الرئيسة \  واحة اللقاء  \  بشار الأسد.."الحِفْ" المتقوي بعظام الآخرين

بشار الأسد.."الحِفْ" المتقوي بعظام الآخرين

29.08.2016
د. مبارك الخالدي


اليوم السعودية
الاحد 28/8/2016
كان مبشر جاويد أكبر وزير الدولة الهندي للشؤون الخارجية آخر مسئول كبير تحط طائرته في دمشق في زيارة التقى خلالها ببشار الأسد لغاية بحث تعاون البلدين في مكافحة الإرهاب، والمضي في تنفيذ الاتفاقيات الاقتصادية بين الطرفين.
وفي تطور جديد على صعيد الدعم الصيني لنظام الأسد، أعلنت وزارة الدفاع الصينية قيام الجيش الصيني بتدريب عناصر من الجيش السوري في مجالات الطب والعلاج.
لكن الحدث الأهم والذي لم يتخيله أحد هو التحول المفاجئ في موقف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تجاه النظام في سوريا، فمن كان أشد الناس عدواةً وبغضاً لبشار الأسد، والأشد إصراراً على تنحيه، استدار في موقفه استدارة كاملة، متراجعاً عن مطلب الرحيل، ورافضاً تقسيم سوريا، وفي الخفاء يمد جسور التواصل والمحادثات السرية عبر مبعوثه الجنرال إسماعيل حقي تاكين الذي زار دمشق عدة مرات، واجتمع في زياراته ببشار الأسد ومسؤولين سوريين كبار لمناقشة سبل التعاون بين تركيا وسوريا.
ولعل عبور القوات التركية الحدود السورية لضرب الأكراد في الشمال أحد تجليات التفاهم والتقارب بين الطرفين حتى وإن أعلن نظام الأسد استنكاره للتدخل التركي.
فالآن إردوغان، الخليفة،، حليف جديد للأسد، ولا عزاء للأردوغانيين العرب
المتراجعون عن فكرة رحيل الاسد كشرط اساس لحل الأزمة السورية يزدادون يوماً بعد يوم، والمتوقع بعد التحول الأردوغاني العظيم أن يزداد عدد الدول الداعمة لنظام الأسد خفيةً أو علانية، والمستعدة لاستئناف العلاقات الدبلوماسية معه.
فلن تكون الهند آخر الدول التي تسعى الى توطيد علاقاتها مع نظام الأسد والتعاون في مكافحة الأرهاب، الدرب السالك الى دمشق.
الأسد في مأمن الآن، فاعتبارات المصالح هي العامل الحاسم في العلاقات بين الدول والذي يملي التخلي عن مطلب تنحيه، وقد يملي تقديم شتى انواع الدعم له.
تبخرت بيانات وتصريحات مساندة "الثورة السورية"، وتسلل أصدقاء سوريا من المشهد واحداً بعد الآخر، وهم الذين لم يقدموا ما يثبت صداقاتهم سوى مؤتمرات يقل عددها عن عدد الأصابع في الكف الواحدة.
سُرِّب ذات يوم ما هَمَسَ به أحد كبار الموظفين في وزارة الخارجية الأمريكية، ومفاده أن للأسد حلفاء أقوياء، ويبدو أن عدد حلفاء الأسد، ومن يبيتون النية للتحالف معه، او على الأقل دعمه سياسياً، آخذ في الازدياد.
وأنا أتابع هذه التغيرات الدراماتيكية في مواقف بعض الدول من النظام الحاكم في سوريا، التي يوازيها اشتداد عزم الحلفاء "التقليديين" على حمايته من الانهيار، تذكرت حكاية سمكة "الحف" التي اشتد جسمها بعظام الأسماك الأخرى.
تقول الأسطورة إن العظام الكثيرة في "الحف"، كانت عظام الأسماك الأخرى.
فقد كان في بداية الخليقة ذا جسم رخو لأنه بدون عظام، بسبب تخلفه عن وقت توزيع العظام على الاسماك.
فطاف بالأسماك مستجدياً أن تعطيه من عظامها.
فأشفقت عليه، وراحت كل سمكة تغرز فيه عظما، وكانت "الكنعدة" الأشد كرماً وسخاءً بين الأسماك المانحة، إذ وهبته معظم عظامها، وهذا يفسر قلة العظام فيها.
ويبدو أن ثمة سمكات/‏دول مانحة كثيرة تتنظر الوقت الملائم لتغرز المزيد من العظام في جسم "الحف السوري"، ليقوى ويصبح قادراً على البقاء.