بوتين والقرم ودمشق واوروبا - طبول الحرب
29.12.2014
هيثم عياش
كاتب ومفكر سياسي
برلين /28/12/14
طالبت المستشارة انجيلا ميركيل باتصال هاتفي أجرته مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين صباح هذا اليوم الاحد 28 كانون اول/ ديسمبر ، وعلى حسب ما أوردته الدائرة الاتحادية للاعلام / وزارة اعلام / الرئيس الروسي فلاديمير بوتين السعي لانهاء الازمة الاوكرانية سلميا والعمل على إعادة حبل الوصل مع اوروبا وبالتالي الاخذ بعين الاعتبار بان الثقة بين الاوروبيين والروس يجب ان تُعاد من جديد . وأوضحت الدائرة ان بوتين اكد لميركيل حفاظه على وحدة الاراضي الاوكرانية وانه مع انهاء أزمة تلك الدولة سلميا.
جاء الاتصال الهاتفي لميركيل مع بوتين الذي يعتبر الرابع والاربعون من نوعه منذ بدء الازمة الاوكرانية في شهر تشرين اول//اكتوبر من عام 2013 الماضي ، إثر إعلان الرئيس الروسي مؤخرا ، يوم أمس السبت 27 كانون أول / ديسمبر بأن حلف شمال الاطلسي / الناتو / يعتبر خطرا على أمن روسيا ، ورد / الناتو / عليه بلسان زعيمه ينس شتولتبيرج بأن الحلف لا يعادي روسيا ولا يشكل خطرا على امن تلك الدولة .
ولا تعتبر تصريحات بوتين المنتقد لحلف شمال الاطلسي / الناتو / بجديدة فهو كان قد عزا تدخله في اوكرانيا الى ان / الناتو / وفي مقدمته المانيا العضوة الهامة بالحلف نكث وعوده بعدم تجاوز حدود الحلف نهر / إلبه – رابع أكبر نهر في المانيا وسادس اكبر نهر في اوروبا اذ ينبع من التشيك ويمر على الحدود مع النمسا الى بولندا ثم المانيا حيث يصب في بحر الشمال على طول تصل مسافته الى حوالي 1300 كلم / أي ان على / الناتو / من خلال اتفاقية إعادة توحيد الالمانيتين عدم ضم بولندا اليه وضمه دول بحر البلطيق الثلاثة التي كانت تابعة لما كان يعرف بالاتحاد السوفييتي خرق واضح لتلك الاتفاقية التي تم التوقيع عليها في بودابست عام 1990 بعدم توسعة / الناتو / لحدوده وبالتالي قيام الولايات المتحدة الامريكية بنشر صواريخ دفاعيه جديدة على حوض بحر البلطيق ببولندا بالمناطق المواجهة لروسيا يعني ان روسيا أصبحت تحت رحمة / الناتو / .
وأكد بوتين بتصريحات للصحافيين بمؤتمر جامع عقده معهم في وقت سابق من شهر كانون أول/ديسمبر الحالي بأنه لن يتخلى عن شبه جزيرة القرم التي ضمها الى روسيا في وقت سابق من عام 2014 الحالي وان لروسيا أحقية بالقرم كأحقية القدس المتنازع عليها بين المسلمين والصهاينة ، فالقدس الشريف يعتبر لب النزاع بين المسلمين ويهود وكل يرى أحقيته فيها والقرم روسية ولن تعاد الى اوكرانيا مضيفا ان مستقبل طاغية سوريا بشار اسد في دمشق فاذا ما فقد عاصمة الامويين فقد أسد سيطرته على ربوع سوريا بأكملها ودمشق مقدسة بالنسبة لموسكو وعائلة اسد بالرغم من ان موسكو تريد حلا سياسيا لانهاء العنف في سوريا بالابقاء على اسد .
هذه التصريحات الاخيرة لبوتين وتأكيدات / الناتو / بالدفاع عن اوكرانيا واستعداده لارسال فرقا عسكرية من الحلف الى الدولة المذكورة دون انضمام كييف الى الحلف اضافة الى بروز قوة المناوئين للوجود الاسلامي في اوروبا وتأكيد زعماء الجبهة القومية الاوروبية للدفاع عن اوروبا من الاسلام / بيجيدا / تضامنهم مع زعيم الكرملين الى جانب جرائم يرتكبها ما يُطلق عليه بتنظيم / الدولة الاسلامية / بالمناطق الذين يسيطرون عليها في سوريا والعراق واضطهادهم اقليات مسيحية تعيش بالمناطق التي تسيطر / داعش / عليها تعتبر طبول حرب تدق في اوروبا والشرق الاوسط .
اذ يعتقد خبراء شئون السياسة الدولية والاديان في مقدمتهم وزير الخارجية الالماني السابق يوشكا فيشر وهاينر بيلفيلديت استاذ علوم حقوق الانسان والقضاء الدولي في جامعة نورنبيرج اضافة الى البرلماني السابق يورجين تودينهوفر الذي مكث مؤخرا عند تنظيم الدولة لمدة عشرة ايام بناءا على دعوة من ابي بكر البغدادي ان اوروبا والشرق الاوسط يعيشان باجواء حرب كلاسيكية بين اوروبا وروسيا والاسلام والمسيحية والمستفيد منها اعداء الطرفين ، فوزير الخارجية السابق فيشر يرى ان / الناتو / الذي يرد على موسكو الغاضبة بنغمات ود عاطفية تحمل بين طياتها الغدر ، بينما يرى استاذ علوم القضاء وحقوق الانسان الحملات المعادية للاسلام في اوروبا واضطهاد / داعش / للنصارى / وحماية الغرب لكل من أكراد العراق واليزيديين دون مبالاة للعنصرية والتمييز الديني السائد ضد المسلمين في اوروبا تعاون مطلق بين المتطرفين القوميين الاوروبيين والمسلمين المتطرفين من / داعش / اذ كلا الطرفين يريدان حرب مستعرة بين الاسلام والمسيحية ، ويعتبر تودينهوفر الذي كان عضوا بلجان شئون السياسة العسكرية بالبرلمان الالماني عن الحزب المسيحي الديموقراطي بقاء بشار اسد على راس السلطة في سوريا ضرورة لاستقرار منطقة الشرق الاوسط واذا ما رحل فعلى المجتمع الدولي السعي للحيلولة دون وقوع حرب بين الاسلام والمسيحية في الشرق الاوسط وأوروبا .
ويطالب آخرون مثل رئيس لجان السياسة الخارجية بالبرلمان الاوروبي / السياسي الالماني / ايلمار بروك ضرورة سعي الاوروبيين لتلبية نداء بابا روما فرانسيسكوس الذي طالب الاوروبيين بكلمة القاها في وقت سابق من نهاية شهر تشرين ثان/ نوفمبر المنصرم أمام أعضاء البرلمان الاوروبي انتهاج سياسة حكيمة وعقلانية لانهاء ماساة الشعب السوري والتعايش السلمي بين المسيحية والاسلام والعمل على انهاء ازمة اوكرانيا سلميا من خلال الحوار الايجابي الذي يخلو من الانانية وعرض العضلات وإلا فان طبول الحرب ذات الوتيرة الخفيضة حاليا ستصبح عالية، فبقاء بشار أسد استمرار لماساة شعوب منطقة الشرق الاوسط بأكملها وازدياد حدة الحقد بين الدينين الاسلامي والمسيحي .