الرئيسة \  واحة اللقاء  \  بعد عملية “نبع السلام” وأستانا المكررة: هل تتجه تركيا إلى عملية شرق القامشلي؟

بعد عملية “نبع السلام” وأستانا المكررة: هل تتجه تركيا إلى عملية شرق القامشلي؟

16.12.2019
منهل باريش



القدس العربي
الاحد 15/12/2019
انتقد الرئيس التركي رجب طيب اردوغان عملية تسيير الدوريات المشتركة التي اختبرتها بلاده مع روسيا وأمريكا، شمال شرقي سوريا. وأشار إلى أن تركيا لم تحصل على النتيجة المنتظرة حتى الآن.
وقال الرئيس التركي في مقابلة خاصة بثها التلفزيون التركي “تي آر تي” مطلع الأسبوع، إن “هدفنا وخطتنا تتمثل في توطين مليون شخص في المناطق الآمنة بين تل أبيض ورأس العين” و”405 آلاف بين مدينتي رأس العين وتل أبيض بمحافظة الرقة شمال شرقي سوريا”. ونوه إلى إمكانية “توطين 530 ألف شخص في المنطقة الممتدة بين مدينتي المالكية ورأس العين (خارج المنطقة الآمنة) في محافظة الحسكة”. حسب ما ذكرت وكالة “الأناضول” الرسمية.
ونقلت الوكالة أن اردوغان أطلع زعماء الدول خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في أيلول/سبتمبر الماضي، وفي قمة حلف شمال الأطلسي “ناتو” في لندن الأسبوع الماضي، على خطة تركيا حيال الشمال السوري، التي تتضمن تشييد مستشفيات ومدارس ومبان حكومية في المنطقة الآمنة. ولفت اردوغان “في القمة الرباعية الأخيرة في لندن “اتفقنا مع قادة الدول الثلاث (على خطة تركيا) ولكن قلنا إنه يجب أن نتوصل إلى الدعم المادي، فمن دون الدعم لا يمكن اتخاذ أي خطوات، ومن المفترض أنهم وعدوا بذلك”.
الجديد في حديث الرئيس هو الإشارة إلى منطقة شرق رأس العين، والإشارة إلى أهمية إعادة اللاجئين بينها وبين منطقة المالكية في أقصى شرق سوريا، وهي المنطقة التي انسحبت إليها القوات الأمريكية وتعتبرها ضمن منطقة الانتشار الجديدة في سوريا. ما يعني أن اردوغان أرسل رسائل مختلطة إلى كل من روسيا وأمريكا، ستكون بمثابة بداية لاستراتيجية جديدة مفادها أن العملية العسكرية لن تتوقف حتى إزالة مخاوف الأمن القومي التركي على الشريط. فإعادة نصف مليون سوري إلى تلك المنطقة يعني عمليا كسر البنية الصلبة للأكراد السوريين في المنطقة الممتدة من رأس العين من الغرب إلى الدرباسية وعامودا وصولا إلى القامشلي والمالكية شرقاً.
ولكن، ومع صعوبة عملية عسكرية تركية جديدة في مناطق تحولت إلى منطقة نفوذ روسي حاليا، فمن المرجح أن يتحول الجهد التركي إلى شرق القامشلي، في المنطقة الأمريكية الجديدة، وذلك لعدة أسباب أهمها: أن تركيا نجحت في فرض أمر واقع عسكري في المنطقة الأمريكية واتجهت أمريكا إلى تفهمه ومنع الصدام، ثانيا، تكرار سيناريو “نبع السلام” من خلال اختيار منطقة أقل كثافة كردية، تحقق هدف الفصل بين مناطق ذات أغلبية كردية ساحقة، تماما كالفصل بين عين العرب كوباني والدرباسية وعامودا، ثالثا، السيطرة على منطقة متحكمة وتعتبر صلة وصل بين وحدات الحماية الكردية ومرجعيتها في قنديل.
أستانا 14
على صعيد منفصل، قال مصدر في وفد قوى الثورة العسكري (وفد أستانا) لـ”القدس العربي” إن الوفد اجتمع بالوفد الروسي الذي يرأسه المبعوث الرئاسي الخاص إلى سوريا الكسندر لافرنتييف، بحضور الممثل العسكري الكولونيل الكسندر زورين. وأشار المصدر إلى أن الوفد الروسي كان هادئا على غير العادة، وركز على أهمية اللجنة الدستورية، داعيا المعارضة إلى عدم استعجال النتائج وطالبا “النظر إلى مستقبل سوريا وليس التركيز على الحكومة السورية الحالية”. وفسر عضو وفد المعارضة الدعوة الروسية هذه بـ”حذر روسي من دور أمريكي في دفع اللجنة إلى العمل بسرعة”.
وأعرب الممثل العسكري زورين عن عدم وجود اجتياح لمحافظة إدلب، لكنه بالمقابل لم يكشف عن وجود عملية قضم جديدة، على غرار ما حصل في ريف حماة الشمالي، الصيف الماضي.
ولم تأت الأطراف الثلاثة الضامنة في مسار أستانا بأي جديد على أي مستوى في جولتها الـ 14 يومي 10و 11 كانون الأول/ديسمبر الجاري، رغم طول البيان الختامي هذه المرة عن بيانات الجولات السابقة.
