الرئيسة \  واحة اللقاء  \  براميل الحقد

براميل الحقد

06.02.2014
محمد كريشان


القدس العربي
الاربعاء 5/2/2014
بدون مقدمات سنضع أنفسنا في موقع هؤلاء المؤيدين للنظام السوري والذين ما زالوا يعتقدون أنه نظام ‘مقاوم’ و’ممانع وأنه يتعرض لمؤامرة كونية غير مسبوقة. سنردد معا بكل إخلاص ما يقوله هؤلاء من أن ‘الإرهابيين’ هم أصل كل الشرور والبلاء في البلاد منذ اليوم الأول:
الإرهابيون هم المسؤولون وحدهم عن كل المجازر التي حدثت أو تحدث في سوريا.
هم وراء استعمال السلاح الكيمياوي في أكثر من مناسبة لإلصاق التهمة لاحقا بالنظام لتشويهه وتوريطه.
هم وراء كل عمليات القصف العشوائي للأحياء السكنية وكل تفجير طال مباني حكومية .
هم وراء أي عمليات اختفاء أو اغتصاب أو خطف أو ذبح أو اغتيال.
هم وراء حملات التضليل والكذب كتلك الصور التي زعمت مؤخرا بأن آلاف السوريين قضوا تحت التعذيب في أقبية النظام.
هم وراء ترويع الأهالي في كل حي دخلوه حيث فرضوا قوانينهم المتخلفة بقوة السلاح.
هم وراء الحصار الذي تعرضت له أكثر من مدينة أو قرية أو حتى مخيم، كمخيم اليرموك، حيث قضى كثيرون مرضا وجوعا.
هم أيضا وراء عرقلة فتح أي طريق إنساني لإيصال المساعدات الغذائية والطبية لأي جهة.
اتفقنا إذن…. لكن شيئا واحدا يتعذر للأسف الشديد إلصاقه بهؤلاء الإرهابيين وهو إلقاء البراميل المتفجرة على الناس لا سيما في حلب. ليس لأنهم أنزه من أن يقوموا به بل لأن لا أحد زعم إلى حد الآن، رغم التصاعد المضطرد لمنسوب الكذب، أن المعارضة هي من يفعل ذلك أو أنها تملك أصلا طائرات لهذه المهمة.
إذن الشيء الوحيد الثابت الأكيد الآن أن نظام ‘المقاومة’ و’الممانعة’ (لأي شيء ولمن تحديدا لا أحد يدري؟!!)، الذي هبت روسيا وإيران والعراق وحواريوها لمؤازرته بالرجال والعتاد والمواقف السياسية طبعا، هو المسؤول الوحيد عن جريمة البراميل المتفجرة. ولهذا لم يستطع النظام الإنكار ولا هو ألصق التهمة بغيره.
هذه البراميل التي استخدمت للمرة الأولى أواخر آب/أغسطس عام 2012 هي ‘أسلحة محلية الصنع، بدائية نسبيا ولا تميز ضحاياها’ وهي، كما يقول الخبراء، ‘عبارة عن وعاء مستدير ممتلئ بوقود بترولي، يحتوي على مسامير أو شظايا حادة ومواد متفجرة ويزود بفتيل مناسب. ثم يكفي بعد ذلك إسقاط تلك العبوات من أية طائرة مروحية’. ويشير عدد كبير من هؤلاء إلى أن اللجوء إلى هذا النوع من الأسلحة يعكس أزمة في الذخيرة اللازمة لدى الجيش السوري ورغبة في إحداث أكبر قدر من الإيذاء لترويع الأهالي بشكل غير مسبوق.
وتمنع اتفاقية الأمم المتحدة بشأن حظر أو تقييد بعض الأسلحة التقليدية (سوريا غير مصادقة عليها) استخدام هذا النوع من الأسلحة الذي تعتبره كل المنظمات الدولية المدافعة عن حقوق الإنسان جريمة حرب كاملة الشروط تستوجب محاكمة المسؤولين عنها. ويجمع الكل، إلى جانب أن هذا السلاح غير مكلف الصنع،على أمرين: هو أنه غير دقيق في الإصابة من جهة ومحدث لدمار كبير من جهة أخرى، سواء عبر اندلاع الحرائق وإصابة الكثيرين بحروق من الصعب الشفاء منها أو تناثر شظاياه المعدنية في كل اتجاه مما يصيب أكبر عدد ممكن من الناس.
لو كان هذا النوع من الذخيرة دقيقا في إصابته لقلنا أن النظام يريد القضاء على معارضيه المسلحين هنا أو هناك وأن هذا أمر مفهوم وحتى مشروع، لكنه سلاح عشوائي بامتياز مما يعني أن القصد منه هو الإيذاء الواسع في حد ذاته للمدنيين ولا يهم من يمكن أن يكونوا هؤلاء علما أنه قد يصيب أناسا يموتون في عشق الأسد ويمقتون المعارضة!!
لو كان نظام الأسد بريئا تماما بكل ما يلصق به إلى حد الآن من تهم ولم يثبت عليه سوى شيء واحد هو إلقاء هذه البراميل الحارقة لوجبت إدانته بكل قوة ودون مواربة، ولانتفى أي ضلال أو غباء أو انتهازية أو عمالة في الوقوف إلى جانبه وتبرير أفعاله. فهل من مذّكر من بين كل هؤلاء ليشرع في مراجعة حساباته؟!!.