الرئيسة \  واحة اللقاء  \  برزاني.. إذ يلوّح بالتدخل!

برزاني.. إذ يلوّح بالتدخل!

12.08.2013
محمد خروب

الرأي الاردنية
الاثنين 12/8/2013
ثمة «هجمة» كردية على اكثر من جبهة، تبدو في معطياتها ومؤشراتها الماثلة، أنها منسّقة.. داخل صفوف الكرد أنفسهم في «مناطقهم» الأربع التي تشكل كردستان التاريخية، وأيضاً مع بعض العواصم الاقليمية ذات العلاقة المباشرة بالشأن الكردي والتي بدت في لحظة ما وكأنها مرتبكة أو متفاجئة ناهيك عن الصدمة التي اصابت بعضها، وبخاصة أنقرة الأكثر تشدداً في الشأن الكردي وصاحبة الدور الأكبر في طمس الهوية الكردية..
هل قلنا أنقرة؟
نعم.. فهي المنخرطة - أكثر من بغداد وطهران ودمشق - في الملف الكردي الذي لم تكن تعتقد انه سينفجر في وجهها ويجبرها على تغيير جدول أعمالها الذي ارادت فرضه على سوريا والمنطقة بأسرها بعد اندلاع الأزمة، والذي يتصدر فيه أردوغان المشهد بعد ان فتحت تركيا حدودها لكل الارهابيين والمرتزقة ومقاولي الحروب وتجار الأعضاء البشرية وأجهزة المخابرات وكل ما يخطر على بال أحد، لنشر الفوضى في سوريا والتلويح بتقسيمها والطمس على هويتها العربية، فقط من أجل ارضاء طموح حفيد العثمانيين والسلاجقة الذي لا يستطيع ان يتصور وهو في قمة مجده السياسي، أن تكون هناك «هوية عربية» طالما سعى العثمانيون طوال اربعة قرون الى الغائها واعلاء شأن الهوية الطورانية تحت مزاعم وخزعبلات دولة الخلافة، التي لم تكن سوى شعار واغواء للبسطاء في بلاد العرب والمسلمين، التي اجتاحتها القوات العثمانية ولكن في الأساس لنهب الثروات وتوسيع الامبراطورية واعتبار بلاد العرب مجرد «خزّان بشري» لرفد الفتوحات (اقرأ الأطماع) العثمانية.. بالجنود والعبيد..
عودة الى العنوان
رئيس اقليم كردستان «العراق» مسعود برزاني المُمّدد له (سنتان) بعد انتهاء ولايتيه، والذي يستعد للظهور بمظهر رجل الكرد الأول عندما يستضيف في اربيل المؤتمر القومي الكردي (الأول) في 24 آب الجاري، خرج على العالم بموقف مثير ولافت ولا نحسب انه مجرد دعاية أو استقطاب للاضواء، فلدى الرجل ما يكفيه من كل ذلك ويبدو انه «يدير» لعبة معقدة يعتقد في داخله انه قادر على تسديد استحقاقاتها نظراً لما يتوفر عليه من اوراق وتحالفات، ليس فقط في شأن ما انتهت اليه زيارته الاخيرة لبغداد وإعادة الدفء (ولو نسبياً) لعلاقته مع رئيس الحكومة المركزية نوري المالكي بل وأيضاً في تحالفه (وان كان الوصف مبالغاً فيه والأدق ان نقول تفاهمه) مع أردوغان الذي ما يزال حتى اللحظة يرى فيه (هو الآخر) ورقة في يده..
برزاني يُهدد في وضوح بأنه «سيتدخل» في سوريا لحماية الكرد «من قوى الارهاب» التي ترتكب مذابح جماعية في كل من تلّ عمران وتلّ حاصل في مناطق الكرد بسوريا، فضلاً عن اعتقال المئات من اكراد «غرب كردستان» من قبل القاعدة وجبهة النصرة..
وبصرف النظر عن تمترس «كاك مسعود» خلف حكاية نتائج التحقيق الذي سيُثبت إن كانت المذابح قد ارتُكبت فعلاً (كي يتدخل) أم لا، فإننا أمام تطور ستترتب عليه نتائج ربما تكون وخيمة، إذا ما علمنا - وهو شيء معروف للجميع ويتحدث عنه الكرد انفسهم - أن تركيا حليفة اردوغان هي التي تُقدم الدعم لجبهة النصرة مادياً ولوجستياً وعسكرياً.. ايواء وتدريباً وهو ما يؤكده ايضاً صالح مسلّم - رئيس حزب الاتحاد الديمقراطي (الكردستاني في سوريا) الذي اضاف ان تركيا سلّمت اسلحة جديدة لجبهة النصرة في منطقة جرابلس..
أين من هنا؟
ثمة غموض والتباس بشأن ما يجري في «كردستان الكبرى» على وجه الخصوص، إذ ان صالح مسلّم النجم الصاعد في سماء كرد سوريا والحليف إن لم يكن الذراع السورية لعبدالله اوجلان، كان في انقرة (وسيعود اليها) ثم ذهب الى طهران بدعوة «رسمية» من البلدين، وفجّر قنبلة مدوّية اخرى عندما عاد من ايران قائلاً لصحيفة الحياة اللندنية يوم أمس: إن مسؤولين ايرانيين اكدوا له ان مشروع الادارة المدنية الانتقالية التي يعمل عليها (مجلس غرب كردستان) في شمال سوريا وشرقها، هو «حق مشروع» لافتاً الى ان اتفاقاً جرى على الجانب الايراني على محاربة عدونا المشترك المتمثل في «المقاتلين المتشددين»!!
هي أحجية إذاً أم عملية خلط للاوراق في انتظار جنيف2؟
أو ما قد يسفر عنه المؤتمر القومي الكردي؟ وبخاصة ان ممثلين لكل الاحزاب والفصائل في كردستان الكبرى (سوريا، العراق، ايران وتركيا) سيشاركون فيه، وسيكون الهدف الأول للمؤتمر هو توحيد «كلمة» ومواقف الاكراد وربما «إقرار» حق الكرد في مناطقهم «الأربع» بالحكم الذاتي..
فهل هذا يُرضي انقرة؟ وإذا كانت دمشق كما زعم داود اوغلو، تلعب بورقة الكرد في وجه تركيا، فهل هي في حال وافقت دمشق على ذلك ستنصاع لحق كردها (وهم الشريحة الأكبر ديموغرافياً وجغرافياً بين الكرد)؟
ماذا عن طهران؟
قد تبدو لعبة معقدة، لكن حسابات الكرد وطموحاتهم المشروعة مرشحة للاصطدام دائماً بالحقيقة «التاريخية» التي يعرفونها منذ قُسّمت بلادهم، وهو انهم يدفعون الثمن في النهاية.. ولا ينالون شيئاً!
..الانتظار لن يطول!