الرئيسة \  واحة اللقاء  \  بوتين وقلق الأسد... الإنساني!

بوتين وقلق الأسد... الإنساني!

28.11.2013
راجح الخوري


النهار
الاربعاء 27-11-2013
ليس خافياً على احد ان روسيا انغمست الى أذنيها في الازمة السورية منذ اللحظة الاولى، ومن المعروف ان سيرغي لافروف تعهد تخريب كل الحلول منذ نسف "المبادرة العربية"، وهو الذي تعمّد دس "لغم الغموض" حول مستقبل الاسد في بيان "جنيف - 1" وهو ما افشل التوصل الى حل ينهي المأساة.
بعد كل هذا يقف فلاديمير بوتين الى جانب رجب طيب اردوغان ليقول انه " لم يجر اي اتصال مباشر مع الرئيس الاسد منذ عام 2007، وعندما تحدثت معه هاتفياً قبل ايام اعرب عن قلقه حيال تفاقم الاوضاع الانسانية في بلاده".
قلقه الانساني ؟!
لست ادري ما اذا كان بوتين سمع اصوات مقاتلات "الميغ" الروسية وهي تنطلق لقصف المدن السورية، ودوي القنابل البرميلية وراجمات الصواريخ وهي تدك الاحياء على رؤوس السوريين، الذين يذرف هو والاسد دموع الاسى عليهم، ولا كيف ينسى الجسر الروسي الذي يحمل الاسلحة والذخائر الى النظام السوري منذ بداية الازمة، التي حصدت اكثر من مئة الف قتيل وهجّرت الملايين ودمرت البلد، وكيف يتناسى استعمال روسيا "الفيتو" ثلاث مرات في مجلس الامن لتعطيل الحل الدولي، الذي كان سيعتمد مضمون "المبادرة العربية" في الدعوة الى ترتيب عملية "الانتقال السياسي"، التي لا تزال موضع خلاف بسبب تعنت موسكو تحديداً؟
ثم كيف له ان يتجاهل نجاح وزير خارجيته المقاول البارع سيرغي لافروف في شراء الوقت تلو الوقت للنظام، الذي راهن ولا يزال على الحل العسكري الذي دعمته موسكو علناً، ثم يقف ليقول: "اخذنا على عاتقنا اقناع الحكومة السورية بجنيف - 2 وتمكنا من ذلك"، وكأنه يطلب التصفيق على هذا الإنجاز، داعياً الغربيين الى اقناع المعارضة بالمشاركة في المؤتمر من دون شروط مسبقة، في حين تبرز الشروط المسبقة عنده وعند النظام لأنهما طالما اعتبرا المعارضة جماعات من الارهابيين.
طبعاً ليس هناك من ينكر ان المذابح في سوريا استجلبت بعد بطش النظام بالشعب عناصر من المتطرفين والارهابيين الى الساحة على قاعدة ان الدم يستسقي الدم، وخصوصاً بخلفياته المذهبية المتأججة التي تهدد المنطقة كلها، ولا هناك من ينكر ان التنظيمات المسلحة باتت الآن منتشرة على كل الاراضي السورية مثل قنبلة عنقودية، وانها تزداد انتشاراً بعد انزلاق ايران واذرعها العسكرية الى القتال دعماً للنظام، ولكن عندما يحمّلها بوتين المسؤولية عن العنف يجب عليه ان يتذكر أنه لم يكن إلا نتيجة العنف الذي مارسه النظام ورعته موسكو وتعامت عنه اميركا.
على بوتين ان يتذكر ان المتظاهرين السوريين ظلوا يهتفون "سلمية سلمية" لمدة سبعة اشهر ويتساقطون بالذخيرة الروسية، قبل ان تغرق سوريا في الدم والدمار!