الرئيسة \  تقارير  \  بلومبرغ : الاقتصاد الاستهلاكي والانهيار تحت وطأة التضخم

بلومبرغ : الاقتصاد الاستهلاكي والانهيار تحت وطأة التضخم

30.11.2022
أندريا فيلستد

بلومبرغ : الاقتصاد الاستهلاكي والانهيار تحت وطأة التضخم
أندريا فيلستد
بالاتفاق مع “بلومبرغ”
الشرق الاوسط
الثلاثاء 29/11/2022      
يتعرض المتسوقون على جانبي الأطلسي لضغوط شديدة بسبب التضخم.
حتى الآن، كانت مبيعات كل شيء من السلع الكمالية إلى منظفات الغسيل أفضل من المتوقع. لكن التصدعات بدأت تظهر في الطلب -ومن المقرر أن تشتد مع اقتراب الشتاء.
لا مفر من حقيقة أن عملاء المجموعات الكبيرة من السلع الاستهلاكية، حتى الآن، كانوا يتمتعون بقدر ملحوظ من الصمود. مما دفع العديد من الشركات، بما في ذلك أكبر بائعي الأغذية في العالم، “نستله”، ثم شركة المنتجات الشخصية الشهيرة “دوريكس”، و”ريكتيت بنكسير غروب” المصنعة لمنظف “ديتول”، إلى رؤية نمو المبيعات في أعلى مستوياتها السابقة، والحفاظ على هامش تفوقها. واصلت الأنباء الطيبة تدفقها عندما رفعت شركة “يونيليفر” توقعاتها لنمو المبيعات على مدار العام، بينما أعلنت “إيه بي إنبيف” أكبر شركة للتخمير في العالم، أن التوسع في الأرباح سوف يتجه إلى أعلى مستوياته السابقة.
لكن هناك من الأدلة ما يشير إلى أن المتسوقين بدأوا في تقليص المشتريات الأكثر تقديرية، لا سيما في أوروبا والمملكة المتحدة.
قالت شركة “لوريال إس إيه” إنها ترى النساء يقضين وقتا أطول بين مواعيد العناية بالشعر. كما صرح رئيس الشركة التنفيذي نيكولاس هيرونيموس لشبكة تلفزيون بلومبرغ بأن بعض المتسوقين البريطانيين يباشرون التداول في مستويات أرخص من العناية بالبشرة لمواجهة التضخم الذي وصل إلى أعلى مستوى له منذ 40 عاماً.
ورددت “ريكتيت بنكسير غروب” نفس التحذير، قائلة إن المستهلكين في العديد من أسواقها لا يبادرون بتجديد منازلهم، كما يحدث في كثير من الأحيان إثر تعرض الميزانيات لمزيد من الضغوط. كما أن الكثير من أعمال المجموعة في مجال العقاقير من دون وصفات طبية، على غرار سلاسل “نوروفين”، و”ستربسيلز”، و”موسينكس”، كانت تتسم بالمرونة والصمود، نظراً لثقة الناس في العلامات التجارية، والحاجة إلى علاج أعراض البرد والإنفلونزا الشائعة. غير أن المتسوقين كانوا يتجنبون بعض نطاقات الفيتامينات التقديرية، مثل المكملات العصبية “نيوريفا”.
على نحو مماثل، شهدت شركة “يونيليفر” انحداراً لدى المستهلكين نحو العلامات التجارية الخاصة، وابتاعوا المزيد من المنتجات ذات الخصومات الموفرة، ثم خفضوا كل المشتريات المماثلة في فئات أكثر تقديرية، مثل الحلويات في أوروبا، والآيس كريم متوسط السعر في الولايات المتحدة. ومع ذلك، فإن أعمال مستحضرات الجمال والصحة والعافية المتميزة، فضلاً عن خطوطها الأكثر تركيزاً على القيمة، كانت مرنة وصامدة.
في واقع الأمر، إن أوروبا تعد بؤرة للقلق والانزعاج بالنسبة للعديد من كبار المصنعين، بما في ذلك “يونيليفر” و”ريكيت”. فالمتسوقون هناك يشعرون بالتأثيرات المترتبة على ارتفاع أسعار الطاقة على نحو أكثر حدة من سواهم. وإذا أضفنا إلى ذلك أن زيادة أسعار السلع الأساسية -التي وصلت بالفعل للأرقام المزدوجة- من المقرر أن تستمر، مما يمتص المزيد من دخول الأسر ومدخرات الجائحة، ومن ثم فإن المنطقة تثير القلق بصفة خاصة.
هناك مصدر آخر للقلق، وهو أن عروض العلامات الخاصة الأرخص سعراً مطورة بصورة جيدة في مختلف أنحاء القارة. برغم أن علامات الخصومات المكافحة مثل “ألدي” و”ليدل” شرعت في الظهور عبر الولايات المتحدة، فإن أوروبا تقع في صميم كل منهما. فإن المنتجين يبيعون العلامات التجارية الخاصة بهم في المقام الأول، مما يزود العملاء ببديل معقول التكلفة للأسماء الأسرية الكبيرة.
هناك من الدلائل ما يشير إلى أن ميزانيات الولايات المتحدة بدأت في الانكماش أيضاً. قالت شركة “بروكتر أند غامبل” إنها ترى بعض المستهلكين يتراجعون عن تداول منتجات “إس كيه 2” للعناية الفائقة بالبشرة ويتحولون إلى منتجات ذات أسعار معقولة. وفي ممرات المتاجر الكبرى، كان بعض المتسوقين يتجهون إلى منظفات أرخص للغسيل. كانوا يستخدمون مجموعة متنوعة من الاستراتيجيات لخفض نفقاتهم -على سبيل المثال، شراء أحجام أكبر من العبوات- والمزيد من المستهلكين الذين يعانون من ضائقة مالية كانوا يركزون على تقليل كمية ما ينفقون في وقت معين.
في الأثناء ذاتها، أعربت شركة “أولابلكس” القابضة عن نفس التحذير الذي أبدته شركة “لوريال” قبلها في الإعلان بأن النساء الأميركيات لا يمضين وقتا أطول بين مواعيد العناية بالشعر فحسب، وإنما ينفقن أموالاً أقل على الشامبو وعلاجات الشعر المتخصصة في كل مرة يزرن فيها صالونات التجميل.
لا تغير هذه الإشارات من حقيقة مفادها أن الطلب ظل صامداً في ظل ارتفاع الأسعار بصورة أفضل كثيرا من المتوقع على جانبي الأطلسي. لكن عندما حذرت شركة “وولمارت” بشأن الأرباح في يوليو (تموز) الماضي، فلقد كانت مسألة وقت فحسب قبل أن يبدأ كبار مورديها في تقاسم الآلام. وخيمت هذه المسألة بظلالها على رؤوسنا في الآونة الراهنة.
* بالاتفاق مع “بلومبرغ”