الرئيسة \  تقارير  \  بوليتيكو  :لماذا فشلت أمريكا في إغلاق معتقل جوانتانامو حتى الآن؟

بوليتيكو  :لماذا فشلت أمريكا في إغلاق معتقل جوانتانامو حتى الآن؟

25.01.2022
ساسة بوست


ساسة بوست
الاثنين 24/1/2022
في مقالٍ  نشرته مجلة “بوليتيكو” الأمريكية، يحكي الدبلوماسي الذي قاد جهود إدارة أوباما لإغلاق جوانتانامو، المعتقل سيئ السمعة عن تجربته بوصفه مبعوثًا خاصًّا لإنجاز هذه المهمة، والدروس المستفادة منها، وما يتطلبه الأمر لإنجازها.
عمل “لي ولوسكي” تحت قيادة أربعة رؤساء أمريكيين في مناصب قانونية وأخرى متعلقة بالأمن القومي، كان آخرها مستشارًا خاصًّا للرئيس بايدن، وقبلها شغل منصب المبعوث الأمريكي الخاص لإغلاق جوانتانامو في إدارة باراك أوباما؛ وهو شريك في مكتب المحاماة Jenner & Block LLP، الذي مثَّل معتقل جوانتانامو ماجد خان، وبعض عائلات ضحايا هجمات 11 سبتمبر (أيلول).
عندما أدى دونالد ترامب اليمين لتولي منصب رئيس الولايات المتحدة، كان “ولوسكي” يقود سيارته على إحدى طرق مقاطعة هدسون بولاية نيوجيرسي، عائدًا من واشنطن العاصمة إلى منزله في نيويورك، يوم العشرين من يناير (كانون الثاني) 2017، بعد انتهاء فترة عمله بوصفه مبعوثًا خاصًّا للرئيس باراك أوباما لإغلاق جوانتانامو.
في اليوم السابق، كان قد غادر وزارة الخارجية للمرة الأخيرة، بعدما أزال هو وفريقه اللافتات التي تزين باب جناحهم الأمامي، كانوا يعرفون أن المكتب المخصص لإغلاق جوانتانامو سيُغلق قريبًا، على خلفية وعد ترامب بالتراجع عن سياسة الإغلاق التي تبناها أوباما، بل وتعهده بملء مرفق الاحتجاز الأمريكي في خليج جوانتانامو بـ”بعض الرجال السيئين”.
يستدرك “ولوسكي”: “ومع ذلك، كان لدينا الكثير لنفخر به، ففي الأشهر الثمانية عشر الصاخبة منذ أدائي اليمين (لشغل منصب المبعوث الخاص)، قللنا عدد نزلاء جوانتانامو كثيرًا، بعدما نقلنا 75 معتقلًا إلى 15 دولة، وكنتُ أسافر أنا وطاقم العمل باستمرار  من جوانتانامو إلى عدة دول حول العالم للتفاوض بشأن إعادة توطين المعتقلين، ومنها إلى غرفة العمليات في البيت الأبيض حيث تتخذ قرارات النقل النهائية، مرارًا وتكرارًا”.
ورطة قانونية وسياسية
كان الرئيس أوباما ونائبه يشاركان بانتظام، ويتابعان الجهود الرامية إلى إغلاق جوانتانامو باهتمام، ويستشهد الكاتب على ذلك بسؤال الرئيس ذات مرة: “ما أخبار نقل المعتقل المحتمل إلى بنين؟”؛ يضيف الدبلوماسي الأمريكي السابق: لقد أدركتُ (مثلما أدرك الرئيس، وشعر بالاستياء الشديد من ذلك) أن الورطة القانونية والسياسية التي نشأت حول جوانتانامو تعني أنه لا يمكن “إغلاقه” ببساطة، وهذه المهمة التي عدها كثيرون حاسمة لطي صفحة فصلٍ مظلم من التاريخ الأمريكي اتضح أنها أكثر فوضوية وإملالًا ومخاطرة من الناحيتين القانونية والسياسية مما كنت أتوقع”.
لقد كان إقناع الشركاء الأجانب بالموافقة على استقبال معتقلي جوانتانامو السابقين تحديًا دبلوماسيًا شديد الصعوبة، وفي الداخل الأمريكي، جعلت البيئة السياسية شديدة الاستقطاب والعقبات القانونية العديدة تلك العملية أكثر صعوبة، فقد أقيم مرفق الاحتجاز والبنية التحتية القانونية المحيطة به على عجل، ولم يكن غبار الصدمة الوطنية المروعة التي أصابت البلاد قد انجلى بعد، دون أن يلقي أحد بالًا للتداعيات القانونية المستقبلية، بما في ذلك احتمالية التوصل إلى إدانات جنائية.