وانضمت تركيا إلى روسيا وإيران في انتقاد “الاستيلاء غير المشروع على الإيرادات النفطية ونقلها، والتي ينبغي أن تعود للجمهورية العربية السورية”. ورحبت الدول الضامنة في هذا الصدد بالمذكرة المؤرخة في 22 تشرين الأول/اكتوبر 2019 والمتعلقة بتحقيق الاستقرار في شمال شرق سوريا، وأكدت من جديد أهمية اتفاق أضنة لعام 1998.
وعن منطقة إدلب المشتعلة والتي تتعرض إلى شبه إبادة وقصف يومي، عبر البيان عن “ضرورة تحقيق التهدئة على أرض الواقع من خلال التنفيذ الكامل لجميع الاتفاقات المتعلقة بإدلب، وأولاً وقبل كل شيء مذكرة 17 أيلول/سبتمبر 2018 (اتفاق سوتشي الأول)”.
 وأعربت الدول عن قلقها البالغ إزاء تصاعد النشاط الإرهابي الذي تقوم به “هيئة تحرير الشام” التي تشكل تهديداً للمدنيين داخل وخارج منطقة خفض التصعيد. واتفقت على اتخاذ تدابير ملموسة، استناداً إلى الاتفاقات السابقة، لضمان حماية السكان المدنيين وفقاً للقانون الإنساني الدولي، فضلاً عن سلامة وأمن الأفراد العسكريين التابعين للدول الضامنة، والموجودين داخل منطقه إدلب لخفض التصعيد وخارجها.
وشددت في هذا الصدد على أهمية تشكيل وعقد اللجنة الدستورية في جنيف في 30 تشرين الأول/أكتوبر الماضي نتيجة للمساهمة الحاسمة التي قدمها ضامنو أستانا، وتنفيذاً لمقررات مؤتمر الحوار الوطني في سوتشي. وأعربت عن استعدادها لدعم عمل اللجنة من خلال التفاعل المستمر مع أعضائها والمبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسن، بصفته ميسراً، من أجل ضمان عملها المستدام والفعال. وأعربت عن اقتناعها بأن اللجنة في عملها ينبغي أن تحكمها روح التراضي والمشاركة البناءة من دون تدخل أجنبي وجداول زمنية مفروضة من الخارج، بهدف التوصل إلى اتفاق عام بين أعضائها.
القصف الروسي
ورغم القصف الروسي المستمر والمدمر للبنية التحتية والمراكز الحيوية والمشافي في شمال غرب سوريا، دعت الدول الضامنة “الأمم المتحدة ووكالاتها الإنسانية إلى تعزيز المساعدة المقدمة إلى سوريا، من أجل دعم تحسين الحالة الإنسانية، والتقدم المحرز في عملية التسوية السياسية، عبر جملة أمور منها تطوير مشاريع التعافي، بما في ذلك استعادة أصول البنية التحتية الأساسية-مرافق المياه وإمدادات الطاقة، والمدارس والمستشفيات، فضلاً عن الإجراءات الإنسانية المتعلقة بنزع الألغام وفقاً للقانون الإنساني الدولي.
وحول قضية المعتقلين التي يسميها الروس “تبادل أسرى” أشار المبعوث الرئاسي الروسي الخاص إلى سوريا، الكسندر لافرنتييف، إلى احتمال “تنفيذ تبادل جديد لأسرى الحرب” في سوريا، قريباً. مضيفاً أن العملية كان يفترض أن تتم قبل اجتماع “أستانا” لكنها لم تنجز “لأسباب موضوعية” مشيرا إلى أن “مسألة تبادل أسرى الحرب معقدة للغاية، بوجود الكثير من التفاصيل المتعلقة بتحديد مكان أشخاص معينين، وإصرار الجانبين على بعض الأفراد الذين يحتمل ألا يكونوا أحياء الآن”. وهو ما يعني عمليا خسارة المعارضة السورية لملف المعتقلين، منذ القبول باعتباره ملفا للأسرى والمفقودين. حيث فشل مسار أستانا رغم عمليات التبادل الحاصلة بإخراج أي من معتقلي الثورة السياسيين والمقاتلين، إذ يقوم النظام بشكل متوالي بعمليات اعتقال على حواجزه وإخراج هؤلاء المعتقلين بشكل عشوائي على أساس انهم “أسرى” تتم مبادلتهم بعناصر من الميليشيات أو الخلايا الأمنية التابعة للنظام أو جنود في جيش النظام.
في حين أكدت دول صيغة أستانا، عزمها على الاستمرار في العمليات المتعلقة بالإفراج المتبادل عن المحتجزين/المختطفين في إطار الفريق العامل المعني بصيغة أستانا. وشددت على أن الفريق العامل كان فريداً من نوعه وأثبت فعاليته وضرورته لبناء الثقة بين الأطراف السورية، واتفقت على اتخاذ تدابير لمواصلة عمله.
وانتهت الجولة الأخيرة من أستانا من دون تحقيق أي وعود متعلقة بإبعاد شبح عملية عسكرية في إدلب، وهو ما يذكر بجولة أستانا 12 عندما تحدث لافرنتييف عن عدم وجود اجتياح عسكري في شمال غرب سوريا، في حين كانت القاذفات الجوية تقصف شمال حماة، إشعارا ببدء اجتياح ريف حماة الشمالي وخان شيخون.