الرئيسة \  واحة اللقاء  \  بطانية للمواطن السوري

بطانية للمواطن السوري

13.01.2015
د. مطلق سعود المطيري



الرياض
الاثنين 12-1-2015
    عدو المواطن السوري اليوم البرد والصقيع.. والبطانية غدت حاجة لا تتقدمها حاجة، فقد تحولت مأساة الشعب السوري من قضية سياسية بالدرجة الاولى الى كارثة طبيعية تتطلب تدخل جمعيات الاغاثة الانسانية لتسيير قوافل المساعدات محملة بالبطانيات ومواد التدفتة، هذا ليس أول شتاء يمر على الشعب السوري منذ اندلاع ثورته قبل اربعة اعوام، ولكنه اول شتاء لا يطلب بها الشعب السوري الحرية ويقدم من اجلها الولد والمنزل الدافئ.. الوضع كارثي والميت افضل حظا من الحي، قتل الوطن وماتت معه خيارات التغيير والطموحات الوطنية من مشاركة سياسية ومساواة وعدالة اجتماعية.
لو كان هناك جائزة عالمية تقدم لشعب دفع ثمنا غاليا لكرامته لاستحقها الشعب السوري وبلا منافس او وصيف، شعب قاوم نظاما مستبدا وجماعات إرهابية وقوات اجنبية، قاوم كل حلفاء الشر بملابسه حتى تمزقت وقاوم البرد بجسده العاري حتى سقط على اطراف الحدود والمعارك ينتظر حلفاء الشر ليقضوا عليه.. الطفل السوري الذي تشاهده على قناتك الفضائية بصالونك الدافئ ليس مشهدا من مشاهد المأساة للثورة السورية بل صفحة عار من صفحات تاريخنا العربي، حالة أمة سكنت المشهد وعبر عنها بذل وخوف وخيانة، فالطفل السوري سيدفأ يوما وسيتجاوز الشتاء لفصل جميل، ولكن أمته سوف تعبر الشتاء الى فصل شتاء آخر.
ليست حال الامة العربية كانت افضل قبل الثورة السورية لكي يناشدها الشعب السوري بعاطفته القومية، لتنتصر له، فامته امة شتاء سرمدي لا ينتهي، امة سكنها داعش وصنع دولة ودخلت فيها طهران واصبحت تمنح الشرعية لمن تريد وتمنعها عمن تريد.. احتفل العرب بلغتهم وجعلوا لها عاما يذكر العرب بحروفهم وقصائد غرامياتهم بدون ان يكون لحرفهم العربي ضمير يعذب وجدانهم لينهض لو بالشعر والخطابة، الحرف العربي اليوم هو سبب مأساة الطفل السوري الذي سلبت منه أمه ولعبته وبطانيته، فعندما صرخ الطفل السوري اين العرب؟ رد عليه الطفل الفلسطيني "شالوم يا أخي".
طفل سوري لاجئ في اسطنبول طرده جندي ايراني من بلده، مسكين لغته العربية لا تساعده على التفاهم مع مآوي النجدة من بنادق الطغاة، فالعرب الذين يناديهم من لجوئه لاجئون مشردون من نخوتهم وقوميتهم، عرب اصبحوا كل شيء الا ان يكونوا عربا : طوائف مذاهب عملاء، فلا نعجب ان اصبحت البطانية حلما ووجودها فوق جسد ذلك الطفل ربما يكون هو انتصاره الوحيد.