فوضى جوانتانامو         
يتابع المبعوث الخاص السابق تقييمه للمشهد قائلًا: “فوضى غوانتانامو إلى حدٍّ كبيرٍ صنعناها بأنفسنا؛ يوم قررنا التورط في التعذيب، واحتجاز المعتقلين إلى أجلٍ غير مسمى دون توجيه تهمة، وإنشاء لجان عسكرية مختلة وظيفيًّا، وحاولنا تجنب إشراف المحاكم الفيدرالية، وها نحن بعد 20 عامًا من افتتاح جوانتانامو يوم 11 يناير (كانون الثاني) 2002، وقد غادرت الولايات المتحدة أفغانستان، وحلت الذكرى العشرين لهجمات الحادي عشر من سبتمبر، وتتوالى الأيام؛ لم يُحاكَم الجناة المزعومون، ولا يزال عديد من الرجال محتجزين إلى أجلٍ غير مسمى دون توجيه تهم إليهم، وها هو الرئيس جو بايدن يكمل سنته الأولى في منصبه، ولا يزال مكتبي في وزارة الخارجية فارغًا، لقد انتهت أطول حرب خضناها، ومع ذلك لا يزال جوانتانامو مفتوحًا”.
لم تتغير التحديات التي فرضها إغلاق معتقل جوانتانامو، لكن كل شيء آخر تقريبًا قد تغير، لقد تجاوز العالم حقبة 11 سبتمبر، ويبدو جوانتانامو اليوم وكأنه من بقايا زمنٍ آخر، حتى أكثر مما كان عليه إبان عهد أوباما، ولذلك على بايدن، الذي سيذكره التاريخ بوصفه رئيسًا أنهى حربًا كان بإمكان ثلاثة من أسلافه أن يسدلوا عليها الستار لكنهم لم يفعلوا ذلك، إعادة الالتزام بإغلاق المعقتل إلى الأبد، قد يتطلب هذا حلولًا أكثر جرأة من سلفه وبعض التنازلات المنقوصة – بما في ذلك التخلي أخيرًا عن تجربة المحاكمات العسكرية – بالإضافة إلى القدر ذاته من التصميم والقيادة الذي أظهره بايدن لإخراج الولايات المتحدة من أفغانستان؛ لقد حان الوقت لإنهاء عملية استمرت سنوات لاستعادة المصداقية الأخلاقية للولايات المتحدة من خلال فك العقدة التي ربطناها بأيدينا في جوانتانامو.
يكمل الكاتب: “منذ توليت منصبي في يوليو (آذار) 2015، كنا نعلم أنه سيكون من الصعب على أوباما الوفاء بالوعد الذي قطعه أثناء حملته الانتخابية بإغلاق مرفق الاحتجاز سيئ السمعة في كوبا؛ كان السبب الرئيس هو: القانون الذي أقره الكونجرس خلال فترة ولايته الأولى، والذي يُزعم أنه يهدف إلى منع الرئيس (وهذا ربما يكون مخالفًا للدستور في رأيي) من نقل أي معتقل في جوانتانامو إلى الولايات المتحدة تحت أي ظرف.
قبل ذلك، كان من المسلم به أننا على الرغم من إعادة توطين أكبر عدد ممكن من السجناء في الخارج، فإن حفنة ممن ينتظرون محاكمات اللجان العسكرية – مثل المتهمين في هجمات 11 سبتمبر (أيلول) وتفجير يو إس إس كول – سيظلون محتجزين لدى الولايات المتحدة، والمكان المثالي لاحتجازهم هو أي موقع آمن بخلاف جوانتانامو. لكن حظر الكونجرس حاصر هؤلاء المعتقلين في كوبا، ومنع أوباما من إغلاق جوانتانامو، لذلك ركزنا جهودنا دون كلل على إخراج أكبر عدد ممكن من المعتقلين قبل نهاية رئاسة أوباما، حتى لو لم يغلق المعتقل نفسه في تلك الفترة.
