الرئيسة \  واحة اللقاء  \  بعد دخول "حزب الله" طرفاً فيها..الأزمة السورية… بوادر التحول لصراع طائفي

بعد دخول "حزب الله" طرفاً فيها..الأزمة السورية… بوادر التحول لصراع طائفي

30.05.2013
لافداي موريس

الاتحاد
الخميس 30/5/2013
هدد الجيش السوري الحر يوم الثلاثاء الماضي بـ«مطاردة حزب الله حتى الجحيم» إذا لم يقم بسحب مقاتليه من سوريا، في الوقت الذي انهمرت فيه رشقة صواريخ جديدة على الضاحية الجنوبية لبيروت، معقل الحزب الشيعي اللبناني، لتجر لبنان خطوة أخرى نحو التورط في الحرب الأهلية السورية المحتدمة.
بعد ذلك جاء حادث إطلاق النار على ثلاثة من الجنود اللبنانيين، عند نقطة تفتيش بالقرب من الحدود السورية - اللبنانية، وهو الحادث الذي شجبه الرئيس اللبناني ميشيل سليمان، باعتباره محاولة لإذكاء نار الصراع- ليبرز حالة عدم الاستقرار الآخذة في التدهور، في تلك الأمة الهشة.
وفي طرابلس اللبنانية قام سكان المدينة من السُنة المعادين لنظام الأسد، والشيعة العلويين المؤيدين لنظامه والذين يفصل بين منطقتيهما- درب التبانة وجبل محسن- شارع يدعى شارع سوريا، بتبادل القصف الأسبوع الماضي مما أسفر عن مصرع 23 شخصاً على الأقل.
منذ بداية الأزمة السورية حاول لبنان الذي يعاني من الاستقطاب السياسي الحاد، اتباع سياسة يسعى من خلالها إلى “النأي بنفسه” عن الانتفاضة المندلعة منذ عامين في سوريا ضد حكم بشار الأسد. ولكن هذه الواجهة التي حاول لبنان أن يحتمي وراءها تمزقت الآن حيث يسافر الوزراء المتحالفون مع الأسد إلى دمشق لمقابلة الرئيس على نحو مستمر في حين يعلن الوزراء الآخرون المعادون لنظامه علنا تأييدهم للمعارضة السورية.
وعندما اعترف «حزب الله» اللبناني الذي يسيطر على حكومة تسيير الأعمال الضعيفة في البلاد، بالاعتراف علناً بإرساله مقاتلين إلى سوريا، ثم تعهد يوم السبت بدعم نظام الأسد بكل ما لديه من قوة، فإن ذلك مثل نقطة النهاية لأي تظاهر بالحياد من جانبه.
ودعم «حزب الله» للأسد أثار ردود فعل حادة من القوى المعارضة للنظام السوري على جانبي الحدود. ففيما بدا من الواضح أنه كان انتقاما من الحزب بسبب مواقفه الأخيرة، انهمرت الصواريخ بوتيرة متسارعة على أهداف داخل لبنان في الأيام الماضية، أصابت سبعة منها على الأقل ضاحية الهرمل التي تسكنها أغلبية شيعية، والواقعة في وادي البقاع يوم الثلاثاء الماضي، ما أدى إلى إصابة عدد من الأشخاص. كما تم إطلاق أربعة صواريخ يوم الاثنين على نفس المنطقة أسفرت عن مصرع فتاة تبلغ من العمر 17 عاماً.
وكان «حزب الله» قد استخدم هذه المنطقة من قبل كقاعدة لإطلاق الصواريخ على أهداف تابعة للمعارضة المسلحة داخل سوريا. ويوم الجمعة تعرضت بيروت للضرب بالصواريخ للمرة الأولى منذ بداية الصراع السوري، عندما سقط صاروخان على الضاحية الجنوبية بالقرب من مقر قيادة “حزب الله” بعد ساعتين فقط على انتهاء كلمة نصر الله، التي قال فيها إنه سيدعم الأسد «حتى النهاية».
يوم الثلاثاء الماضي، حدد اللواء سالم إدريس رئيس المجلس العسكري الأعلى للمعارضة السورية المسلحة مهلة مدتها 24 ساعة يسحب «حزب الله» خلالها مقاتليه من المعارك التي يخوضها لدعم نظام الأسد محذرا في مقابلة مع قناة العربية من أن قواته سوف تتخذ كافة الإجراءات التي تراها لازمة إذا لم يقم الحزب بذلك.
