الرئيسة \  واحة اللقاء  \  بعد راهبات معلولا.. الحرية لكل السوريات والسوريين

بعد راهبات معلولا.. الحرية لكل السوريات والسوريين

12.03.2014
منار الرشواني


الغد الاردنية
الثلاثاء 11/3/2014
حتماً لم يرُق للصحفية الموالية لنظام بشار الأسد جواب الراهبة السورية من معلولا، خلال المؤتمر الصحفي الذي أعقب الإفراج عنها وشقيقاتها الراهبات، بأن خاطفيهن من جبهة النصرة لم يجبروهن أبداً على نزع الصلبان التي يرتدينها. ولذلك، فقد أعادت الصحفية السؤال، بأسلوب ينطوي على توجيه نحو الإجابة المطلوبة من النظام، لتسأل وكأنها كانت مع الراهبات والخاطفين، وشاهدت ذلك بأم عينيها: "يعني شلحتم (نزعتن) الصلبان بإرادتكم" (خوفاً، كما يفترض)؟ لكن الراهبة التي قالت أكثر من مرة في المؤتمر الصحفي: "قدام الله تعالى بدي إحكي"، عادت لتؤكد مرة أخرى أن صلبانهن بقيت على صدورهن؛ لم تُنزع ولم ينزعنها هن طوعاً أو رهباً.
إذن، وحتى الآن على الأقل، أضاع النظام فرصة بدت سانحة، لا ليظهر للعالم إرهاب تنظيم "جبهة النصرة"، فهذا التنظيم يدرجه الجميع، بما في ذلك الدول الداعمة للثورة السورية، على قوائم إرهابه. بل كان الهدف هو تعميم هذا الإرهاب على كل هذه الثورة، وعلى كل مواطن سوري خارج الحلقة الأضيق للفاسدين والشبيحة. وهو الأمر الذي لا يسمح فقط بمواصلة الإبادة الجماعية للشعب السوري، وتدمير سورية كلها، بل أيضا تناسي كل سياسات الاستبداد والفساد الماضية، والمسؤولة فعلاً عن إيصال سورية إلى ما انتهت إليه. وهي السياسات التي لم تتوقف حتى اللحظة، كما تشهد الاعتقالات، والانتهاكات حتى في مدن وأحياء محسوبة على نظام الأسد، سياسياً وطائفياً أيضا.
وهكذا، قد لا يبدو ثمة جديد أبداً في مواصلة النظام اتخاذه الطوائف السورية عموماً دروعاً بشرية لحماية نفسه. فالنظام الذي يبيح لنفسه قصف المساجد، وإبادة آلاف السوريين وتهجير ملايين سواهم، يعود مرة أخرى وأخرى إلى محاولة استغلال السوريين المسيحيين، ممثلين براهبات معلولا هنا، بإظهار الحرص عليهم، إنما فقط ورقة يتم توظيفها طائفياً على المستوى الدولي، لبقاء هذا النظام على بحر من دماء السوريين جميعاً وركام دولتهم.
لكن الحقيقة أن ثمة جديدا خطيرا في صفقة إطلاق سراح الراهبات، ويتمثل في الثمن الذي دفعه الأسد لقاء إتمامها؛ وهو ليس إلا حرية 153 سيدة سورية، كما الراهبات تماماً، من بين آلاف أخريات، ومئات آلاف الرجال والشبان والأطفال السوريين الذين يقبعون في سجون نظام الأسد، بلا محاكمة ولا حتى تهمة. إذ كيف يقوم نظام الأسد بمقايضة نساء سوريات بسوريات أخريات؟ أي رسالة يحاول إيصالها بذلك؟ هل هناك سوريون وسوريات جديرون بالحياة، في مقابل آخرين مستباحين تماماً؟ وإلا لماذا لا يُطلق النظام جميع السوريات في سجونه؟ بل ولماذا لا يطلق آلاف السوريين الذين ضاقت بهم السجون بلا محاكمة؟ ولماذا تستمر الاعتقالات الجماعية حتى اللحظة، كما القتل المجاني الشامل بكل وسيلة؟
باختصار، النظام وحده من يريد نزع المواطنة السورية عن الراهبات (وأبناء الطوائف السورية عموماً)، فيتعامل معهن على أنهن مسيحيات فقط لا سوريات مسيحيات. وهو من يريد من السوريين أن يروا أنفسهم طوائف ومللا، لا تحيا إحداها إلا بشقاء الآخرين، وحتى التنكيل بهم واستئصالهم. إذ بغير ذلك، يموت الاستبداد والفساد اللذان بهما ولأجلهما استمر نظام الأسد.