الخروج من معتقل جوانتانامو
لكي يتسنى للمعتقل مغادرة جوانتانامو، كانت الخطوة الأولى هي: إجراء مراجعة حكومية دقيقة وشاملة لتحديد ما إذا كان استمرار احتجاز هذا الشخص ضروريًّا لمواجهة أي تهديد مستمر وجسيم للولايات المتحدة؛ فإذا خَلُصَت جميع الوكالات والإدارات الست المشاركة في المراجعة بالإجماع إلى أنه لا يشكل مثل هذا التهديد، تصدر الموافقة على نقل المعتقل؛ بعد ذلك، تأتي مرحلة التفاوض بشأن إعادته إلى بلده الأصلي، أو إعادة توطينه في بلد ثالث، إلى جانب الترتيبات الأمنية والضمانات الدبلوماسية التي تهدف إلى تعظيم فرص إعادة اندماجه بنجاح في الحياة خارج جوانتانامو.
وافقت بعض الدول على استقبال المعتقلين لعددٍ من الأسباب؛ منها اعتقاد بعض القادة الأجانب أن المعتقل كان بغيضًا وأرادوا ببساطة مساعدتنا في إغلاقه، بينما كان بعض الشركاء مترددين حتى في قبول الفكرة، على الرغم من أنهم استفادوا أكبر استفادة من الجهود الهائلة التي بذلتها الولايات المتحدة منذ 11 سبتمبر لإبقائنا – وهم أيضًا – في أمان، على حد وصف الكاتب.
فيما أراد آخرون الحصول على تنازلات غير ذات صلة بالمرة، مقابل التزامهم بإعادة توطين المعتقلين؛ ويضرب الكاتب على ذلك مثلًا: سفيرٌ أجنبيٌّ التقاه الكاتب في بداية فترة عمله كمبعوثٍ خاصٍّ على مائدة الإفطار، وما كان منه إلا أن افتتح الوجبة بعرضٍ سخيٍّ نيابة عن بلاده باستقبال ما يصل إلى 20 سجينًا من جوانتانامو، وما إن انتهت الوجبة حتى اتضح أن العرض كان مشروطًا ببيع معدات عسكرية متطورة للغاية، وهكذا لم يتوصلا إلي اتفاق، وبعض القادة كان أوباما يروق لهم شخصيًّا، لذا وافقوا على استقبال المعتقلين كمجاملةٍ شخصية، وقد كانت هذه الاتفاقات هي الأسهل على الإطلاق، كما يصفها المبعوث الأمريكي.
وبحلول نهاية فترة رئاسة أوباما، يرى الكاتب أنهم كانوا قد نجحوا إلى حدٍّ كبير في إنجاز مهمتهم المُعَدَّلة، غادر ما يقرب من 800 شخص جوانتانامو منذ افتتاحه في عام 2002، واعتقل 116 شخصًا هناك عندما تولى مبعوث أوباما منصبه في عام 2015، لكن بينما كان يقود سيارته عبر جسر جورج واشنطن في يوم تنصيب ترامب، كان عدد الباقين 41 معتقلًا فقط، كانوا قد تفاوضوا بالفعل على نقل عدد قليل منهم، لولا أن الوقت داهمهم، ولم يستطيعوا تنفيذ الصفقة، والباقون كانوا – ولا يزالون – محاصرين خلف قضبان الإجراءات العسكرية التي دامت لسنوات.
يستدرك الكاتب قائلًا: مع انتهاء فترة رئاسة أوباما، كنا قد أحرزنا تقدُمًا في الحد من الظلم المتمثل في الاعتقال لأجلٍ غير مسمى دون توجيه تهمة، لولا أن وصمة العار التي لحقت بالولايات المتحدة، والتي تحمل اسم جوانتانامو، ظلت قائمةً؛ فلم يغادر سوى معتقل واحد فقط (بموجب اتفاق جرى التفاوض عليه أثناء إدارة أوباما)، فيما لم يحصل أيٌّ من المعتقلين الباقين على فرصة.
تكلفة مالية.. وإضرار بالسمعة
ومع ذلك، تزايدت تكاليف صيانة مرفق الاحتجاز باطراد، عند تولي ترامب منصبه، كانت الولايات المتحدة تنفق مئات الملايين من الدولارات سنويًّا لتشغيل المنشأة، أو ما يقرب من 13 مليون دولار لكل محتجز سنويًّا (قارن ذلك بالتكلفة السنوية البالغة 78 ألف دولار لاحتجاز السجين في السجون الفيدرالية التي تضم عشرات (الإرهابيين) المدانين، دون الإبلاغ عن أي حوادث أمنية)؛ بل كان جوانتنامو نفسه – الذي كان يفترض عند إنشائه في عام 2002 أن يكون منشأة مؤقتة – يتدهور بنيويًّا أيضًا.
