الرئيسة \  واحة اللقاء  \  بقليل من التشاؤم تحل أزمة سورية

بقليل من التشاؤم تحل أزمة سورية

07.06.2015
د. مطلق سعود المطيري



الرياض
السبت 6/6/2015
    الأزمة السورية انتزعت منها السياسة تماماً، ولم يعد للمعرفة السياسية وجود في أرض سورية أو إنسانها، انتهت مؤتمرات جنيف، وانتهت معها المقايضات بين جماعة وجماعة، فالجيش الحر يفاوض من أو يحارب من؟ وكذلك النظام، وجيش الفتح؟ داعش هو الفصيل الوحيد المعروف خطه الإرهابي، فهو يحارب الكل عن طريق حماية نظام الأسد؟ ويعمل بوضوح كجيش مرتزق، يعرف كيف يبيع ويشتري بأرواح السوريين وأرضهم.
من هم حلفاء سورية اليوم، الإجابة تكاد تكون صفراً أو تقترب منه، فموسكو تعهدت أن تؤيد نظام الأسد بنفس الطريقة التي تحاول واشنطن انتزاع الشرعية فيها منه، تستخدم روسيا النظام الدولي لتأييد بشار وتستخدم واشنطن نفس النظام لإسقاطه، والنتيجه صفر، بمعنى ان الحل ليس في موسكو ولا في واشنطن، فكلا العاصمتين تعملان على إدارة الأزمة وليس حلها، الخارجية الروسية تدعم الأسد بمعارضتها للجهود الأميركية، وماهي الجهود الأميركية، لا شيء، من بداية الأزمة السورية إلى هذا اليوم.
كلتا العاصمتين يعجبهما طريقة حرب جيش داعش المرتزق، فهذا الجيش يعمل كمسكن لضمائرهما، فالوحشية التي يشاهدانها، غطت على كل وحشية صنعتاها أو اشتركتا بها، تفسير مرير لدور تلكما العاصمتين بعد خمسة أعوام من القتل والتدمير والتهجير، فالتعلق بأمل ممكن أن يأتي من تلك العاصمتين يشبه الرجاء الذي يطلبه مشاهد المسرح للحصول على المزيد من "الفرجة" كيف ينتهي عام للأزمة ويدخل عام جديد، فالنظام الدولي أصبح نظاماً يصنع الفرجه للعرض المأساوي، فاستمرار العرض يعني أن هناك مشاهد جديدة تستحق الفرجة! فماهي المشاهد التي لم تعرض في سورية وتنتظرها العاصمتان؟
هل من تلك المشاهد عرض صور لخليفة داعش في دمشق، ويلقي خطبة عصماء في الجامع الأموي، وينتهي المشهد بتصريح للمتحدث باسم البيت الأبيض: هذا ماكنا نحذر منه؟
ليس في الأزمة السورية سياسة، فالدفع باتجاه عقد اتفاقات ومصالحات بين الأطراف المتصارعة على قاعدة مشروع سياسي، فالسياسة أصبحت من حلول الماضي والفرص الضائعة التي فرطت بها موسكو وواشنطن، حتى تدخل دول المنطقة السياسي لم يعد مطلوباً، كيف سيجد له مدخلاً سياسياً يمسك بأطراف الأزمة ويمنع تدهورها، هل الحل في يد إيران؟ طهران مهمتها تدمير سورية وليس حل أزمتها، فحل الأزمة السورية على أي اتجاه سوف يساهم في إضعاف حزب الله أو نهايته، فالوضع الحالي يعد مثالياً لطهران، التي لها اليد الطولى في جلب المقاتلين وتوزيعهم في غرف نوم الأسد وعلى أجساد السوريين، مهما ادعى من ادعى انه حقق نصراً على الشر الإيراني، سورية أصبحت حالة ليس لها شبه بين الدول التي شهدت صراعات دموية، فالمطلوب منها أن تنزف مادام يوجد بها قطرة دم واحدة، قد أكون متشائماً إلى حد اليأس، لعل يأتي من التشاؤم شيء قليل من السياسة.