الرئيسة \  واحة اللقاء  \  بدائل التدخل البري في سوريا

بدائل التدخل البري في سوريا

10.03.2016
د. بدر حسن شافعي


الشرق القطرية
الاربعاء 9-3-2016
نظرا للهدنة الهشة في سوريا والمتوقع انهيارها في أي لحظة، فإن الاستعدادات والجاهزية التركية والخليجية "خاصة السعودية" للتدخل البري في شمال سوريا باتت متوقفة على تلقي إشارة البدء من واشنطن باعتبارها قائدة التحالف الدولي من ناحية، والقادرة على مواجهة النفوذ الروسي القوي في سوريا. وإزاء عدم رغبة واشنطن في هذا التدخل باعتبار هذا التدخل يفت في عضد نظام الأسد حليف إسرائيل، وحصن الأمان بالنسبة لها، فضلا عن عدم الرغبة في الاصطدام بروسيا التي تعتبر مسألة سوريا حياة أو موت بالنسبة لها، كما أنها لم تنس ما فعلته واشنطن وحلفاؤها الأوروبيون تجاه إسقاط حليفها في أوكرانيا.. كل هذا يطرح تساؤلا حول البدائل التركية والخليجية لمواجهة داعش والتمرد الكردي، فضلا عن دعم المعارضة السورية المعتدلة التي باتت هدفا لكل من روسيا وداعش وقوات الأسد على حد سواء.
في الحقيقة يمكن القول بأن الموقف التركي قد يكون أكثر صعوبة وتعقيدا في الوقت ذاته من الموقف الخليجي لعدة اعتبارات بعضها يتعلق بالجغرافيا السياسية ووجود تهديد حقيقي لأنقرة من قبل داعش وقوات الحماية الكردية السورية"الجناح العسكري لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي الذي تعتبره تركيا منظمة إرهابية وامتدادا لحزب العمال الكردستاني المحظور داخلها"، في حين ترفض واشنطن ذلك التوصيف، بل إنها أعلنت إمكانية تسليحه عسكريا بزعم مواجهة داعش، رغم إدراكها نوايا هذا الحزب في إقامة منطقة كردية منفصلة للأكراد في شمال سوريا، يمكن أن تمتد لاحقا لتشمل مناطق الأكراد في جنوب شرق تركيا. ومما يزيد من تعقيد الموقف التركي وجود الطيران الروسي في هذه المناطق، والذي يتربص بأنقرة بعد إسقاطها مقاتلة روسية في أكتوبر الماضي، ناهيك عن مشكلة اللاجئين التي باتت تشكل عبئا كبيرا عليها بسبب أعدادهم الآخذة في التزايد يوما بعد يوم وبالتالي فإن تركيا رغم وجود تهديد لأمنها القومي، قد لا تستطيع التحرك بريا بصورة منفردة خشية الصدام مع روسيا، كما أن رغبتها في إقامة منطقة آمنة في شمال سوريا لمنع تدفق المزيد من اللاجئين إليها يتطلب أولا موافقة دول الناتو، ثم واشنطن ثانيا، وروسيا في نهاية المطاف.. ومعنى هذا أن البديل المتاح أمامها حتى هذه اللحظة هو الاستمرار في دعم المعارضة المسلحة التي تنطلق بعضها عبر أراضيها إلى الداخل السوري، فضلا عن الحيلولة دون سيطرة أي من القوات المعادية لها على الطريق بين حلب وحدودها باعتباره الخط الرئيسي للإمدادات الإنسانية والعسكرية على حد سواء، علاوة على قيامها بشن غارات جوية في إطار التحالف الدولي ضد داعش والقوات الكردية على حد سواء.
أما بالنسبة لدول الخليج، فيبدو أن الأمر أقل تعقيدا بسبب عدم وجود جوار جغرافي، وإن كان التمدد الداعشي، وقوات الأسد في الشمال السوري وغيرها يشكل تحديا لها باعتباره انتصارا لمحور دمشق- طهران التي حذرت "بصورة مستفزة" من أي تدخل خليجي في سوريا.. وبالتالي قد يكون أحد البدائل المتاحة أمامها هو ما أعلنه وزير الخارجية السعودي عادل الجبير قبل فترة عن رغبة بلاده في تزويد المعارضة السورية"المعتدلة" بصواريخ ستينجر"الأمريكية" المضادة للطائرات لمواجهة الهجمات الروسية التي تستهدفها بالأساس، وهي الصواريخ التي استخدمها المجاهدون الأفغان في مواجهة السوفييت في ثمانينيات القرن الماضي. لكن يظل هذا الأمر مرهونا بالموافقة الأمريكية التي طالما رفضت ذلك من قبل.. وبالتالي يبقى التساؤل. ماذا لو انهارت الهدنة، وماذا لو اعترضت واشنطن على هذه البدائل التركية والخليجية. هل ستتحرك هذه الدول بصورة منفردة.. أم سيظل الفيتو الأمريكي عائقا أمام اتخاذها خطوات فاعلة لحماية أمنها القومي بمفهومه الواسع؟