص للنظام هناك لأن يستخدم كل ألوان البطش والإرهاب ضد شعبه إلى أن تفلتت الأمور، وتحول القطر السوري إلى وكر لكل ألوان الرايات السوداء والصفراء، حتى لم يعد بوسع الأمم المتحدة سوى أن تنسحب من دورها لتتحول إلى (صفر على الشمال) في هذه القضية الخطيرة، وكان يفترض بها أن تقرأ وتعي الدرس جيدا من خلال القضية السورية، في تعاملها مع العراق بعد تفاقم الأوضاع هناك نتيجة للسياسات الطائفية الهوجاء لحكومة نوري المالكي.
     ورغم ممارسات المالكي الاقصائية التي عبثت بالمكونات العراقية لحساب فئة واحدة مدعومة من حكومة الملالي في طهران، الا ان الامم المتحدة لها رأي آخر، فالأمين غير الأمين، والذي اتضح ضعفه أمام مصالح القوى الكبرى انصاع، وعلى خلاف موقفه من سوريا لرعاية مصالح تلك القوى؛ ليصرح لصحيفة "نويه تسوريشر تسايتونج" السويسرية في عددها الصادر يوم الجمعة الفائت، أن الولايات المتحدة وإيران ليستا بحاجة إلى تفويض من مجلس الأمن للتدخل في الوضع العراقي، وأنه يتعين على الولايات المتحدة أن تقرر ما إذا كانت ستتدخل في الصراع بواسطة قوات برية أو بوسائل عسكرية أخرى، بل ذهب إلى ما هو أبعد من ذلك عندما طالب كل دول الجوار بدعم حكومة المالكي في مكافحة الإرهاب على حد وصفه.
هذا الموقف الذي يتعامل مع النتائج بمعزل عن المقدمات، والدوافع التي أفضت إلى هذا المآل، والتي يدركها كل من تابع أحداث العراق منذ وصول دولة القانون إلى السلطة قبل ثماني سنوات، وعزل كل مكونات الشعب العراقي عن القرار، والاستبداد بالسلطة من قبل فريق واحد وبلون واحد، لا يُمكن تفسيره سوى بضعف موقع الأمم المتحدة وسكرتيرها العام، واستسلامها تماما لرغبات ومصالح اللاعبين الكبار، وقوى الأمر الواقع إقليميا، على حساب الحل العادل والشامل للمشكل العراقي.
     اننا امام ضرورة استعادة وضع العراق على قضبان الديموقراطية التشاركية، التي يتمثل فيها كل الفرقاء على حد سواء، والوقوف ضد الطائفية التي استدعت كل قوى الإرهاب لتستفيد من احتقان الكثيرين، ممن آذتهم سياسات المالكي وحلفاؤه، على اعتبار أن أولى قواعد علاج المرض تقتضي القضاء على العلة، قبل معالجة الأعراض الجانبية، إلا أن الأمين العام بموقفه الضعيف والقريب، إلى التواطؤ قد استخدم المكيال الآخر الذي يرجح كفة مصالح القوى الكبرى، ليصطف إلى جانب حكومة المالكي، متذرعا بمحاربة الإرهاب.
     ولا أحد يعرف كيف ستتم محاربة الإرهاب الذي يرفضه الجميع بطبيعة الحال بدعم من فتح له كل الأبواب، وأتاح له الفرصة للتسلل وسط صفوف المضطهدين والمطاردين في وطنهم، وهي الخدعة التي لعبها المالكي لوضع كل خصومه في سلة الإرهاب ليستعدي الآخرين ضدهم، وهذا سيقود المنطقة إلى ازدياد الفوضى والاضطراب، لأن معالي الأمين اكتفى بجانب واحد من المشهد ليسحبه على بقية الصورة، وبما يحقق غايات المالكي ومخططاته لمد النفوذ الإيراني إلى أبعد نقطة ممكنة طالما أنه يتواءم مع المصالح الأمريكية الراهنة.