يسلط الكاتب الضوء على الضرر الذي ألحقه جوانتانامو بسمعة الولايات المتحدة وأمنها القومي؛ فلم يكن خبط عشواء أن تُلبِسَ داعش رهائنها الغربيين بزات برتقالية اللون وقت إعدامهم، وإنما كانت إشارة تذكير بملابس معتقلي جوانتانامو الأوائل، وما هذه المنشأة والصور المرتبطة إلا وسيلة تحريضٍ على كراهية الولايات المتحدة، وأداة لتجنيد للإرهابيين، على حد وصف الكاتب، ولولا ذلك، لما اتفق قادة الحزبين – بما في ذلك جورج دبليو بوش وجون ماكين وكولين باول وكوندوليزا رايس – على ضرورة إغلاقها، حتى إن مئات المعتقلين غادروا جوانتانامو أثناء رئاسة بوش، بعد أن غيَّر مساره جزئيًّا بشأن هذه المسألة.
أما ترامب، فلم يأبه طبعًا بأيٍّ من ذلك، بل كان إبقاء النزلاء قابعين في جوانتانامو متسقًا مع رغبته في أن يتعامل بقسوة مع الأشرار، حتى لو كان بعض الأشرار مرضى، لكن للإنصاف – بحسب الكاتب – لم يكن ترامب ليستفيد لولا أن أجواء التسييس الكثيفة خيمت على قضية جوانتانامو قبل فترة طويلة من توليه الرئاسة، وبعدما كان الحزبان يتفقان إلى حد كبير على ضرورة إغلاق المنشأة، أصبح جوانتانامو ككرة يتقاذفها الساسة، ولا يزال السجن شاهدًا ليس فقط على أخطاء أمريكا في الحرب ضد ما تصفه بـ(الإرهاب)، ولكن أيضًا على النوع السام من السياسات التي بدأت خلال عهد أوباما وتفاقمت منذ ذلك الحين.
الجمود الأمريكي المتأصِّل
بدأ المبعوث السابق يفكر مرة أخرى في جوانتانامو مع قدوم عام 2021، عندما تولى بايدن الرئاسة، وهو النائب السابق للرئيس أوباما، وبالتالي كان ملتزمًا تمامًا بسياسة الإغلاق التي تبنتها إدارته، لكن على الرغم من أن العالم قد تجاوز حقبة الحرب على (الإرهاب)، وأنجزت الولايات المتحدة مهمة الانسحاب من أفغانستان، لا يزال معتقل جوانتانامو صامدًا شاهدًا على حقبة سابقة عفى عليها الزمن.
هذه الطريقة الجامدة في إدارة الأمور لسنواتٍ أو عقودٍ إحدى سمات مؤسسة الأمن القومي الأمريكي، ويستشهد الكاتب على ذلك بفترة خدمته في إدارة مكافحة (الإرهاب) التابعة لمجلس الأمن القومي، حين فوجئ بوفرة الموارد الحكومية التي كانت لا تزال مكرسة لمواجهة التهديد السوفيتي البائد.
يواصل الكاتب حديثه قائلًا: لا يزال جوانتانامو مفتوحًا حتى اليوم بسبب الجمود نفسه، لكن حان الوقت لطي هذه الصفحة الباقية من كتاب الحروب الأبدية، ولكي أكون واضحًا، كنت أعتقد دائمًا أن الولايات المتحدة كانت على حق في احتجاز مقاتلين أعداء مفترضين في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، واتخاذ أكثر الخطوات عدوانية لتعقب من هاجمونا في 11 سبتمبر واعتقالهم.
تغيُّر بيئة التهديد جذريًّا
لكن ذلك كان قبل عقود، أما اليوم فقد تغيرت بيئة التهديد تغييرًا جذريًا؛ بعد تفكيك تنظيم القاعدة تقريبًا، أو على الأقل هيكل القيادة والسيطرة المركزي في أفغانستان الذي هاجمنا في عام 2001، وأصبحت (الجماعات الإرهابية) المحلية تشكل تهديدًا أكثر إلحاحًا من التهديدات الخارجية، وأضحى الأعداء الأساسيون الذين نواجههم الآن هم: الدول القومية، وليس الفاعلون غير الحكوميين الذين كنا نخشاهم في أعقاب 11 سبتمبر.
