الرئيسة \  تقارير  \  بلومبيرغ :10 مخاطر تهدد الاقتصاد العالمي سنة 2022

بلومبيرغ :10 مخاطر تهدد الاقتصاد العالمي سنة 2022

28.12.2021
توم أورليك


ترجمة وتحرير: نون بوست
الاثنين 27-12-2021
كانت فترة كوفيد-19 زاخرة بالتنبؤات التي لم تكن دقيقة. بالنسبة لأي شخص يتطلع إلى عام 2022، ينبغي أن يكون هذا كافيًا ليدفعه للوقوف والتأمل..
يرى معظم المراقبين، بما في ذلك" بلومبيرغ إيكونوميكس"، أنه سيكون هناك انتعاش اقتصادي مصحوب بانخفاض في الأسعار، مع التخلي عن الإجراءات المالية الاستثنائية. لكن ما هي المخاطر المتوقعة؟ هناك الكثير منها.
متحوّر أوميكرون، وثبات معدلات التضخم، وإفلاس إيفرغراند الصينية، وأزمة تايوان، والتهافت على الأسواق الناشئة، وتداعيات البريكست، ناهيك عن أزمة اليورو الجديدة وارتفاع أسعار المواد الغذائية في الشرق الأوسط، كل هذه الأمور تعتبر من المؤشرات التي تنبئ بحدوث أزمات اقتصادية.
بالطبع، قد تسير بعض الأشياء بشكل أفضل مما كان متوقعًا. قد تقرر الحكومات الإبقاء على حجم الدعم المالي ذاته. ويمكن أن تحفز الخطة الخمسية الأخيرة للصين على زيادة الاستثمار، وقد تدعم المدخرات الوبائية القدرة على الإنفاق  على مستوى العالم.
قامت "بلومبيرغ إيكونوميكس" بإنشاء أداة جديدة لنمذجة المخاطر الاقتصادية العالمية المتوقعة، أُطلق عليها "شوك" (SHOK)، وقد استخدمناها للتنبؤ بأزمات الاقتصاد العالمي في عام 2022.
أوميكرون والمزيد من عمليات الإغلاق
من المبكر إصدار حكم نهائي بشأن متحور أوميكرون. يبدو أنه أكثر عدوى من السلالات السابقة، وقد يكون أقل خطورة. من شأن هذا الأمر أن يساعد العالم على العودة إلى الوضع الطبيعي لما قبل الجائحة، والذي كانت فيه الحكومات تنفق الكثير من الأموال من أجل تعزيز قطاع الخدمات. أدت عمليات الإغلاق وتدابير الوقاية إلى إغلاق الصالات الرياضية والمطاعم على سبيل المثال، وشجع على المزيد من الاستهلاك. قد يؤدي توازن مستوى الإنفاق من جديد إلى تعزيز النمو العالمي إلى 5.1 بالمئة، في حين تبلغ توقعات قاعدة بلومبيرغ إيكونوميكس 4.7 بالمئة.
لكن إذا كانت السلالة المتحورة أكثر عدوى وفتكًا، سيعيق ذلك تقدم اقتصادات العالم. إذا عدنا إلى قواعد الإغلاق التي فُرضت لمدة ثلاثة أشهر سنة 2021، يمكن أن تشهد دول مثل المملكة المتحدة تراجعا في النمو سنة 2022 ليبلغ 4.2 بالمئة.
في ذلك السيناريو، سيكون الطلب أضعف، ومن المرجح أن تستمر مشاكل العرض في العالم، مع تواصل تراجع نسبة العمالة في أسواق العمل وحدوث المزيد من الأزمات اللوجستية. هذا الشهر، شهدت مدينة نينغبو الصينية - التي تملك أحد أكثر الموانئ ازدحامًا في العالم - عمليات إغلاق جديدة.
خطر التضخم
في بداية 2021، كان من المتوقع أن تنهي الولايات المتحدة السنة بنسبة تضخم تبلغ 2 بالمئة، لكنه اقترب من 7 بالمئة. في سنة 2022، يجمع الخبراء مجددا على أن نسبة التضخم لهذه السنة ستكون بالقرب من المستويات المستهدفة. لكن من المحتمل أن تكون التوقعات خاطئة أيضا.
تعتبر سلالة أوميكرون المتحورة من المخاطر القادمة. ومن المرجح أن ارتفاع الأجور سيزداد بوتيرة سريعة في الولايات المتحدة، وقد تؤدي التوترات بين روسيا وأوكرانيا إلى ارتفاع أسعار الغاز. مع تغير المناخ الذي سيجلب المزيد من الظواهر الجوية المدمرة، من المحتمل أن تستمر أسعار المواد الغذائية في الارتفاع.
في الواقع، لا تؤثر كل المخاطر على الاقتصاد بنفس المستوى.على سبيل المثال، يمكن لموجة جديدة من الفيروس أن تضرب قطاع السفر، مما سيؤدي إلى انخفاض أسعار النفط. في المقابل، يمكن أن يظل هذا التأثير بمثابة صدمة تضخمية مصحوبة بركود تضخمي، ويجعل الاحتياطي الفيدرالي والبنوك المركزية الأخرى في وضع صعب.
