الرئيسة \  واحة اللقاء  \  بوتين واحلام روسيا الجديدة

بوتين واحلام روسيا الجديدة

05.10.2013
محمد كعوش



الرأي الاردنية
الخميس 3/10/2013
 منذ انتهت احلام قيصر روسيا ( بطرس الاكبر ) بالوصول الى مياه المتوسط ، ومنذ رحيل الاتحاد السوفياتي من آخر معاقله في مصر في بداية السبعينات ، واعني في عهد السادات وبقرار منه، منذ ذلك الزمن لم يحدث هذا الاصرار الروسي بالعودة الى المنطقة ، كما لم تحدث فزعة روسية بهذا الحجم لدعم دولة عربية، لماذا ؟
 المتابعون لتطورات الازمة السورية والتصعيد العسكري العربي والغربي فيها ، وعلى اراضيها ومن حولها ، تساءلوا كثيرا عن سبب الدور الروسي غير المسبوق في التعامل مع هذه القضية، وعن سبب هذا الحماس والاندفاع لمنع الاعتداء الاميركي على سوريا ، او حتى منع مجلس الامن من تمرير قرار يدين النظام او فرض عقوبات علية بهدف اضعافه او اسقاطه .
الحقيقة ان شخصية بوتين وعقيدته وتطلعاته المستقبلية الروسية لها الدور الاكبر في اتخاذ هذا الموقف الذي يحمل في ظاهره الدعم القوي لسوريا ويحمل في باطنه الهدف الروسي التاريخ بالعودة الى الشرق الاوسط من اجل حماية المصالح الروسية ، في خضم ورشة اعادة بناء روسيا العظيمة والجديدة .
والاهداف الروسية يمكن تلخيصها بم يلي :
اولا : اعادة روسيا الى مكانة متقدمة على خريطة العالم السياسية والعسكرية ، والعمل على اعادة تشكيل العالم الجديد المتوازن والاكثر عدالة وبأكثر من قطب، اي القيام بحركة تصحيحية على الصعيد الدولي، بعدما نجحت الرأسمالية النهوض بعد الحرب العالمية الثانية ، وبناء نظام احتكاري دكتاتوري دولي تقوده اميركا تحت عنوان وراية النظام العالمي الجديد.
 ثانيا: العودة الى المياه الدافئة في البحر المتوسط والمبيت في الموانيء السورية تحت عنوان المصالح المشتركة ، ومواجهة التواجد الاميركي المتمثل بالقواعد الاميركية في بعض البلاد العربية وتركيا.
ثالثا: مواجهة حالة القلق الروسي التي خلقها وجود المسلحين المسلمين المنتمين الى روسيا الاتحادية ومن دول اسلامية مجاورة ، وقد حذرت القيادة الروسية من خطر عودة هؤلاء الى ديارهم وممارسة العنف في روسيا ودول اوروبا.
رابعا : لاسباب اقتصادية استرتيجية وضعت روسيا كل ثقلها في معركة دعم سوريا والمحافظة على ادامة النظام الحالي ، مهما كان الثمن، خصوصا بعد اكتشاف بحر الغاز في المتوسط . لأن الاعتقاد الروسي الراهن يتمحور حول قضية الغاز الشرق اوسطي وخطورته على مستقبل الغاز الروسي . فموسكو تخشى من قيام تكتل يتشكل من الدول المنتجة للغاز في الشرق الاوسط ومن ضمنه اسرائيل التى تحتوي حقولها البحرية
احتياطيات ضخمة من الغاز الطبيعي، مع ضرورة الاشارة ان الارقام اللبنانية والسورية عن كميات الغاز المكتشفة في مياههما الاقليمية هي اضعاف الكميات المكتشفة من الغاز الاسرائيلي حتى الان . والقلق الروسي سببه المخاوف من حدوث التغيير في سوريا بادوات عربية وغربية ، وهذا التغيير سيلقي بظلاله على لبنان وخلق تحالفات جديدة في المنطقة ، لا يكون لروسيا فيها اي موقع ، وهذا يعني اقامة كارتل غازي في المنطقة يتحول الى سلاح اميركي اوروبي ضد الغاز الروسي ، اي تجريد روسيا من ورقة الضغط المهمة في اوروبا .
 لهذه الاسباب والمصالح تلعب روسيا دورها المؤثر الجديد في المنطقة وعلى الصعيد الدولي، وتسعى لخلق تحالفات ومحاور تستطيع مواجهة الهيمنة الاميركية ، واعتقد ان موسكو نجحت في اول معاركها المتعلقة بالازمة السورية ، رغم التشويش الاعلامي الاميركي والاسرائيلي الذي ينشط على مدار الساعة لابقاء حالة التوتر والتخفيف من وقع انتصار الدبلوماسية الروسية .