والمعتقلون أنفسهم باتوا من بقايا زمان ومكان مختلفين؛ فأكبرهم يبلغ من العمر 75 عامًا الآن، وربما يقضي الكثير منهم نحبه داخل جوانتانامو، علاوةً على ذلك، غالبًا ما يُنسى أن قليلًا فقط من هؤلاء النزلاء متهمون بالتواطؤ المباشر في الهجمات التي استهدفت الأمريكيين، فيما ارتكب معظمهم جرائم كان من الممكن، وكان ينبغي منذ زمن بعيد، مقاضاتهم بسببها في أماكن مثل إسرائيل والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وإندونيسيا وماليزيا وكينيا.
ثم إذا كان هؤلاء المعتقلون من البيض، وليس من الملونين أو الأسود، فهل كانت هناك أية فرصة واقعية لأن تُقدِم الولايات المتحدة – وهي دولة ملتزمة بسيادة القانون – على سجنهم دون توجيه اتهامات لهم طوال عقود؟ يجيب الكاتب باختصار: لا أعتقد ذلك.
بالإضافة إلى جميع الأسباب القديمة لإغلاق معتقل جوانتانامو، يرى المبعوث السابق أن التزام بايدن بأن تقدم الولايات المتحدة للعالم نموذجًا ديمقراطيًا يحترم القواعد – مع وضع حقوق الإنسان في قلب السياسة الخارجية الأمريكية – يوفر قوة دفع جديدة.
وسيساعد إغلاق السجن في استعادة المصداقية الأمريكية في الكفاح ضد الاستبداد، الذي وصفه بايدن – وحالفه الصواب في وصفه – بوصفه تحديًا رئيسًا للحكم الديمقراطي والقيادة الأمريكية للعالم.
ما ينبغي على بايدن فعله
في الجزء الأخير من المقال المُطَوَّل يقول الكاتب: ينبغي على بايدن إنهاء المهمة التي بدأها أوباما، حتى لو اضطر إلى اتخاذ خطوات أكثر عدوانية مما اتخذه أوباما، وتحديدًا البحث عن طرق لوقف محاكمة المعتقلين أمام لجان عسكرية، والتفكير في الاعتماد أكثر على تسهيل الملاحقات القضائية الأجنبية في القضايا الصعبة، وإطلاق سراح المعتقلين في نهاية المطاف الذين لا يثبت اتهامهم بارتكاب جريمة في أي بلد، بل والاستناد بقدر الحاجة إلى السلطات الرئاسية التي تكفلها المادة الثانية من الدستور لإغلاق معتقل جوانتانامو في النهاية.
صحيحٌ أن إدارة بايدن أحرزت بعض التقدُّم على هذا الطريق المتجمِّد، لكن لا يزال 39 معتقلًا يقبعون في جوانتانامو، حصل 13 منهم على تصريح بالمغادرة، بالإضافة إلى 14 شخصًا محتجزون بدون تهمة، يُطلَق عليهم اسم “سجناء إلى الأبد”، وعلى الرغم من توجيه اتهامات إلى الـ12 الباقين، فإنهم عالقون في شباك إجراءات لا تنتهي أمام اللجان العسكرية، وكلهم يزعمون أنهم تعرضوا للتعذيب وهم في قبضة الولايات المتحدة، ما يؤثر على مسار القضايا برمتها، وقضية ماجد خان خير شاهد على ذلك.
ويختم الكاتب مقاله بالقول: إذا نجح بايدن في إخراج هؤلاء الـ27 سجينًا، فستبقى دستة قضايا هي الأصعب، تمثل الجوهر الصلب لمشكلة جوانتانامو، ولا يزال حلها مشحونًا سياسيًا، وبعد قرابة عقدين من الزمان، أصبح شبه مؤكد أن الولايات المتحدة لن تكون قادرة أبدًا على انتزاع عقوبة الإعدام التي تسعى إليها في قضايا 11 سبتمبر؛ والحل الوحيد للخروج من هذه الفوضى هو: التوصل لاتفاقيات مع المتهمين في هجمات 11 سبتمبر وتفجير المدمرة “يو اس اس كول” للإقرار بالذنب ما يضمن سجنهم مدى الحياة في منشآت أخرى، مع ضرورة التنسيق مع عائلات الضحايا.