الرئيسة \  واحة اللقاء  \  بعد تسليم الكيماوي السوري كش ملك!

بعد تسليم الكيماوي السوري كش ملك!

01.10.2013
عبدالله أبو مازن



القدس العربي
الاثنين 30/9/2013
خلال الأعوام العربية العشرة السابقة، جرى وسيجري التخلص من أسلحة دمار شامل، في كل من العراق وليبيا وسورية، وبغض النظر عن أهداف الدول في الحصول على أسلحة مدمرة، في الحفاظ على أنظمة الحكم أو الدفاع عن أوطانها، فإن الدول العربية عموماً لم تستخدم تلك الأسلحة إلا في مشكلاتها الداخلية (العراق، سورية) أو لم تستخدمها إطلاقاً كما حدث مع ليبيا. إذاً لماذا وافقت سورية على التخلص من تلك الأسلحة؟ مع علمها أن تخلصها من تلك الأسلحة سيضعفها (سواء داخلياً أو خارجياً)، وبالتالي ستكون الخطوة التالية هي إسقاط النظام (كما في كل الحروب التي تبدأ من ضغوط وعقوبات وحصار وتجريد أسلحة نوعية وقصف جوي وصاروخي وأخيراً إجتياح بري). وهل الإتفاق الروسي الأمريكي يتضمن المحافظة على النظام، بعد تخلصه من أسلحته تلك، أم التخلص من النظام نفسه، بعد تجريده من أسلحته؟ ما موقف إيران من هذا الإتفاق، فيما يخص سورية وما يخصها كحليف لسورية، وكدولة لها قضية نووية؟ وما التداعيات المتوقعة بعد تنفيذ التخلص من الأسلحة، على سورية وأزمتها، وعلى الجوار والإقليم؟ وهل من أثر خاص لهذا الحدث الهام، على قدرات إيران النووية؟
إن موافقة النظام، لم يكن ليتم لولا ثقته بروسيا، ولكن روسيا تعلم كما النظام أن هذا إضعاف قوي للنظام سواءً في الجانب العسكري أو المعنوي تجاه شعبه وحلفائه أو السياسي في مناورته مع معارضيه. وهنا تكون روسيا بمعرفتها بتفاصيل الإتفاق، يعني إنهاء للنظام، حتى لو إستمر بعض التمديد للجولة الجديدة من الحروب. إن موافقة سورية وروسيا قد يكون إلتفافاً على رأس الهرم وكبار المعاونين (بعلم رأس النظام غالباً)، من خلال الإطاحة بهم بطريقة سلسة مع عدم تقديمهم لمحاكمات دولية. فالرئيس السوري خلال الفترة القادمة، موعد الإنتخابات الرئاسية، يمنع من الترشح، وحتى قد يطلب منه المغادرة، وهذا سيبقي الوضع الحكومي العام في سورية متواجداً، وهو ما تراهن عليه روسيا. وحتى إيران قد لا تكون بعيدة عن هذه الصورة التي رسمتها روسيا بالتنسيق مع النظام ورأسه، فلا بأس من تغيير الرأس دون خسران كل العلاقة مع سورية، خاصة إذا تم بعض الإنجازات في المحادثات القادمة، في مؤتمر جنيف 2. فرغم وقوفها مع النظام، إلا أن تصريحات إيرانية صدرت عن هاشمي رفسنجاني (تم نفيها لاحقاً)، تتهم النظام إستخدام الكيماوي، إضافة إلى التطور المتوقع لعلاقة إيران مع العالم الغربي. وهنا قد تشمل صفقة تطيح برأس النظام مقابل تحسين العلاقة بين إيران والغرب.
إن إستمرار الأزمة السورية، مع ما حملته من موت ودمار وتفكيك للنسيج المجتمعي السوري لم يجعل أمريكا وحلفائها بعجلة من أمرها في إنهاء الأزمة، إلا عند إستخدام الكيماوي. إن إستخدام الكيماوي، وحتى مجرد وجوده على أراض قرب إسرائيل، هو المحرك الرئيس للتخلص من تلك الأسلحة بأي ثمن. فوجود الكيماوي بأيدٍ، غير أمريكا وإسرائيل، لن تضمن عواقبه وسيبقى خطراً، سواءً من قبل النظام أو أية قوة أخرى على الجميع (والدليل إستخدام الكيماوي في كل من العراق وسورية). إن غالبية آراء المحللين الإسرائيلين قبل إستخدام الكيماوي ترى بأن بقاء الأزمة بشكلها التقليدي، أفضل لإسرائيل؛ حيث يدمر جيش وتتمزق بلاد ولا تقام لها قائمة لعشرات السنين.
وستتنفس الدول المجاورة جميعاً الصعداء، بعد إنتهاء أزمة الكيماوي، ويكون درساً للكثيرين: بأن من لا يستطيع حماية أسلحته، بأنواعها المختلفة، فلا ضرورة لإمتلاك مثل هكذا أسلحة. كما أن الغرب سيقوي موقفه حيال أية دولة تحاول إمتلاك أسلحة دمار شامل، وهذه المرة ليس من خلال دول العالم والدول المجاورة لدولة ما تسعى لهكذا أسلحة، بل من شعبها نفسه، الذي هو من سيتضرر من وجود الكيماوي، في دول لا تستطيع إستخدام تقنيات معينة، في أكثر الأحايين. أما إسرائيل التي يتهمها الكثيرون بحيازة السلاح النووي، فستبقى لديها الحجة نفسها: إسرائيل دولة ديمقراطية، لم تستخدم سلاحاً مثل هذا سابقاً. أما الأكثر أهمية فهو أن السلاح النووي الإسرائيلي هو جزء من الترسانة الأمريكية، التي تدافع عن وجودها وحلفائها في مختلف دول العالم، وبنهاية الأمر هي تخزن هذه الأسلحة في بلد متحالف معها!
أما إيران، وبرغم ما طرأ وما يطرأ على مواقفها، بعد العقوبات والأزمة السورية، من تليين بخصوص النووي الإيراني؛ إلا أن إيران من الصعب التخلي عن برنامجها.
إن تنازل رأس النظام عن الكيماوي، هو تنازله طوعاً أو كراهية، عن الترشح ثانية في الإنتخابات القريبة (منتصف العام المقبل، بعد أشهر)، مع ضمان بعدم تقديمه لمحاكمة دولية.