والجنود الذين قتلوا يوم الثلاثاء، أُطلقت النار عليهم في ضواحي مدينة عرسال الحدودية، التي تعتبر ملاذاً لآلاف اللاجئين السوريين الفارين من جحيم المعارك، كما تعتبر قاعدة دعم للمعارضة السورية. وتعتبر هذه المدينة نقطة عبور يتم عبرها تهريب الرجال والإمدادات لقوات المعارضة التي تخوض المعارك ضد النظام داخل سوريا . علاوة على ذلك سببت الجهود التي يبذلها الجيش اللبناني لإحكام السيطرة الحدودية على المدينة احتكاكات مستمرة مع السكان واللاجئين الذين يصطفون مع المعارضة المسلحة.
ينظر إلى الجيش من قبل عديدين في لبنان على أنه المادة اللاصقة التي تحافظ على تماسك البلاد وتحول بينها وبين الانزلاق في الحرب الأهلية السورية، ولكن الجيش يجد نفسه، وعلى نحو متزايد واقعاً في مرمى النيران المتقاطعة للقوى المتصارعة، كما يجد نفسه أحياناً هدفاً مباشراً للنيران.
ويُشار إلى أن إصرار قوات الأسد على استعادة مدينة القصير الاستراتيجية بريف حمص من المعارضة المسلحة ترجع لأن النظام يحاول تأمين ممر عبر حمص إلى ساحل البحر الأبيض المتوسط، حيث معقل الطائفة العلوية التي ينتمي إليها الأسد. وتضم المنطقة ميناء طرطوس الذي يضم بدوره القاعدة البحرية الروسية الوحيدة في المنطقة.
من ناحيتها تحاول قوات المعارضة السورية ذات الأغلبية السنية منع تعزيز هذا الممر العلوي، وهو ما يترتب عليه العديد من المعارك التي يصفها” دانييل سيروير” الأستاذ بمدرسة الدراسات الدولية المتقدمة بجامعة جون هوبكنز بأنها” تمثل فصلا عرقيا واقعيا على خطوط طائفية”.
وفي حين عبر وزير الخارجية الأميركي في الثاني والعشرين من مايو عن قلقه من
“احتمال أن يؤدي القتال في نهاية المطاف إلى تمزيق وحدة سوريا ذاتها”، فإن الإدارة الأميركية تعبر عن قلقها كذلك من أن تؤثر تداعيات الأزمة السورية على التكامل الإقليمي للبنان، واستقرار الأردن بحسب مسؤول في وزارة الخارجية تحدث بشرط عدم الكشف عن هويته نظراً لأنه ليس مخولاً بمناقشة تقارير استخباراتية.
ويرى “ستيفن هايديمان” المستشار الرئيسي في معهد الولايات المتحدة للسلام وهو مجموعة سياسة غير حزبية ممولة من قبل الكونجرس، أن احتمال البلقنة المستمرة لسوريا خلال الفترة المقبلة يفوق احتمال سقوطها المباشر.
وفي هذا السيناريو تتشظى البلاد تدريجيا مع بقاء حكومة مركزية لها سيطرة ضعيفة على بعض المدن والجيوب التي تتمتع بحكم ذاتي بصورة أو بأخرى، في مناطق مختلفة من البلاد.
وعلى الرغم من أن تلك الأوضاع لن تروق للناس إلا أن الحياة فيها يمكن أن تستمر بشكل من الأشكال. ويرى”سيروير” أن هناك خطراً من انتقال العدوى لمناطق أخرى في الإقليم إذا ما أدى” التقسيم الناعم” في سوريا إلى خلق مناطق يسيطر عليها الأكراد، ومناطق يسيطر عليها السُنة وجيب عَلوي.
يقول”عندما يرى السنة في العراق ذلك فإنهم يمكن أن يقولوا لأنفسهم ولماذا لا يكون لدينا شيء مثل هذا؟”ويضيف”لقد حاولوا ذلك في الماضي وهناك احتمال لأن يحاولوه مرة أخرى”.