الرئيسة \  واحة اللقاء  \  بمناسبة عودة الجولاني، ماذا يريد السوري؟

بمناسبة عودة الجولاني، ماذا يريد السوري؟

02.08.2016
د. يحيى العريضي


كلنا شركاء
الاثنين 1/8/2016
لا ندري إذا كانت عبارة الجولاني بما يخص “النظام” تستحق الوقوف عندها، أم انها مجرد لازمة من لوازم التصريح؛ ولا ندري إن كان أكثر دقة أن نطوّر الجزء الأول من العنوان ليقول ” عودة إلى أحضان الوطن…”؟ الوطن الذي كثّفه بشار الاسد ومن يواليه ويحميه ليكون بحجمه ودمويته.
الأحاديث عن شدة البأس والبطولات والانغماسات ” النصراوية ” بلا حدود، وبححوم لا تقاس؛ ولكن الحديث بعسكرة صرخة اهل سورية وتلبية أمنية النظام بتوفّر من يحمل السلاح ويطغي على صوت وإرادة السوريين، لم يعطَ حقه… .  لقد كان آخر اهتمامات حَمَلَة السلاح ما يريده السوريون؛  تماما كما لم يلتفت النظام الى ذلك، ويريد سحق هذا الصوت وإخراسه وتلويثه بالسلاح والدم والقتل.
العودة لم تعد تنفع . لا كانت ما يريده السوري؛  ولا تأتي الآن إلا بعد أن قامت بالمهمة غير المقدسة، لتقوم الآن بمهمة غير مقدسة أخرى تتمثل  بتثبيت نظرية النظام، بأن مَن كان يقاومهم إرهابيون؛ وهم مَن دمّر البلاد، وشرّد العباد. ويمكنه أن يقول؛ الآن وبكل جبن، يغيّرون إسمهم، كي لا يتم سحقهم نهائياً.
وبالعودة إلى ما يريده السوري على ضوء تصريح فك الارتباط والشروخات القائمة؛ فما يريده السوري، ربما يكون أصعب سؤال يواجه أي باحث بعد خمس سنين شهد السوري وبلده كل أنواع التبعثر واللامنطق وأصناف كل ما هو غير طبيعي أو إنساني و حتى بشري… بعد أن ضاعت كل المعايير والنواظم والضوابط التي يمكن أن تشكل نقاط هداية أو أسس أو معايير لرصد او قياس أو وصف أو تحليل أو استنتاج لسمات أو طموحات أو ملامح تفكير مجتمع أو كتلة او كتل بشرية تعيش على هذا الكوكب في جغرافية معينة. ماذا أراد السوريون وماذا حصلوا عليه؟ ماذا يريدون ولا بد ان يحصلوا عليه، ليكونوا؟
أول ما قال السوريون، عندما اكتشفوا أن لهم حبال صوتية وحنجرة يمكنها نطق كلمة “حرية” صاحوا: ” الشعب يريد اسقاط النظام” ومعروف ما قصدوا بعبارة “نظام
مهم جداً أن يحتفظ السوري بتلك الصرخة الأولى إيقونة تسجل تاريخه بعبق العظمة؛ مهم جداً أن يدرك أن كل المواجع والآلام التي أصابته كانت ثمناً لتلك الصرخة الإيقونة.
خمس سنوات ونيّف، وعبور من بقي ومشاهدته لما لم يشاهده أو يشهده التاريخ البشري كفيلة أن تغيّر البشر والحجر، وحتى الشرائع. ولكن الأهم أن الايقونة تعتّقت وصارت حقيقة أزلية وكأنها أحد شرائع الكينونة والوجود. والأهم تطورت، نضجت؛ غبارها حقيقة، تعقيداتها إبداع، مواجعها تصميم، آلامها تحفيز، إحباطاتها إيمان؛ فلن يكون إلا ما يريده السوري، ولو بجزء منه؛ على الأقل لن يعود ما كان.
في آخر التطورات ومع العودة الطارئة للجولاني، لا بد للسوري أن يقول له أين أصبحنا، وما يريده السوري ليس فقط منه بل مِن كل مَن يده بقضيته 
نريد لغة سورية- مصطلحات سورية- تفكير سوري- تصرف سوري- أخلاق سورية- زي سوري-
نريد قطيعة مع الثأر- والكره- والتكفير- والاستبداد- والاضطهاد- والقتل- والذبح- وعبادة الفرد- والعيش في القبور-
نريد الطائرة التي تحمينا لا التي تقصفنا. نريد الله الذي نحبه ويحبنا لا الذي يخيفنا أو يرعبنا أحدٌ منه. نريد القائد الإنسان لا القائد الصنم القاتل عندما نقوّمه. نريد مبضع الجراح لاستئصال أوجاعنا لا ساطور الجزار لجز رؤوسنا. نريد الحب والحياة بكرامة، لا الكره والعيش بذل كالموت.
اراد السوري ذلك عندما خرح بداية ويريده وستستمر هي إرادته؛ أعاد الجولاني أم لم يعد، أو فك ارتباطه أو لم يفك.