الرئيسة \  واحة اللقاء  \  بمناسبة انعقاد مؤتمر المعارضة العلوية طائفة النظام هي الاستبداد وحده

بمناسبة انعقاد مؤتمر المعارضة العلوية طائفة النظام هي الاستبداد وحده

31.03.2013
غازي دحمان


المستقبل
31-3-2013
يتفق أغلب السوريين مع كل ما جاء في بيان المعارضة العلوية الذي إنعقد في القاهرة "الأسبوع الماضي"، وبخاصة لجهة ان النظام اختطف الطائفة العلوية، وأن لا هوية له إلا هوية الإستبداد، تلك حقائق عايشها السوريون ويعرفونها عن كثب أكثر من غيرهم، بل ويعرفون أكثر من ذلك، أن النظام، ساعة الحقيقة، لن يتأخر في المساومة على بيعهم، ودليل هذه المعرفة، ان ثوار كفر نبل رفعوا في بداية الثورة السورية لافتة كتب عليها "الطائفة العلوية الكريمة، طائرة بشار الأسد لا تتسع لكم، مكانكم هنا بيننا".
البيان الصادر عن المعارضة ذهب إلى مطالبة الثورة بتحرير الطائفة من أسر النظام، بإعتبار ذلك "إحدى مهام الثورة السورية، وفي سياق إعادة بناء الهوية الوطنية"، لكن من دون تحديد آليات هذا الفعل" النبيل"، وكيفية تحقيقه وإنجازه، والأهم من كل ذلك هو ما مدى تأثير وتمثيل المؤتمرين العلويين في البنية الإجتماعية العلوية، وقدرتهم في التأثير على توجهات الطائفة ومواقفها تجاه النظام والثورة؟
نسوق هذا الكلام إنطلاقاً من حجم المعرفة بدور الطائفة العلوية وأثرها في الحدث السوري الراهن، ووصولاً إلى المستقبل الذي ينتظر سوريا برمتها. إذ ليس بوسع أحد، من أولئك الذين يتصدرون المشهد السياسي والعسكري، في سوريا اليوم، الإدعاء بأنه يملك خلاص سوريا ومعافاتها من جرحها النازف، والذي يهدد بالإستمرار بالنزف لسنوات مقبلة؛ لا النظام بقوته النارية وحجم إجرامه الفائق وصلافته المقززة، ولا معارضته بكثافة أحلامها وسذاجة سياساتها وإستعراضيتها المنفرة. تلك القدرة صارت خلف هؤلاء، لسبب بسيط وهو أن هؤلاء جميعاً لا يشكلون متفرقين ضمانة وثقة لدى جميع السوريين، وإجتماعهم مستحيل، بالتأكيد.
وحدها الطائفة العلوية في سوريا من لديها هذه الإستطاعة، وتملك القدرة على تجنيب سوريا الخوض في حرب طائفية مديدة، وفي الوقت نفسه، يمكن لهذه الطائفة ترسيخ اللحمة الوطنية على أسس حقيقية، وليس بناءً على شعارات كاذبة، كما فعل نظام الأسد على مدار أربعة عقود.
كيف ذلك؟ لم يعد خافياً على أحد أن هذه الطائفة تشكل أساس قوة النظام الحاكم في دمشق، وأن أبناءها يشكلون الذراع العسكرية والقوة الضاربة لهذا النظام. ويعرف السوريون ان لدى الطائفة عشرات الآلاف من المقاتلين، ينضوي أغلبهم في إطار أجهزة الأمن وفرق النخبة العسكرية، وجزء آخر جرى استدعاؤه ممن له خبرة في الأمن والتعامل مع السلاح، من العسكريين السابقين.
بذلك تكون الطائفة العلوية هي الحامل الاساسي لنظام الحكم في دمشق، رغم وجود العديد من أبناء الطوائف الأخرى، بما فيها وربما أكثرها الطائفة السنية نظراً لنسبتها العددية الكبيرة، لا يزال يقوم بأدوار مهمة في خدمة النظام. وبالتالي، فإن من شأن إنفكاك هذه الطائفة عن النظام أن يؤدي إلى تعطيل آلة القتل لديه، وتدفعها إلى البحث عن مصالحها الحقيقية، لا ان تبقى منجرفة وراء توليفة الهواجس، التي يركبها النظام عن امنها ومستقبلها.
لا شك بأن ثمة من سيعتبر هذه القراءة تحمل قدراً هائلاً من التبسيط والتسطيح لأزمة كبيرة، كما أنها تفتقد لفهم طبيعة العلاقة بين نظام الحكم والطائقة العلوية، والتي تكاد تكون علاقة عضوية، ذلك أن قيم هذا النظام وعقيدته إنما تصدر عن مخاوف وأمال عميقة ومتقدمة في آن للوجدان الشعبي الذي يقف خلفها، كما أن هذه الجماهير (الطائفة) هي التي صاغت هواجسها على شكل مسلكيات ومنهجيات لنظام الحكم، ما دام الطرف الآخر يرفض، أو لا يقدر أن يضمن إلغاء فتوى إبن تيمية الخاصة بتكفير من ليس على مذهب السنة.
وفوق ذلك، ثمة شبكة من العلاقات المصلحية التي لا يمكن نكران رؤيتها بين النظام وأفراد الطائفة العلوية، عبر شبكة الامتيازات، وبالتالي فإن العلويين ليست لديهم مشكلة مع النظام، ولا يجدون مبرراً للوقوف في مواجهته كرمى لعيون أطراف يرتابون من توجهاتها، ولا يثقون بعهودها.
فضلاً عن هذا وذاك، فإن الطائفة العلوية، مثل غيرها من الطوائف الأخرى، لا تستطيع إتخاذ قرارات مصيرية من هذا القبيل من دون موافقة وجهائها وزعاماتها الدينية والسياسية، وهذه محصورة في عائلات محددة مرتبطة بالنظام، أو هي جزء أساسي منه، وبالتالي فإن الخروج الفردي عن هذه الأطر معناه الانتحار الطائفي والسياسي.
لا شك بأن كل ما سبق ذكره يشكل حقائق راسخة في واقع الطائفة العلوية، كما يشكل عوائق أكيدة في طريق خياراتها الوطنية في هذه الأزمة، لكن ورغم ذلك، تبقى الطائفة العلوية، سواء عبر نخبتها العسكرية، أو من خلال حدوث انتفاضة في قواعدها، أمل سوريا في الخلاص، لا يعني ذلك بالطبع أن هذا النظام لا يمكن أن يرحل بطريقة أخرى، ذلك أن سقوطه ليس أكثر من مسألة وقت، لكن من الأفضل أن يتم بتوافق وطني، على أن يتم تحت ظلال سيوف المنازعة.
======================