الرئيسة \  واحة اللقاء  \  بوتين.. لا أحد يَخْلُفُه

بوتين.. لا أحد يَخْلُفُه

25.09.2016
أحمد فودة


الشرق القطرية
السبت 24/9/2016
وفقًا للنتائج الأولية للانتخابات التشريعية التي جرت في روسيا في يوم 18 سبتمبر الجاري، فقد حقق حزب "روسيا الموحدة" الحاكم، فوزًا كبيرًا بنسبة وصلت إلى 44.5%. وهي نسبة تقل عن تلك التي حققها في الانتخابات التشريعية السابقة التي جرت في 2011 والتي كانت 49%، إلا أنها تعد نسبة كبيرة مقارنة بباقي الأحزاب التي جاءت في الترتيب التالي، حيث حقق حزب اليمين المتطرف 15.3% في حين حقق الحزب الشيوعي الروسي 14.9%. وحل حزب روسيا العادلة في المركز الرابع بنسبة 8.1% من الأصوات.
في المقابل، فشل حزب "يابلوكو" المعارض في دخول البرلمان بعد حلوله في المركز الخامس بنسبة 3.5% من الأصوات، وكذلك حزب "بارناس" الليبرالي المعارض بزعامة رئيس الوزراء الأسبق ميخائيل كاسيانوف، والذي لم يحصل سوى على 1.2% فقط.
الفوز الكبير الذي حققه الحزب الحاكم بقيادة الرئيس بوتين، سيعني أن الطريق أصبح جاهزًا أكثر من أي وقت مضى لإعلان بوتين ترشحه للانتخابات الرئاسية المقرر إجراءها في عام 2018 وقضاء فترة حكم رئاسية رابعة تمتد حتى عام 2024.
والحقيقة أن الرئيس الروسي يعمل جاهدًا منذ وصوله للسلطة، عام 1999 كرئيس للوزراء ثم عام 2000 كرئيس للدولة، على الاستمرار في منصبه هذا، ربما حتى يأتيه الموت كما يحدث مع رؤساء دول العالم الثالث التي تملك نظام حكم شمولي. فرغم أن الدستور الروسي يبدو ديمقراطيًا، إلا أن هذا لم يمنع بوتين من الالتفاف عليه والاستمرار في الحكم لأكثر من ستة عشر عامًا حتى الآن. وذلك من خلال ترشحه لفترتين رئاسيتين كما ينص الدستور من 2000 حتى 2008، ثم الاتفاق مع نائب رئيس مجلس الوزراء ديمتري ميدفيدف ليترشح لمنصب الرئيس لولاية واحدة حتى يستطيع بوتين العودة لهذا المنصب مرة أخرى. وحتى لا يبتعد عن السلطة فقد حصل بوتين على منصب رئيس الوزراء خلال هذه الفترة. وبهذا استمر بوتين في السيطرة على مقاليد الحكم حتى وهو بعيد عن منصب رئيس الدولة.
خلال فترة حكم ميدفيدف تم تغيير الدستور لتصبح فترة حكم الرئيس ست سنوات بدلًا من أربع، وذلك لتمهيد الطريق أمام بوتين للاستمرار في الحكم حتى العام 2024 بفترتين رئاسيتين جديدتين، ودون الإخلال بالدستور (الديمقراطي).
ومنذ عودته لمنصب رئيس الدولة مرة أخرى لم يستطع بوتين إخفاء حقيقة مخططاته لاستمراره في السلطة، حيث أعلن في عام 2013 أنه لا يستبعد الترشح لفترة رئاسية رابعة في الانتخابات المقررة عام 2018.
هذا كله لا ينفي تمتع الرئيس بوتين بشعبية عالية بين المواطنين الروس، تعود بالأساس إلى الإصلاحات التي أدخلها على قطاعات الدولة المختلفة بعد الانهيار الذي أصابها خلال فترة حكم بوريس يلتسين، وهو الأمر الذي ساعد روسيا على العودة كلاعب دولي ذي ثقل كبير، وهو ما ظهر في العديد من الأزمات الدولية، مثل أزمة الحرب مع جورجيا في 2008 والتي انتهت بسلخ مقاطعتين منها هما أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية. وكذلك الأمر في أزمة أوكرانيا في عام 2014 حيث استطاع بوتين اقتطاع جزيرة القرم وضمها إلى روسيا. ثم الدور الروسي الحالي في الأزمة السورية والذي أعاد روسيا لمنطقة الشرق الأوسط.
ورغم تردي الأوضاع الاقتصادية بسبب تراجع أسعار النفط والغاز الذي يعد مصدرًا رئيسيا للدخل في روسيا، وكذلك بسبب العقوبات الاقتصادية الغربية بعد أزمة القرم، إلا أن شعبية بوتين ما تزال مرتفعة. لكن هذا لم يمنع الرجل مع العمل على القضاء على أي زعامات حقيقية يمكن أن تنافسه في الانتخابات القادمة، حتى أن صحيفة التليجراف البريطانية ترى أن "الجيل الروسي الذي سيصوت للمرة الأولى في الانتخابات الرئاسية المقبلة في 2018 لن يكون لديه أي معرفة بأي قائد آخر".