محاولات رفع أسعار الفائدة الفيدرالية
يظهر التاريخ الحديث، من أزمة 2013 إلى عمليات بيع الأسهم في 2018، كيف تتسبب سياسات الاحتياطي الفيدرالي المتشددة في حدوث مشكلات للأسواق.
بالإضافة إلى كل المخاطر السالف ذكرها، بلغت أسعار الأصول مستوى لم يسبق له مثيل مؤخرا. يقترب مؤشر أس وبي 500 من منطقة الفقاعة، وتشير أسعار المساكن الآخذة في الارتفاع بسرعة إلى أن سوق الإسكان يواجه مخاطر أكبر من أي وقت مضى منذ أزمة الرهن العقاري سنة 2007.
صاغت "بلومبيرغ إيكونوميكس" نموذجًا لما قد يحدث إذا رفع بنك الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة ثلاث مرات سنة 2022، ما يعني أنه سيستمر في الصعود حتى يصل إلى 2.5 بالمئة، ويدفع عوائد سندات الخزانة للأعلى. سينجر عن ذلك ركود اقتصادي في بداية سنة 2023.
رفع أسعار الفائدة والأسواق الناشئة
من المرجح أن رفع الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة سيؤدي إلى تراجع نمو الأسواق الناشئة بشكل حاد. عادةً ما تعزز أسعار الفائدة الأمريكية المرتفعة قيمة الدولار وتؤدي إلى تدفقات رأس المال إلى الخارج، وأحيانًا قد ينتج عنها حدوث أزمات في العملة في اقتصادات الدول النامية.
تعتبر بعض الدول أكثر عرضة للخطر من البعض الآخر. خلال سنتي 2013 و2018، كانت الأرجنتين وجنوب إفريقيا وتركيا من الاقتصادات الأكثر تضررا، بالإضافة إلى البرازيل ومصر، وهي الأكثر عرضة للخطر سنة 2022، بناءً على مجموعة من المقاييس التي جمعتها "بلومبيرغ إيكونوميكس".
يبدو أن المملكة العربية السعودية وروسيا وتايوان، بقليل من القروض وأرصدة جارية قوية، هي الأقل عرضة لهروب رأس المال في العالم النامي.
أزمة متوقعة في الصين
في الربع الثالث من سنة 2021، وصل الاقتصاد الصيني إلى طريق مسدود. أدى تراجع مجموعة إيفرغراند العقارية، وعمليات الإغلاق المتكررة الناجمة عن تفشي كوفيد-19، ونقص الطاقة، إلى انخفاض النمو الاقتصادي السنوي إلى 0.8 بالمئة، وهو أقل بكثير من نسبة 6 بالمئة التي اعتاد عليها العالم.
رغم أنه من المتوقع أن يتعافى قطاع الطاقة الصيني سنة 2022، قد لا يتم حل المشكلتين الأخريين. يمكن أن يؤدي افتقار بكين لاستراتيجية فعالة لمواجهة فيروس كوفيد-19 إلى فرض إغلاق جديد من أجل مواجهة أوميكرون. في ظل تراجع الطلب ومحدودية التمويل، قد يتعرض قطاع البناء والعقارات - الذي يمثل نحو 25 بالمئة من اقتصاد الصين - لمزيد من المشاكل.
تتوقع بلومبيرغ إيكونوميكس أن تحقق الصين نموا بنسبة 5.7 بالمائة سنة 2022. من شأن تراجع النمو إلى 3 بالمائة أن يسبب أزمة عالمية، حيث سيتراجع تصدير السلع الأساسية بشكل يعرقل خطط بنك الاحتياطي الفيدرالي، تمامًا كما حدث خلال أزمة انهيار الأسهم الصينية سنة 2015.
الاضطرابات السياسية في أوروبا
ساعد دعم القادة للمشروع الأوروبي، وحرص البنك المركزي الأوروبي على إبقاء تكاليف الاقتراض الحكومية تحت السيطرة، أوروبا على تجاوز أزمة كوفيد-19. في السنة القادمة يمكن أن تتلاشى هذه المكاسب.
يمكن للصراع على كرسي الرئاسة في إيطاليا في كانون الثاني/ يناير أن يقلب التحالف الحكومي الهش في روما. تتجه فرنسا إلى صناديق الاقتراع في نيسان/ أبريل، حيث يواجه الرئيس إيمانويل ماكرون تحديات من اليمين. إذا اكتسب المشككون باليورو القوةَ الكافية، فقد يتسبب ذلك في زعزعة استقرار أسواق السندات الأوروبية وحرمان البنك المركزي الأوروبي من الدعم السياسي المطلوب.
لنفترض أنّ هوامش الاقتراض السيادية اتسعت بمقدار 300 نقطة أساس، مثلما حدث في أزمة ديون العقد الماضي. يُظهر نموذج "بلومبيرغ إيكونوميكس" أنه يمكن أن يخفض من الناتج الاقتصادي بنسبة 4 بالمئة مع نهاية 2022، مما يؤدي إلى دخول منطقة اليورو في حالة ركود.
