الرئيسة \  واحة اللقاء  \  بوغدانوف × "حزب الله"!

بوغدانوف × "حزب الله"!

09.12.2014
علي نون



المستقبل
الاثنين 8-12-2014
ما ظهر من محادثات الديبلوماسي الروسي الرفيع المستوى والمقام ميخائيل بوغدانوف في بيروت، يشير الى افتراق جوهري بين بلاده ومحور الممانعة المحلية في أبرز قضيتين مطروحتين في وجه اللبنانيين: تورط "حزب الله" في سوريا. والفراغ في موقع رئاسة الجمهورية.
وكأن موسكو بداية، تتحدث بلسانين وتعتمد سياستين خارجيتين. واحدة منطقية طبيعية موزونة تأخذ الأمور كما هي من دون فرضيات واستطرادات وحسابات انتهازية خاصة، مثلما ظهر من محادثات بوغدانوف في بيروت. وثانية طموحة وخطيرة وتكاد ان تحطم كل ما بُني منذ عقدين على أنقاض الحرب الباردة بين روسيا والغرب مثلما هو الحال إزاء أزمة اوكرانيا وضمّ القرم والوضع السوري!
وجيّد ان الازدواجية الروسية هنا تخدم لبنان ولا تضرّه، خصوصاً وأنها تحطم مناحي الأوهام المتحكّمة بقرارات "حزب الله" في الشأنين السوري والرئاسي.. وهوية صاحب المطرقة هنا، هي مصدر الفرادة! بحيث ان التمسك بـ"إعلان بعبدا" يعني في الإجمال والعموم والمحصّلة، ان كل تنظيرات الحزب التي حاول ولا يزال تسويقها لتبرير شططه الخطير في سوريا، لا تعني شيئاً عند صديقه أو حليفه (الموضوعي) في موسكو. وهو الذي يعرف أكثر من غيره، تفاصيل ومآلات الوضع في "القطر الشقيق"!
وهذا ليس تفصيلاً عابراً. بل الغريب هو ان موسكو تتكلم وليس واشنطن! وكأن الاولى تقول لـ"حزب الله" إن الثانية لا تريد أكثر مما يفعله في سوريا! ولذلك تدبّ الصوت حياله معتبرة "إعلان بعبدا" هو الصحّ وتدخّله هو الغلط، وتحاول ان "تلفت" نظره الى ان ذلك التدخل وصل الى سقفه: لم يكن ولن يكون حاسماً في مسار الوضع السوري. وصار من الضروري ان يخرج من أوهام قدرته على لعب أدوار تقريرية جذرية هناك، خصوصاً وأن احد تلك الأوهام يتحطم يومياً عند حدود لبنان الشرقية: بدلاً من ان يقضي على خطر من يعتبرهم "إرهابيين وتكفيريين" في سوريا، جَلَبَ هؤلاء بالجملة الى لبنان!
.. والحال بالنسبة الى الفراغ الرئاسي لا يختلف كثيراً: موسكو تقول، وليس غيرها، إن لعبة تعطيل الانتخابات الرئاسية من خلال التمسك بشخص معين وصلت الى خواتيمها. وآن الأوان لطي الصحفة والحدّ من الخسائر التي تصيب الجميع في لبنان جرّاء استمرار الفراغ في الموقع السيادي الأول.
وهذا (مجدداً) كلام اصدقاء لـ"حزب الله" وليس أخصاماً له! وفيه تحديداً دعوة الى الاستيقاظ من وهم انه يربح وغيره يخسر. أو انه قوي وغيره ضعيفّ، أو انه قادر على الدفع باتجاه أمور ميثاقية ودستورية اخرى من خارج النص الانتخابيّ!
هل سيضم "حزب الله" غداً الرفيق بوغدانوف الى لائحة المتآمرين على المقاومة والممانعة! ام سيطنّش عن الموضوع تماماً ويستمر في المكابرة فيما خسائره وخسائر لبنان معه، تتراكم بطريقة مناقضة لسفر الرؤيا الإلهية عنده؟!