الرئيسة \  واحة اللقاء  \  بايدن يعتذر

بايدن يعتذر

18.10.2014
د. مطلق سعود المطيري



الرياض
الاربعاء 15-10-2014
 إن كانت تصريحات نائب الرئيس الامريكي جو بايدن في جامعة هارفارد خاطئة فقد تم الاعتذار عنها وبتبريرات مقنعة لمن يبحث في الدول المتهمة بدعم الإرهاب عن الاعتذار، أما من يبحث عن معرفة المواقف وتقديرها فبايدن قدم موقفاً وسياسة ولم يقدم خطأ، وتبقى قيمة الاعتذار نسبية في إهانتها ونسبية في احترامها، فلمن الإهانة ولمن الاحترام؟ الأكيد أن الاحترام في هذا الاعتذار للبيت الأبيض فنائب الرئيس خالف توقيت سياسة رئيسه ولم يخالف قناعته، فأراد بهذا الاعتذار رفع الحرج عن رئيسه أمام حلفائه لا أكثر "موظف يحترم رئيسه" ، والإهانة أمرها متروك لتقديرات القارئ.
المعروف عن نائب الرئيس الأمريكي أنه مع تقسيم العراق لثلاثة أقسام (سني ، كردي ، شيعي) وهذا موقف يتعارض مع وحدة العراق وسياسة بناء القيم الوطنية المشتركة للشعب العراقي، فهل لهذا الموقف اليوم آلية يتحرك بها على أرض العراق أم مازالت الآلية معلقة في السماء، مثلما سياسة واشنطن معلقة باعتذار مسؤوليها عن أخطائهم، وهل نائب الرئيس مطالب أيضاً للاعتذار للشعب العراقي الذي حاول ضرب وحدته الممزقة وجرها لأحضان حلفائه في طهران؟ السياسي ليست مثل الفيلسوف أوالعالم اعتذاره شرف ومسؤولية، بل ضعف، فعندما يعتذر السياسي عن موقف أو تصريح لا يكون مقبولاً منه اعتذاره إلا بمغادرة موقع المسؤولية، وإلا تحول الأمر إلى تخبطات وأخطاء واعتذارات، فالديمقراطيات المحترمة هي الديمقراطيات التي تحاسب وتلزم ممثلي الشعب أن يقدموا مواقف بلدهم بقوة ومسؤولية وليس بضعف واعتذار.
فمادام السيد بايدن فتح سيرة الاعتذارات فنريد أن نذكره بموقف له يتطلب أخلاقياً وإنسانياً اعتذاراً تردده كل محطات الإعلام في هذا الكون المليء بالأخطاء التي تحتاج لاعتذارات، فجو بايدن هو المسؤول الأمريكي الذي وقف مدافعاً عن الحرس الثوري الإيراني بقوة شديدة ونجح في منع وضعه على قائمة المنظمات الإرهابية، موقف يجعلنا نعيد القراءة لأكثر من مرة في سياسة واشنطن في مكافحة الإرهاب، فالحرس الثوري هو أحد مسببات الحرب الطائفية في العراق ومحركها الرئيسي، وضحاياه تقدر بمئات الآلاف من العرب سواء كانوا في سورية أو العراق، فكل معطيات وضعه على قائمة الإرهاب متوفرة إلا عند السيد بايدن، فمشاكل بلده مع طهران يرى أن الدبلوماسية هي الطريق الوحيد لحلها، فدعمه لسياسة طهران في المنطقة شيء واضح للعيان، فليس آخرها دعم نوري المالكي في رئاسة الحكومة 2009 عندما نسق مع أصدقائه في طهران لإبعاد إياد علاوي عن رئاسة الحكومة في العراق، وشهد العالم كله على فشل نوري المالكي في جمع المكون العراقي حول انتماء واحد، فهل هذا موقف أيضاً يتطلب من السيد بايدن الاعتذار عنه.
السيد بايدن في حقيقة اعتذاره لبعض حلفاء بلاده الذين اتهمهم في دعم الإرهاب لم يعتذر عن خطأ تقني بل عن خطأ أخلاقي يقلل من احترام بلده عند أصدقائها قبل أعدائها، فهل عدم الاحترام اعتذار؟