تأثير خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي
المفاوضات بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي حول بروتوكول أيرلندا الشمالية، والتي كانت محاولة فاشلة لحل مشكلة الحدود البرية والاتحاد الجمركي المغلق، من المقرر أن تستمر إلى خلال سنة 2022، لكن الوصول إلى اتفاق سيكون أمرا صعبا.
ماذا يحدث إذا باءت المفاوضات بالفشل؟ بالنظر إلى الاضطرابات السابقة عند خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، فإن حالة من عدم اليقين ستضرب الاستثمارات التجارية وتقوّض الجنيه الإسترليني، مما سيتسبب في زيادة التضخم.
في ظل حرب تجارية شاملة، يمكن أن تدفع التعريفات الجمركية وأزمة النقل إلى ارتفاع الأسعار.
مستقبل السياسة المالية
اتفقت الحكومات خلال الجائحة على دعم العمال والشركات، لكن الكثير منها يريد حاليا شد الأحزمة. سيصل تراجع الإنفاق العام سنة 2022 إلى ما يقارب 2.5 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، أي أكبر بحوالي خمس مرات من تدابير التقشف التي أعقبت أزمة 2008، وفقا لبنك يو بي أس.
هناك استثناءات، فقد أعلنت الحكومة اليابانية الجديدة عن حوافز قياسية جديدة، كما أشارت السلطات الصينية إلى تحوّل في دعم الاقتصاد بعد فترة طويلة من فرض القيود المالية.
في الولايات المتحدة، تحولت السياسة المالية من تعزيز الاقتصاد إلى إبطائه في الربع الثاني من 2021، وفقا لمعهد بروكينغز. من المقرر أن يستمر هذا النهج في السنة القادمة، على الرغم من أنّ خطط استثمار رعاية الأطفال والطاقة النظيفة التي وضعها الرئيس جو بايدن ستحد من سياسة التقشف في حال الموافقة عليها في الكونغرس.
أسعار المواد الغذائية
كان الجوع تاريخيا من أهم محركات الاضطرابات الاجتماعية. أدّت تأثيرات كوفيد-19 والعوامل المناخية إلى وصول أسعار الغذاء العالمية لمستويات قريبة من القياسية، ويمكن أن تبقى مرتفعة في 2022.
أثار ارتفاع أسعار المواد الغذائية سنة 2011 موجة من الاحتجاجات الشعبية، لاسيما في الشرق الأوسط، ولا تزال العديد من الدول في المنطقة معرضة لمثل هذه الاضطرابات.
وتبدو الأزمة أكثر وضوحا في السودان واليمن ولبنان، وهي أكثر هشاشة مقارنة بسنة 2011، بينما يبدو الوضع في مصر أفضل نسبيا.
أحداث محلية ودولية
أي تصعيد بين الصين وتايوان يمكن أن يجذب قوى عالمية أخرى، بما في ذلك الولايات المتحدة.
اندلاع حرب بين القوى العظمى هو السيناريو الأسوأ، لكن السيناريوهات الأخرى المتوقعة تشمل عقوبات من شأنها أن تجمد العلاقات بين أكبر اقتصادين في العالم، وانهيار إنتاج تايوان من أشباه الموصلات التي تعتبر ضرورية لمعظم الصناعات، من الهواتف الذكية إلى السيارات.
في البرازيل، من المقرر إجراء انتخابات في تشرين الأول/ أكتوبر، في ظل اضطرابات اجتماعية وحالة من الركود الاقتصادي. وفي تركيا، تطالب المعارضة بتقديم انتخابات 2023 إلى السنة القادمة في ظل تراجع العملة وانتقادات للسياسات الاقتصادية غير التقليدية للرئيس رجب طيب أردوغان.
توقعات إيجابية
ليست كل التوقعات سلبية. السياسة المالية الأمريكية، على سبيل المثال، يمكن أن تُبقي الاقتصاد بعيدا عن حافة الهاوية وتعزز النمو.
على الصعيد العالمي، تربح العائلات تريليونات الدولارات من المدخرات بفضل الحوافز الحكومية وتدابير الإغلاق. إذا تم إنفاق تلك الأموال بشكل أسرع من المتوقع، فسوف يتسارع النمو.
في الصين، يمكن للاستثمارات الخضراء والمساكن منخفضة التكلفة التي نصت عليها الخطة السنوية الخمسية الرابعة عشر، أن تعزز الاستثمار. يمكن للاتفاقية الآسيوية الجديدة، الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة - التي تضم 2.3 مليار شخص و30 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، أن تعزز الصادرات.
سنة 2020، تضررت الاقتصادات من الوباء بشكل أسوأ مما توقعه أي خبير اقتصادي. لكن في 2021، كانت حالات التعافي سريعة بشكل فاجأ المحللين، وهي إشارة إلى أن بعض الأمور يمكن أن تسير بشكل جيد في 2022.
المصدر: بلومبيرغ