الرئيسة \  واحة اللقاء  \  بوادر التراجع الأميركي

بوادر التراجع الأميركي

08.04.2014
أماني محمد


الاتحاد
الاثنين 7/4/2014
لا يوجد أدنى شك في أن الولايات المتحدة الأميركية هي المدير الفعلي لكل العالم دون استثناء، وهي صاحبة الهم الأول في إشعار الآخرين أن الحرية حالة نسبية علينا أولاً أن تستأذنها الشعوب التي قررت عدم الانصياع لسطوتها.
فالصين أخيراً انشقت عن الجموع، وصار لها شأنها في كل مجال.
الصين بكل ثقلها التاريخي وحضارتها الضاربة في القدم وثقافتها استطاعت أن تتقاطع مع كل ثقافات العالم دون أن تعتبر عبئاً على أحد أو أي بلد، بدليل أن أغلب دول العالم لديها أحياء صينية لا يسكنها إلا الصينيون.
فالنمو الاقتصادي المذهل للصين جعل الولايات المتحدة تتوجس من هذا الازدهار والتمدد المتسارع. وعلى الرغم من أن العداء بين الولايات المتحدة وروسيا الاتحادية، هو العداء المتوغل في التاريخ والجغرافيا، فإن الصين التي بدأ حضورها يلوح في الأفق صارت أكثر خطورة بالنسبة للولايات المتحدة، فالعجز الاقتصادي التاريخي الذي تشكو منه الولايات المتحدة، أتاح للتفوق الصيني مجالاً خصباً في تأصيل دورها وتأثيرها عالمياً، خاصة مع الدول التي لها تحالفات تجارية مع الصين.
الولايات المتحدة متواجدة على الساحة السياسية، لكن وجودها التجاري والاقتصادي في حالة تراجع واضح، وهو ما سيؤثر مع مرور الوقت على وجودها السياسي، وقد يظهر هذا في تراجع وجودها على ساحة الشرق الأوسط، فقد صار تأثير بعض القوى الإقليمية أكثر وضوحاً وقوة من الوجود الأميركي، وتحولت لعبة التحالفات إلى من يثبت أكثر ومن يملك فهم لمعطيات الواقع.
ولعل لعبة الصين أنها لا تتدخل في الشأن السياسي، وجل اهتمامها منصب على التجارة والاقتصاد والقفزات العلمية في كافة المجالات، وهو ما يجعل الشعوب تتقبل حضورها، وتكره الحضور الأميركي، الذي تلطخت صورته بدماء الأبرياء خاصة في منطقة الشرق الأوسط.
وبعد الثورة السورية تراجع الدور الأميركي الذي بدأ وكأنه يتواطأ ضد هذه الثورة، ويتحالف مع عدوه الاستراتيجي روسيا، وهو ما يدفع في اتجاه تأكل النفوذ الأميركي خلال السنوات القادمة.
وبالضرورة فإن صقور السياسة الأميركية يدركون حالة الضعف التي تعتري سياسة رئيسهم، وهؤلاء يرون أن الحضور الأميركي على الساحة العالمية لم يعد بذات الوهج، وأن انطفاء جذوتها قادم حالها حال أي دولة عظمى اختارت طريق السطوة والاستبداد ضد شعوب العالم.
ما يهمنا أن نكون على الدوام على ذات المسافة مع الجميع، فإذا حصل تراجع في بعض الأدوار الدولية، ينبغي الاستعداد لحالة الفراغ التي يمكن حدوثها، لذلك كان من الضروري أن يصبح بعد النظر أساساً تنطلق منه سياستنا الخارجية، وتتعزز مكانة الدولة وتؤكد حضورها الفاعل دائماً في الساحة العربية والإقليمية. مرحباً بالجميع مادام الجميع يحترمون قواعد اللعبة ويؤكدون مساندتهم الإيجابية باستمرار.